سياسة

كيف وصل البرهان وحميدتي لنقطة اللاعودة؟


تحول درامي في السيناريو السوداني، الذي كان بين قاب قوسين أو أدنى من إنهاء أزمة التنافس على السلطة.

هذا التحول الذي وصل إلى مرحلة “اللاعودة”، جعل الكثيرين مهتمين بما دار خلف الكواليس في الأيام الأخيرة ما قبل النزاع، الذي اندلع بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”.

فماذا حدث قبل الحرب؟

موقع “أكسيوس” الأمريكي كشف تفاصيل الساعات الأخيرة التي سبق ما وصفه بـ”لحظة الانهيار”. قائلا إن “التوترات انفجرت الأسبوع الماضي عندما لم يتمكن القائدان من إيجاد أرضية مشتركة بشأن النقطة العالقة الأخيرة في التوصل إلى اتفاق لمنح السلطة لحكومة مدنية”.

ونقل الموقع الأمريكي عن أربعة مصادر مطلعة على المفاوضات قولها، إن التوترات بين الرجلين شقت طريقها إلى التصاعد بسرعة مع بدء المحادثات لإعادة البلاد إلى طريق الديمقراطية.

وقال مصدر سوداني شارك في المفاوضات، إن “العداء تعمق في الأسابيع الأخيرة، بعد أن رفض البرهان وحميدتي الترحيب ببعضهما البعض أو تبادل أي كلمات، حتى في أثناء المحادثات”.

وقال مسؤول أمريكي كبير ومصدر سوداني لموقع “أكسيوس”. إن “الخلاف تركز على الشكل الذي سيبدو عليه التسلسل القيادي العسكري في السودان، بعد تشكيل الحكومة المدنية”.

وأضاف المسؤول الأمريكي الكبير ومسؤول أمريكي آخر: “بينما أراد البرهان أن يكون الشخصية العسكرية العليا والوحيدة التي تقدم تقاريرها مباشرة إلى الحكومة المدنية. طالب حميدتي بأن تكون له قناته المباشرة الخاصة مع القادة المدنيين دون الاضطرار إلى المرور عبر قائد الجيش”.

المصدر السوداني قال إن “إحدى الأفكار التي نوقشت خلال المفاوضات كانت آلية تقاسم السلطة بين الرجلين، والتي من شأنها أن تمنح كلا منهما حق النقض على القرارات”. مشيرًا إلى أن “الاتفاق كان جاهزًا للتوقيع الأسبوع الماضي؛ فدول مجموعة الرباعية من أجل السودان، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية قدمت اقتراحًا للطرفين”.

وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن وزير الخارجية أنتوني بلينكين اتصل بالبرهان وحثه على حل النقطة الشائكة الأخيرة، مذكرا إياه بالتزامه بالعودة إلى الانتقال المدني.

إلا أنه بحلول ذلك الوقت، كانت المحادثات انهارت بين البرهان ودقلو، وبدأ الجانبان في الاستعداد لمواجهة مسلحة”، بحسب مصدر منفصل مطلع على الوضع لـ”أكسيوس”.

كيف حدث ذلك؟

يقول المصدر إن “البرهان، الذي كان يخشى هجوم حميدتي، بدأ في إصدار أوامر بإرسال تعزيزات إلى الخرطوم مطلع الأسبوع الماضي”. مضيفًا: “في الوقت نفسه، بدأ حميدتي في إرسال قواته إلى قاعدة مروي الجوية شمال العاصمة، والتي استضافت طائرات مقاتلة وطيارين “.

وبحسب “أكسيوس”، فإن البرهان اعتبر تحرك قوات الدعم السريع إلى القاعدة الجوية وإلى الخرطوم بمثابة استفزاز، فأصدر في 13 أبريل الجاري تحذيرًا عامًا قويًا ضد قوات الدعم السريع.

وبعد يومين، اندلع القتال في الخرطوم وما حولها، بالإضافة إلى مدن وبلدات أخرى، ليخرج السودان مرة أخرى، عن مسار الانتقال إلى الديمقراطية.

ومنذ بدء القتال، دعت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها وشركائها، بما في ذلك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل ومصر والنرويج والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا إلى وقف إطلاق النار.

وفشلت محاولتان لهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة في غضون ساعة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث ألقى كل من البرهان وحميدتي باللوم على بعضهما البعض.

وقال المسؤول الأمريكي الكبير “نحن لا نركز على الاتهامات المختلفة من قبل أي من الجانبين لأنها تشتيت الانتباه. القضية المطروحة هي الدور الذي لعبه هذان الرجلان في عرقلة الانتقال عن مساره … هناك الكثير من اللوم يجب أن نتجاوزه. ولكن في هذه المرحلة، ينصب تركيزنا بنسبة 100٪ على وقف القتال.”

الخطوة التالية

بعد ضغوط دبلوماسية، أعلنت قوات الدعم السريع والجيش بشكل منفصل يوم الجمعة أنهما سيلتزمان بوقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة.

ورحب بلينكن في بيان بإعلان وقف إطلاق النار، لكنه قال إنه من الواضح أن “القتال مستمر وهناك عدم ثقة خطيرة بين القوتين”.

وستسمح الهدنة للمنظمات الدولية بتقديم المساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها للسودانيين الذين حوصروا في منازلهم، وكذلك للمستشفيات المكتظة التي تواجه نقصًا حادًا في المستلزمات الطبية.

نقطة اللاعودة

وقال مصدر سوداني: “الهدف الآن هو جلب أكبر عدد ممكن من الأصوات إلى المحادثة، وأكبر عدد من نقاط النفوذ، سواء من دول الخليج، أو الأفارقة، أو من المنظمات الدولية، أو الولايات المتحدة، لمناشدة كليهما لوقف القتال، على الأقل مؤقتا حتى نتمكن من العودة الى المفاوضات التي ستؤدي الى قيادة مدنيين للسودان”.

لكن: المصدر السوداني، الذي يعرف البرهان وحميدتي، يشكك في القدرة على إقناع الجنرالات بوقف القتال قبل إعلان أحدهم النصر.

وقال المصدر “لقد تجاوزا نقطة اللاعودة في علاقتهما”.

ووصفت الأمم المتحدة الوضع الإنساني في السودان بأنه “كارثي”. وأوقفت العديد من مجموعات الإغاثة، بما في ذلك بعض وكالات الأمم المتحدة، عملياتها الإنسانية بسبب العنف.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى تعتقد أيضا أن وقف إطلاق النار المؤقت يمكن أن “يمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى