سياسة

تركيا والعودة إلى المسار الأمريكي نحو سوريا

عبدالجليل السعيد


السياق السياسي لنية أنقرة الجديدة شن عملية عسكرية في الشمال الشرقي لسوريا ضد “قوات سوريا الديمقراطية” -قسد- آخذٌ في التوجه نحو واشنطن.

 

وذلك بعدما عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من طهران خلال الأيام القليلة الماضية وليس في يديه تأييد روسي إيراني لأي عمل عسكري محتمل في سوريا.

ومع أن قادة ما يطلق عليه “مسار آستانا حول سوريا” عقدوا في إيران قمةً جمعت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بنظيريه الروسي فلاديمير بوتين والتركي أردوغان، فإن تضارب البيانات والتصريحات جعل تركيا تعيد حساباتها في التعامل مع موسكو وطهران على قاعدة فتح باب التواصل مع واشنطن، ومن خلفها حلف شمال الأطلسي، الناتو.

فتركيا، التي ترى في قوات “قسد” -ذات الغالبية الكردية- خطرًا يهدد حدودها الجنوبية، شرعت في فتح أبواب الدبلوماسية مع “البيت الأبيض” حول سوريا، وذكَّرت وتذكّر حليفها الأمريكي بأنها عضو أصيل في الناتو، وأن وجود قوات عسكرية تابعة لإيران شمال سوريا يعني وجودًا عسكريًّا إيرانيًّا على حدود دول حلف الناتو، وبالتالي طرحت تركيا على واشنطن خطة مثيرة في تفاصيلها وطبيعة تطبيقها.

المخطط التركي يهدف إلى إعادة قرابة مليونَي سوري إلى الشمال السوري، ضمن مناطق تسميها تركيا “آمنة”، وتمتد من مدينة عفرين غربًا، حتى شرقي مدينة القامشلي الاستراتيجية، على اعتبار أن أعداء تركيا هم أعداء حلف شمال الأطلسي.

لكن المفارقة التركية، التي نقلها الدبلوماسيون الأتراك لنظرائهم في واشنطن، تحتوي على معلومات تتعلق بالتعاون الروسي الوثيق مع “قوات سوريا الديمقراطية”، وبالتالي فإن أنقرة تقول إن مخططها يرمي لمنع وجود الروس على حدود الناتو، لا سيما الاقتراب جغرافيًّا من قاعدة إنجرليك التركية، جنوبي البلاد، والتي يوجد بها التجمع العسكري الأكبر لقوات الناتو في تركيا.

وعلى هذا الأساس، يُنظر إلى المخطط التركي من زوايا متعددة، أهمها أن أمريكا نفسها موجودة في شمال شرق سوريا، جنبًا إلى جنب مع القوات الروسية في بعض المناطق، وهي، أي واشنطن، مطلعة على التموضع العسكري الروسي، وعلى معرفة مباشرة بكثير من التفاصيل، نتيجة تحالفها مع “قوات سوريا الديمقراطية”، فيما يتعلق بقتال تنظيم “داعش” الإرهابي أو ما تبقى منه.

وفي الوقت نفسه يرى مراقبون أن المخطط التركي يتلاقى كمًّا وكيفًا مع ظروف الشأن الداخلي الانتخابي في تركيا، وتوجهات حزب “العدالة والتنمية”، الذي يستعد لخوض انتخابات رئاسية وبرلمانية مفصلية خلال العامين المقبلين، ومطلب إعادة السوريين إلى بلدهم بات حديث الساعة داخل الأوساط السياسية والإعلامية التركية.

خلاصة المسألة تجعل من سوريا محورًا لصراع سياسي وميداني متعدد الأوجه والاحتمالات، وغيابُ الرؤية الأمريكية حول الوضع في سوريا سمةٌ رئيسة في تعاطي إدارة الرئيس جو بايدن منذ وصوله إلى السلطة، والانفتاح العربي على هذا البلد الشقيق ربما يؤمّن في حده الأدنى انفراجةً يقبلها السوريون الواثقون بدور أشقائهم العرب، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، حيث شدد البيان الأخير لقمة هذه الدول مع أمريكا في جدة قبل أسبوعين على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للمسألة السورية، ووحدة أرضها وشعبها.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى