سياسة

النووي الإيراني.. جولات بلا نتائج وغياب للتفاهمات الجوهرية


لم تفض الجولة الخامسة من المفاوضات النووية بين الوفدين الإيراني والأميركي والتي عقدت في روما اليوم الجمعة، إلى كسر جليد الخلافات بين طهران واشنطن، خاصة في ظل تباين وجهات النظر بخصوص مسألة تخصيب اليورانيوم الذي تعتبره إيران “خطا أحمر” غير قابل للتفاوض.

وقال وزير الخارجية العمالني بدر البوسعيدي عبر منصة إكس “انتهت اليوم في روما الجولة الخامسة من المحادثات بين ايران والولايات المتحدة مع تحقيق بعض التقدم من دون أن يكون حاسما”، مبديا أمله أن يتم توضيح “القضايا العالقة” في الأيام المقبلة.

وبدأت طهران وواشنطن، العدوتان اللدودتان منذ الثورة الإسلامية في إيران التي أطاحت حكم الشاه الموالي للغرب في العام 1979، محادثات في 12 أبريل/نيسان بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ويعد هذا التواصل الأرفع مستوى بين البلدين منذ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران في العام 2015 حول برنامجها النووي والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017 – 2021) في العام 2018.

وعقب ذلك، أعاد ترامب فرض عقوبات على إيران في إطار سياسة “الضغوط القصوى”، وهو يسعى إلى التفاوض على اتفاق جديد مع طهران التي تأمل برفع عقوبات مفروضة عليها تخنق اقتصادها، لكن مسألة تخصيب اليورانيوم ستكون النقطة الخلافية الرئيسية في المحادثات.

وفي حين اعتبر الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي يمثّل واشنطن في المحادثات أن الولايات المتحدة “لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب”، ترفض طهران هذا الشرط مشددّة على أنه يخالف الاتفاق الدولي المبرم معها، وتتمسّك بحقّها ببرنامج نووي لأغراض مدنية.

وشدّد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على أن إيران لا تنتظر الإذن من “هذا أو ذاك” لتخصيب اليورانيوم، مبديا شكوكا بإمكان أن تفضي المباحثات مع الولايات المتحدة إلى “أي نتيجة”.

وعشية المحادثات، أعلنت إيران أنها منفتحة على “مزيد من عمليات التفتيش” لمنشآتها النووية. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي “نحن واثقون بالطبيعة السلمية لبرنامجنا النووي، وبالتالي لا مشكلة لدينا من حيث المبدأ في مزيد من عمليات التفتيش والشفافية”.

وأضاف أن “خلافات جوهرية” ما زالت قائمة مع الولايات المتحدة محذّرا من أنه إذا أرادت الولايات المتحدة منع إيران من تخصيب اليورانيوم “فلن يكون هناك اتفاق”.

من جهته، اعتبر خبير العلوم السياسية الإيراني محمد ماراندي في تصريح لوكالة فرانس برس أن “سيادة إيران خط أحمر، وأنها لن تتخلى بأي حال من الأحوال عن الحق بتخصيب اليورانيوم”.

وتابع “إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع أن توقف إيران التخصيب، فلن يكون هناك أي اتفاق. الأمر بهذه البساطة”.

وخلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ الثلاثاء، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إيران تعتبر تخصيب اليورانيوم “مسألة فخر وطني” و”وسيلة ردع”.

وحدّد الاتفاق الدولي المبرم مع طهران حول برنامجها النووي سقف تخصيب اليورانيوم عند 3.67 في المئة. إلا أن الجمهورية الإسلامية تقوم حاليا، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتخصيب حتى نسبة 60 في المئة، غير البعيدة عن نسبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

وردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق المبرم بين إيران وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة قبل انسحابها، وكذلك الصين وروسيا، تحرّرت إيران تدريجا من الالتزامات التي ينص عليها.

وتشتبه بلدان غربية وإسرائيل التي يعتبرها خبراء القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، أن إيران تسعى لحيازة قنبلة ذرية، الأمر الذي تنفيه طهران مشدّدة على أن برنامجها النووي غاياته مدنية حصرا.

ونقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مسؤولين أميركيين، طلبوا عدم كشف هوياتهم، الثلاثاء أن إسرائيل تستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وجاء في رسالة تحذيرية وجّهها وزير الخارجية الإيراني إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نشرت الخميس “إذا تعرضت المنشآت النووية لجمهورية إيران الإسلامية لهجوم من قبل النظام الصهيوني، فإن الحكومة الأميركية (…) ستتحمل المسؤولية القانونية”.

ويشغّل القطاع النووي الإيراني أكثر من 17 ألف شخص، بمن فيهم في مجالي الطاقة والطبابة، وفق المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي.

وأوضح كمالوندي في وقت سابق من الشهر الجاري أن “هولندا وبلجيكا وكوريا الجنوبية والبرازيل واليابان تخصّب اليوارنيوم من دون حيازة أسلحة نووية”.

وجرت المحادثات الجمعة قبيل اجتماع لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقرّر في يونيو/حزيران في فيينا، سيتم خلاله التطرّق خصوصا إلى النشاطات النووية الإيرانية.

وينصّ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران والذي بات اليوم حبرا على ورق رغم أن مفاعيله تنتهي مبدئيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على إمكان إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال لم تف بالتزاماتها.

وفي هذا الإطار، أكّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الشهر الماضي أنّ بلاده وألمانيا وبريطانيا لن تتردّد للحظة في إعادة فرض العقوبات على إيران إذا تعرّض الأمن الأوروبي للتهديد بسبب برنامجها النووي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى