تداعيات الإغلاق الحكومي: من يدفع الثمن في أمريكا؟


تجدد خطر شلل المؤسسات الفيدرالية في الولايات المتحدة قبل شهرين من الانتخابات. وذلك بعد تأجيل التصويت في الكونغرس بسبب خلافات داخل الأغلبية.

وأعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، تأجيل التصويت قائلاً: “سنعمل على حل الأمر طوال عطلة نهاية الأسبوع”.

ويواجه جونسون معارضة من نواب جمهوريين قلقين بشأن تجاوز سقف الميزانية. ويسعون إلى فرض مزيد من الانضباط المالي.

وحال التمرد دون حصول جونسون على دعم كافٍ من الجمهوريين لتمرير تمديد ميزانية الحكومة لستة أشهر دون الحاجة لدعم الأقلية الديمقراطية.

ويتعين على الكونغرس الموافقة على ميزانية عام 2025 قبل نهاية سبتمبر، وهو نهاية السنة المالية، لضمان استمرار تمويل كافة الخدمات.

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيحدث “إغلاق حكومي” يؤدي إلى إحالة ملايين الموظفين الفيدراليين إلى البطالة المؤقتة، وتعليق بعض المساعدات الغذائية. وعرقلة الحركة الجوية وغيرها من الخدمات.

كما أضيف إلى مشروع الميزانية نص تشريعي. تحت ضغط من المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، يلزم الناخبين بتقديم إثبات الجنسية عند التسجيل للتصويت في الانتخابات الفيدرالية.

ظاهرة تتكرر في أمريكا

ولا تعد هذه الظاهرة غريبة على الولايات المتحدة. فقد مر اقتصادها بـ 18 إغلاقاً حكومياً مشابها منذ عام 1976.

وكانت المرة الأخيرة التي عايشت بها الولايات المتحدة مثل هذه الظروف في عام 2013. حيث أغلقت الحكومة لمدة 16 يوماً، مما كلف الاقتصاد الأميركي 24 مليار دولار وفقاً لتقديرات ستاندرد آند بورز.

وقدّر مكتب الإدارة والميزانية الأميركي خسائر الإنتاج خلال تلك الفترة بحوالي ملياري دولار، بينما بلغت الخسائر في إيرادات قطاع السياحة 500 مليون دولار.

وهذه الخسائر تمثل الأثر المباشر للإغلاق الحكومي على أكبر اقتصاد في العالم. بالإضافة إلى ذلك، هناك خسائر غير مباشرة مثل تعطل أعمال بعض الشركات الخاصة التي تعتمد جزئياً على الحكومة، إلى جانب انخفاض الإنفاق من قبل الموظفين الفيدراليين.

ظاهرة استثنائية في الولايات المتحدة

وقد يتسائل البعض، لماذا تستمر هذه الظاهرة الأمريكية الفريدة في الحدوث؟

بالنسبة لمعظم مناطق العالم، يُعتبر الإغلاق الحكومي خبراً سيئاً للغاية – فهو قد يكون نتيجة لحدوث ثورة أو غزو أو كارثة.

أما أن يقوم قادة واحدة من أقوى الأمم على الأرض بإرادتهم بافتعال أزمة توقف الخدمات العامة وتُخفّض من النمو الاقتصادي، فهذا أمر مفاجئ للكثيرين.

 

وفي بعض الحالات كان ينجح الكونغرس في تجنب الإغلاق كما حدث العام الماضي. عبر تمرير مشروع قانون إنفاق مؤقت أبقى الحكومة في عملها لمدة 45 يوماً آخر.

والسبب وراء استمرار هذه الظاهرة بالحدوث في الولايات المتحدة. إن النظام الفيدرالي الأمريكي في الحكم يسمح بتحكم أحزاب مختلفة بأمور حكومية ووطنية.

وهذه الهيكلية وضعها مؤسسو الدولة للتشجيع على الوصول إلى حلول وسط وعلى التأني في اتخاذ القرار، ولكن كان لهذه الهيكلية مؤخراً تأثير عكسي.

ما قد يترتب على قرار الإغلاق

وغالبا من ضمن ما يترتب على عملي الإغلاق الحكومي، تعرض المقاولون الصغار. الذين يعتمدون على المدفوعات قصيرة الأجل والعقود المتجددة، لمواجهة الخطر الأكبر. خاصة أنهم يعانون من آثار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

كما أن الإغلاق يؤدي إلى توقف دفع الرواتب لما يزيد عن 1.3 مليون .عسكري ومليوني موظف حكومي مدني خلال فترة الإغلاق.

وعلى الرغم من أن هؤلاء سيستلمون رواتبهم المتأخرة بمجرد انتهاء الإغلاق. إلا أن الموظفين المتعاقدين بشكل مؤقت لا يتلقون رواتبهم المتأخرة مثلما حدث في إغلاقات سابقة.

أيضا عادة ما تلجأ مؤسسات كبرى لمنح أجازات بدون راتب لموظفيها ضمن العوامل المترتبة على، وسبق أن اتخذت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) اجراء مشابه العام الماضي. حين أعلنت عن أنها قد تضطر إلى منح إجازات بدون راتب لأكثر من 17,000 موظف، من بينهم 1,000 مراقب جوي تحت التدريب.

كما يمكن أن يؤدي الإغلاق إلى ازدحام وتعطل في حركة السفر، مما قد يكلف قطاع السفر الأميركي حوالي 140 مليون دولار يومياً. وفقًا لرابطة السفر الأميركية.

متى حدث أكبر إغلاق في أمريكا؟

وشهدت الولايات المتحدة أكبر حالتي إغلاق حكومي، الأول كان في عام 2013. حيث استمرت لمدة 16 يومًا، وألحقت بالاقتصاد الأميركي خسائر تقدر بحوالي 24 مليار دولار. مما أدى إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع من نفس العام بنسبة 0.3%.

أما الإغلاق الثاني الأكبر، استمر 35 يومًا في عام 2018. وكلف الاقتصاد 11 مليار دولار، وأسفر عن انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2019 بنسبة 0.3%.

Exit mobile version