لماذا لا يختفي مبروك عطية؟


استهواه “التريند” وأغرته تعليقات الفيالق، فخلع وقاره، وبات أسير دائرة الضوء الهلامي.

 

توصيف يجسد واقع كثيرين ممن جرفهم تيار شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن اليوم نختار منهم مبروك عطية مثالا.

“أزهري ببذلة وفي يده وردة”.. توصيف يختصر مشهد صعود نجم الداعية القادم من قلب “الأرياف” بمحافظة المنوفية في دلتا مصر، ليقدم نفسه في صورة مواكبة للعصر، ومغايرة لصورة رجل الدين التقليدية، ليغزو الفضائيات، ويتحول لمقدم برامج.

تعليقات غير تقليدية على مشاهديه، جعلت منه نجم شباك، وضيفا دائما على محركات البحث، ولكن مع مرور الوقت بدأ النجم يخفت، وانجذاب الجمهور لأداء الداعية المسرحي يقل، فراح يبحث عن ضالته، ويبدو أنه وجدها عبر إثارة الجدل.

عميد كلية الدراسات الإسلامية السابق بجامعة الأزهر، أعلن اعتزاله الظهور مراتٍ، رغم أن القرار بقي دومًا “إعلانًا مع إيقاف تنفيذ”، ويبدو أنها محاولات للهرب من تبعات تصريحاته المثيرة من “الزواج قد يكون شرعيًّا ولكنه حرام”، مرورًا بـ”حياتِك غالية عليكي اخرجي من بيتكم قُفّة”، وصولا إلى تهكمه على “السيد المسيح”.

فلتات وهفوات وسقطات مبروك عطية دومًا ما يكون مبررها حاضرًا: “أنا لا أشتم ولا أردّ على أحد. هي بضاعة علمية ليس عندي سواها. أدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والفكاهة والدعابة ولغة الناس”.. وإن لم ينجح هذا في امتصاص عاصفة الهجوم يلجأ لغيره: “أعتذر عن سبق اللسان. وسبق اللسان أعطانا عليه النبي محمد مثالا، وهو عندما فقد دابته ويئس فنام أسفل شجرة وعندما استيقظ وجد دابته ومن سعادته قال اللهم لك الحمد أنت عبدي وأنا ربك”!

شعبية مبروك عطية تتآكل بسرعة أكبر من صعوده، وعليه أن يراجع نفسه ويفكر في “فترة الصمت”، يراجع فيها الداعية نفسه ومنهجه، ليحافظ على ما تبقى له من رصيد، وإن لم يبادر بها وجب على من يملكون القرار منعه.

وقديمًا قال الإمام الغزالي في كتاب “إِحياء علوم الدين” قبل نحو تسعة عقود: “إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتًا وزهدًا فاقتربوا منه، فإنه يُلقّن الحكمة”.. وعلى الدكتور مبروك، ومَن سار على دربه، أن يضعوا هذه الحكمة نصب أعينهم، لعلهم يفقهون.. فما يحدث عبر شبكات التواصل وشاشات الفضائيات، خاصة فيما يخص مجال الدعوة، والتصدي للفتوى، واحتلال المشهد من أشخاص غير مؤهلين، يشكل تهديدًا للسلم الاجتماعي، ويجعل التدخل الرقابي أمرًا حتميًّا، سواء بفرض المؤسسة الدينية شروطًا وضوابط على منتسبيها حال ظهورهم إعلاميًّا، أو وضع الدولة معايير واضحة بهذا الخصوص، فهذه الفوضى لا خير يُرتجى منها.

 

Exit mobile version