سخرية ماسك تشعل النقاش: هل برنامج F-35 يستحق التكلفة؟
أثار الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ومالك منصة اكس (تويتر سابقا) إيلون ماسك جدل واسعا خلال عطلة نهاية الأسبوع بانتقاده برنامج مقاتلة اف 35 (الجيل الخامس من المقاتلات الأميركية) لشركة لوكهيد مارتن، وهو مبادرة دفاعية رئيسية، بينما سلطت تغريدته الساخرة، الضوء على تأثيره ليس بوصفه مالكا لشركة اكس أو تسلا وسبيس اكس، بل باعتباره أحد كبار مستشاري الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي عينه على رأس وزارة الكفاءة المستحدثة والمكلفة بالحد من الإنفاق الفدرالي.
وتسببت تغريدة ماسك في انخفاض أسهم لوكهيد بنسبة 3.8 في المئة يوم الاثنين، لتغلق عند 521.89 دولارا وتمحو ما يقرب من 5 مليارات دولار من القيمة السوقية.
ونشر الملياردير الأميركي مقطع فيديو يوم الأحد يُظهر طائرات بدون طيار تحلق في تشكيلات منسقة وعلق بالقول “في الوقت نفسه، لا يزال بعض الحمقى يبنون طائرات مقاتلة مأهولة مثل اف 35”.
وقد لفتت تعليقاته الانتباه ليس فقط بسبب نفوذه كرئيس لشركة تسلا وسبيس اكس ولكن أيضا بسبب دوره الاستشاري مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب .
وتأتي تعليقات ماسك بعد أن حدد البنتاغون تحديات كبيرة تواجه مقاتلات الشبح إف-35 والتي تعد حاسمة لعمليات القوات الجوية الإسرائيلية، وفقا لتقرير سري مكون من 382 صفحة.
وتواجه المقاتلة المعروفة باسم “أدير” في إسرائيل، مشاكل تتعلق بموثوقية التخفي وأنظمة الصيانة والكفاءة التشغيلية، مما يثير تساؤلات حول نظام الأسلحة الأكثر تكلفة في العالم والذي بلغت تكلفة تطويره 1.8 تريليون دولار.
وكشف التقرير عن أعطال متكررة في نظام إدارة الصحة التنبؤية للطائرة، المصمم لاكتشاف المشكلات تلقائيا. كما أدت معدلات الإنذار الكاذب المرتفعة – بمعدل إنذار واحد في الساعة بدلا من المعدل القياسي لكل 50 ساعة – إلى تعقيد الصيانة وتأخير المهام.
كما أشار التقرير إلى مشاكل في قوة فتك الطائرة إف-35 بسبب عيوب التصميم في أنظمة مدافعها والتحديات في الحفاظ على التوقع المنخفض للملاحظة، وهو حجر الزاوية لقدراتها على التخفي.
وتشكل الجاهزية التشغيلية مصدر قلق آخر، حيث تستغرق عمليات الإصلاح ضعف المدة المطلوبة، مما يحد من جاهزية الطائرة للمهام. وعلى الرغم من تصميمها المتقدم لمواجهة التهديدات من خصوم مثل الصين وروسيا، فإن طائرة إف-35 لم تخضع إلا لاختبار واحد ذي صلة لتقييم هذه القدرة.
كما برزت الثغرات السيبرانية كقضية بالغة الأهمية، حيث حث البنتاغون شركة لوكهيد مارتن على تعزيز الدفاعات ضد التهديدات الرقمية. وردت الشركة، مشيرة إلى الاستثمارات الكبيرة في مجال الأمن السيبراني.
ودافعت شركة لوكهيد مارتن عن المقاتلة، مؤكدة أن أكثر من 90 في المئة من أنظمتها تلبي المعايير المطلوبة وعزت العديد من المشكلات إلى الأعطال اللوجستية وليس إلى العيوب التصميمية. ومع ذلك، فإن نتائج التقرير أشعلت من جديد المناقشات حول فعالية تكلفة الطائرة إف-35 وملاءمتها للمهام بعيدة المدى.
ومقاتلة إف-35، وهي طائرة مقاتلة متطورة قادرة على القتال والطيران الأسرع من الصوت وتوصيل الأسلحة المتقدمة، تشكل عنصرا أساسيا في ترسانة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وتوجد طائرات مماثلة في روسيا والصين، وهو ما يسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية للبرنامج. وعلى الرغم من انتقادات ماسك، يزعم الخبراء أن الطائرة إف-35 تؤدي أدوارا بالغة الأهمية لا تستطيع الطائرات بدون طيار القيام بها.
وقال ريتشارد أبولافيا المدير الإداري لشركة AeroDynamic Advisory، إن “الطائرات المقاتلة الحديثة تلعب أدوارا لا يمكن الاستغناء عنها”، موضحا أن الطائرات بدون طيار تفتقر إلى القدرة على اعتراض قاذفات العدو أو القيام بمهام على بعد آلاف الأميال من نقاط إطلاقها، مثل دعم العمليات البحرية.
لقد أصبحت الطائرات بدون طيار جزءا لا يتجزأ من الاستراتيجيات العسكرية خاصة مع تطور التكنولوجيا. وتهدف مبادرة ‘ريبليكاتور’ التابعة للبنتاغون إلى نشر آلاف الأنظمة المستقلة لمهام عسكرية متنوعة. ومع ذلك، يؤكد المحللون أن مستقبل العمليات العسكرية ينطوي على كل من الطائرات بدون طيار والطائرات المأهولة، وكل منها يخدم أغراضا مختلفة.
في حديثه الأخير في مؤسسة بروكينجز، تناول الأدميرال صامويل بابارو قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار.
وعندما سُئل عن التطبيق المحتمل لنجاحات الطائرات بدون طيار التي حققتها أوكرانيا ضد روسيا في صراع افتراضي بين تايوان والصين، رفض بابارو فكرة أن المسيّرات وحدها قادرة على مواجهة القدرات العسكرية واسعة النطاق للصين.
وقال “إن الجيش الصيني لديه 2100 مقاتلة وثلاث حاملات طائرات وقوة قتالية مكونة من 200 مدمرة”، مضيفا ساخرا “حسنا، روجر، لدينا طائرتان بدون طيار. لا مشكلة”.
رد شركة لوكهيد
وأصدرت شركة لوكهيد مارتن بيانا أكدت فيه على أهمية طائرة إف-35. وقالت إنها “الطائرة المقاتلة الأكثر تقدما وبقاء واتصالا في العالم، وهي رادع حيوي وحجر الأساس للعمليات المشتركة في جميع المجالات”، معربة عن التزامها بالعمل مع الرئيس المنتخب ترامب والكونغرس لتعزيز الدفاع الوطني.
ويمثل برنامج إف-35 جزءا كبيرا من أعمال لوكهيد، حيث يمثل نحو 25 في المئة من مبيعاتها، وفقا للمحللة شيلا كاهياوغلو من شركة جيفريز.
ويؤثر البرنامج أيضا على سلسلة التوريد الدفاعية الأوسع نطاقا، حيث يساهم بنحو 10 في المئة من المبيعات في شركة نورثروب غرومان و5 في المئة في شركة إل 3 هاريس تكنولوجيز و1 في المئة في شركة هانيويل إنترناشيونال.
ومن المتوقع أن تسلم شركة لوكهيد 150 طائرة من طراز إف-35 في عام 2024 و156 في عام 2025، بسعر يبلغ نحو 80 مليون دولار لكل طائرة. كما تحقق الشركة عائدات من الخدمة والتطوير مرتبطة بالبرنامج.
وعلى الرغم من انتقادات ماسك، فإن مشاريعه الخاصة تتقاطع مع قطاع الدفاع، فبصفته الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس التي تقدر قيمتها بنحو 250 مليار دولار، يشرف (ماسك) على شركة تحدت المقاولين الحكوميين التقليديين مثل لوكهيد.
وقد انتقدت جوين شوتويل المديرة التنفيذية لشركة سبيس إكس، العقود الحكومية القائمة على التكلفة بالإضافة إلى الربح، ودعت إلى تحقيق الكفاءة من حيث التكلفة والأرباح القائمة على الأداء.
وقد سلطت تداولات يوم الاثنين الضوء على تأثير ماسك، ففي حين ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.3 في المئة و1 في المئة على التوالي، هبطت أسهم لوكهيد مارتن. وعادة ما تدفع ميزانيات الدفاع والتهديدات الجيوسياسية أداء لوكهيد، لكن تعليقات ماسك العامة أضافت متغيرا جديدا يجب على المستثمرين مراعاته.
ومنذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، انخفضت أسهم شركة لوكهيد بنسبة 0.2 في المئة، في حين ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نقطة بنسبة 4.5 في المئة ومع ذلك، ظل سهم لوكهيد مرتفعا بنحو 20 في المئة منذ بداية العام.