سياسة

خطر إرهابي آخر يهدد نيجيريا

خوسيه لويس مانسيا


عندما نتحدث عن الإرهاب في نيجيريا، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا دائمًا هو جماعات مثل “بوكو حرام”، “أنصارو”، التابعتين لتنظيمي “القاعدة” و”داعش” أو فرع “داعش في غرب أفريقيا”.

لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أنه توجد جماعة إرهابية أخرى أقل شهرة تسمى “دار السلام”، والتي ستناولها في مقال اليوم.

تعود البدايات الأولى لجماعة “دار السلام” إلى عام 2009، حيث ظهرت في ولاية النيجر بنيجيريا.

حينها كان في صفوفها نحو 4000 عنصر إرهابي.

وفي ذلك الوقت كانت تُعرف باسم “دار الإسلام” وكانت أقرب للطائفة منها إلى الجماعة الإرهابية.

وحافظت الجماعة على أسلوب حياة تمارس فيه “تطرفها الديني”، فطريقة “تديّن” أعضائها مختلفة عن باقي المسلمين في نيجيريا، والذين ترى الجماعة أنهم “يعيشون في أرض ملطخة بالخطيئة”.

وتعتبر الجماعة أنه يتعيّن على المسلمين، لتصحيح عقيدتهم، أن يهاجروا إلى مناطق سيطرتها، أي إلى “دار الإسلام” أو “دار السلام”!

وقد نفذ الجيش النيجيري في أغسطس/آب سنة 2020 عملية ضد جماعة “دار السلام” الإرهابية بعد تكرار الجماعة هجماتها ضد قرى في المنطقة، ما تسبب في تشريد السكان.

وقام الجنود بتفكيك معسكر للجماعة في “أوتو توتو” بولاية “ناساراوا” بوسط نيجيريا.

واعتقل الجيش في البداية 410 أشخاص من النساء الأطفال، وهو رقم زاد إلى 700 في العمليات اللاحقة.

ولم تُبدِ عائلات الإرهابيين أي مقاومة تُذكر بعد أن لاذ قادة الجماعة بالفرار.

واستمرت عملية الجيش النيجيري وامتدت إلى ولاية “كوجي”، حيث تم تدمير مزيد من المعسكرات للإرهابيين، واعتقلت قوات الأمن 86 من أعضاء جماعة “دار السلام”.

وأبدت الجماعة هذه المرة خلال استهداف مدينة “نصراوة” مقاومة شديدة.

واكتشفت قوات الأمن موادّ لتصنيع عبوات ناسفة و6 قنابل وراجمات صواريخ و10 قنابل يدوية محلية الصنع وقاذفة قنابل لدى عناصر الجماعة.

وربما يرجع وجود هذه المواد والأسلحة والذخائر إلى انضمام إرهابيي “بوكو حرام” إلى جماعة “دار السلام”، ناقلين معارفهم وخبراتهم في مجال صناعة القنابل والمتفجرات.

ورغم وجود نقاط مشتركة مع “بوكو حرام”، فإن جماعة “دار السلام” حافظت على مسافة منها، لأنها تعتبر نفسها “أقل عنفًا” من “بوكو حرام”.

وعند الهجوم على “نصراوة”، رجّحت قوات الأمن وجود تغيير في أساليب قتال الجماعة، واستنتجت أن بعض أعضاء “بوكو حرام” ربما قد انضموا إلى صفوفها.

وحتى نهاية عام 2020، لم يكن هناك كثير من الأدلة للمساعدة في تصنيف هذه الجماعة على أنها إرهابية.. حتى جاء في تقرير استخباراتي بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تورط هذه الجماعة في أعمال إرهابية، وذلك باتضاح مشاركتها في هجوم على قطار “أبوجا-كادونا”، حيث تم زرع قنبلة واختطاف ركاب من القطار.

وفي مارس/آذار الماضي، تعرّض القطار نفسه لهجوم مماثل قُتل فيه تسعة أشخاص واختُطف 63 آخرون.

في البداية نُسب الاعتداء إلى جماعة “أنصار القاعدة”، لكن هذه الجماعة نفت مسؤوليتها عنه، ومع تعمق التحقيقات اتضح أن الهجوم نفذته جماعة “دار السلام” الإرهابية.

ولا يزال أعضاء “دار السلام” يجمعون الفدية من عائلات رهائن القطار، ويطلبون أكثر من 200 ألف دولار لتحرير كل شخص، لتحقق الجماعة بذلك مداخيل فاقت الثلاثة ملايين دولار.

كما تستخدم الجماعة السجناء للضغط على الحكومة النيجيرية للإفراج عن قادتها.

ورغم أن جماعة “دار السلام” لم تستخدم حتى الآن العنف الدموي نفسه، الذي تستخدمه “بوكو حرام” أو “داعش في غرب أفريقيا” أو “أنصارو”، فإنه مع الهجوم الأخير على قطار أبوجا، الذي قُتل فيه العديد من المدنيين واحتُجِز رهائن، تكون الجماعة قد ابتعدت عن مبادئها اللا عنفية، وبذلك تنتزع مكانتها وتصنيفها الخطر بين الجماعات الإرهابية النيجيرية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى