احتجاجات إيران.. طهران تحبط مشروع تحويلها لـ”أفغانستان جديدة”


لم تخمد جذوة احتجاجات إيران “الغاضبة” على وفاة الفتاة مهسا أميني، وسط محاولات من السلطات المحلية لـ”قمعها” للأسبوع السابع على التوالي.

وبينما يتزايد الدعم الدولي للاحتجاجات والانتقاد لتعامل قوات الأمن الإيرانية مع المحتجين، انطلقت شرارة المظاهرات من جديد في عدد من المدن. والتي قوبلت بتعامل “عنيف” من قبل السلطات الأمنية التي تحدثت عن “مشروع تدمير إيران” الذي دبرته الولايات المتحدة. 

فما أبرز التطورات؟

مظاهرات جديدة في إيران خرجت يوم الجمعة احتجاجا على مقتل مشاركين في الحركة الاحتجاجية التي أشعلتها وفاة مهسا أميني، وفق منظمات غير حكومية.

وإضافة إلى شعار “نساء، حياة، حرية” أُطلقت هتافات خلال المظاهرات التي قُمعت بقوّة. موجَّهة بشكل علني ضدّ حكومة الجمهورية الإيرانية التي تأسّست في العام 1979.

ويقول موقع “إيران إنترشيونال” المعارض، إن مختلف المدن الإيرانية. شهدت يوم الجمعة، مراسم أربعينية لعدد من الضحايا وتشييع جثامين لآخرين. ممن قتلوا في الاحتجاجات الحالية. مشيرًا إلى أن مواطنين بمدينة زاهدان، جنوب شرقي البلاد. خرجوا في مسيرة بعد صلاة الجمعة، زعم أنها قوبلت برصاص الأمن الإيراني.

وبحسب شهود عيان تحدثوا للموقع، فإن “القوات الأمنية الإيرانية فتحت النار بشكل مباشر على المواطنين. مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، بينهم مراهق في زاهدان”.

وقالت “هرانا” و”إيران هيومن رايتس” إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في زاهدان الجمعة، ونشرتا مقطعي فيديو يظهران محتجين يفرون وسط إطلاق نار.

عدة مدن كردية في إيران شهدت -هي الأخرى-، يوم الجمعة، خروج المتظاهرين إلى الشوارع، رافعين شعارات ضد النظام في إيران. إلا أنه سرعان ما قوبلت احتجاجاتهم بالتعامل “العنيف” من قبل عناصر الأمن الإيراني.

وبشعارات ضد المرشد علي خامنئي، تجمع عدد من مواطني قرية سرخك سنجاني، بمحافظة كرمانشاه غربي إيران، خلال مراسم تشييع جثمان “أفشين آرشام”، أحد ضحايا الاحتجاجات في مدينة قصر شيرين، فيما شارك محتجون في مهاباد، شمال غربي إيران. في تشييع جثمان شاهو خضري، الذي قتل يوم الخميس خلال الاحتجاجات في هذه المدينة.

وفي مدينة سقز، غربي إيران، أقيمت مراسم أربعينية للشاب فريدون محمودي (33 عامًا) الذي قتل في 19 سبتمبر الماضي. تضمنت شعارات احتجاجية ضد النظام الإيراني رفعها الحضور، فيما أشعل عدد من المواطنين في أراك، وسط إيران، شموعا في الشارع تخليدا لذكرى مهرشاد شهيدي، وسينا ملايري، اللذين قتلا في الاحتجاجات الأخيرة.

حصيلة القتلى

حصيلة القتلى في صفوف المتظاهرين احتجاجًا على وفاة أميني ارتفعت من 141 الثلاثاء إلى 160 الجمعة، وفق منظمة “إيران هيومن رايتس” ومقرها أوسلو.

وفيما تتأجّج الحركة الاحتجاجية بالغضب بسبب عدد الأشخاص الذين قُتلوا على يد القوات الأمنية التي تكافح لإخمادها، تخشى المنظمات غير الحكومية تسارُع حملة القمع. في ظلّ نهاية فترة الحداد التقليدية التي تستمر أربعين يوماً، على القتلى الأوائل في الحركة الاحتجاجية.

ماذا قالت السلطات الرسمية؟

اعلن مجلس الأمن في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، مقتل شخص وإصابة 14 آخرين في “أعمال شغب” (الاحتجاجات) وقعت الجمعة في مدينة زاهدان مركز المحافظة.

وقال البيان الذي نشرته وكالة أنباء “إرنا” الرسمية: نعلن لمواطنينا الشرفاء والواعين في محافظة سيستان وبلوشستان أنه عقب أعمال الشغب الحاصلة. فقد لقي أحد المواطنين حتفه نتيجة إطلاق النار من قبل مجهولين، وأصيب 14 من المواطنين وقوات الحفاظ على الأمن.

وفي وقت سابق الجمعة، أقالت السلطات الإيرانية اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين في زاهدان، أحدهما قائد شرطة المدينة، حسب ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

إلى أين تتجه الاحتجاجات؟

يقول محللون إن السلطات الإيرانية حاولت “خنق” الحركة الاحتجاجية بوسائل أخرى غير القمع العنيف، من أجل تجنّب الغضب الشعبي.

وقال المتخصص في الشأن الإيراني في “معهد واشنطن” هنري روم لوكالة “فرانس برس”: “حتى الآن، يبدو أنهم يستخدمون أساليب أخرى – اعتقالات وترهيب. وقطع الإنترنت وقتل بعض المتظاهرين”. مضيفًا: “أشكّ في أن تكون القوات الأمنية قد استبعدت القيام بحملة قمع عنيفة على نطاق أوسع”.

واعتبر أنهم “ربما حسِبوا أن المزيد من عمليات القتل سيشجع المتظاهرين بدلاً من ردعهم. إذا تغيرت هذه الحسابات، فمن المحتمل أن يصبح الوضع أكثر عنفاً”.

من جهته، دعا مدير “إيران هيومن رايتس” محمود العامري مقدم، الأمم المتحدة الجمعة إلى “زيادة الضغط الدبلوماسي على إيران ووضع آلية تحقيق لمحاكمة المسؤولين” عن القمع. وأضاف “هناك خطر حقيقي لحدوث مذبحة ويجب على الأمم المتحدة ضمان عدم حدوث ذلك”.

مشروع تدمير إيران؟

وزارة المخابرات والحرس الثوري اتهمتا في بيان مشترك الجمعة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) و”حلفائها (…) بريطانيا وإسرائيل” بـ”التآمر” ضد الجمهورية الإيرانية.

وقال البيان إن “مشروع تدمير إيران” الذي دبرته الولايات المتحدة كان يرمي إلى جعل إيران كأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن “مني بفشل ذريع”. مؤكدا أن “الثأر من الأعداء الرئيسيين الذين يقفون خلف هذه الجرائم آت لا محالة”.

وزعم البيان، أنه حسب المعلومات التي توفرت، تم التأكد أن التمهيد “لأحداث الشغب الأخيرة جرى تخطيطها على يد أجهزة الاستخبارات الاجنبية ضمن رزمة محددة. ونفذت في داخل البلاد بواسطة جماعات وشبكات مرتبطة بتلك الأجهزة الأجنبية”.

وأشار إلى أن الرصد الاستخباري الدقيق أظهر “ضلوعا شاملا للنظام الأمريكي في التصميم والتنفيذ واستمرار الاضطرابات”. عبر 3 مراحل، قبل وأثناء وبعد الاضطرابات.

ماذا قالت أمريكا؟

وفيما لم ترد واشنطن -حتى اللحظة- على الاتهامات الإيرانية، إلا أنها تقود حراكًا في الأمم المتحدة خلال الأسبوع المقبل لتسليط الضوء على الاحتجاجات في إيران. وستبحث عن سبل لتعزيز تحقيقات موثوق بها ومستقلة في الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان.

وقالت مذكرة اطلعت عليها “رويترز” إن الولايات المتحدة وألبانيا ستعقدان اجتماعا غير رسمي لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء المقبل. سيسلط الضوء على القمع المستمر للنساء والفتيات وأفراد الأقليات الدينية والعرقية في إيران…. ويتلمس الفرص لتعزيز تحقيقات مستقلة وموثوق بها في انتهاكات وتجاوزات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان”.

ومن المقرر أن يلقي جاويد رحمن، محقق الأمم المتحدة المستقل المعني بحقوق الإنسان في إيران، كلمة في الاجتماع الذي تستطيع حضوره دول أعضاء أخرى في الأمم المتحدة وجماعات حقوقية. بالإضافة إلى الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام والممثلة والناشطة الإيرانية المولد نازانين بونيادي إفادات.

Exit mobile version