سياسة

من التخفي إلى التحكم الذكي.. كيف تعيد إف-22 رسم مستقبل المعارك الجوية؟


لعقود قادمة، ستظل طائرة “إف-22” مقاتلة التفوق الجوي الرائدة في العالم.

عند تصميم الطائرة “إف-22 رابتور” من الجيل الخامس التابعة للقوات الجوية الأمريكية. كان الهدف هو تحقيق التفوق الجوي والتخفي، واليوم تُمثل تلك المقاتلة قمة القوة الجوية في العالم.

وتجمع “إف-22” بين قدرات السرعة الفائقة، ومحركات الدفع الموجه، والمواد منخفضة الرصد. مما يُمكّنها من التفوق على الخصوم في المناورة والقتال.

وفي ظل التهديدات العالمية خاصة مع تطوير الدول المنافسة مثل الصين وروسيا لأنظمة متقدمة لمنع الوصول أو منع دخول المنطقة. يواصل سلاح الجو الأمريكي تحديث طائرة “إف-22” وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي.

وأشار الموقع إلى أن سلاح الجو الأمريكي يقوم بتحديث أسطوله القديم من طائرات “إف-22“، حتى مع سماح إدارة الرئيس الأمركي دونالد ترامب بإنتاج مقاتلة الجيل السادس “إف-47.”

ونظرًا إلى تأخيرات “إف-47” يحتاج سلاح الجو إلى ضمان بقاء طائرات “إف-22” صالحة للاستخدام حتى أواخر ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين أو ما بعد ذلك. وبالتالي تحصل “إف-22” على مجموعة شاملة من الترقيات التي ستطيل عمرها الافتراضي حتى أربعينيات القرن الحادي والعشرين!

وتتلقى هذه الترقيات تمويلا بمليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب بما في ذلك خطة استثمار بقيمة 7.8 مليار دولار حتى عام 2030.

وتهدف الترقيات إلى تحسين أجهزة استشعار طائرة “إف-22” وتحديث برمجياتها، وتعزيز اتصالاتها، وتوسيع نطاق نظام الحرب الإلكترونية، وضمان تكامل أكبر للأسلحة. وإجراء تحسينات أخرى على مستوى الاستدامة.

وتُعد مجموعة أجهزة الاستشعار من أهم مجالات تحديث “إف-22“. التي يتم ترقيتها لاكتشاف وتتبع التهديدات الناشئة على مسافات أكبر مع الحفاظ على خاصية التخفي.

كما يُعد نظام الدفاع بالأشعة تحت الحمراء (آي آر دي إس) المحور الرئيسي للتحديثات وهو مجموعة موزعة من أجهزة استشعار البحث والتتبع التكتيكية المدمجة بالأشعة تحت الحمراء. والتي تحل محل أجهزة الكشف عن إطلاق الصواريخ القديمة.

ويعمل هذا النظام على تحسين اكتشاف صواريخ جو-جو بعيدة المدى وصواريخ أرض-جو، مما يُعزز قدرة الطائرة “إف-22” على الصمود في سيناريوهات عالية الخطورة.

وحصلت شركة “لوكهيد مارتن” على عقد بقيمة 270 مليون دولار في بداية العام الجاري لدمج أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء من الجيل التالي. والتي تدعم أيضًا تتبع التهديدات واتخاذ الإجراءات المضادة عبر منصات متعددة.

واستكمالاً لذلك، حصلت شركة “آر تي إكس” على عقد بقيمة مليار دولار في أغسطس/آب 2024 لتحديث أجهزة الاستشعار. بما في ذلك “أجهزة المجموعة ب” التي قد تتضمن كبسولات خفية لإمكانات البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء(آي آر إس تي).

بالإضافة إلى ذلك، توفر ترقيات الرادار الديناميكي ذي الفتحة التركيبية (إس ايه آر) رسم خرائط أرضية عالية الدقة، مما يسمح للطيارين بتحديد التهديدات وتحديد مواقعها بدقة غير مسبوقة.

وفي مارس/آذار الماضي، اكتملت الرحلات التجريبية لتحسينات هذه المستشعرات .مما يمثل إنجازًا هامًا في دمج تقنيات نهج الأنظمة المفتوحة المعيارية لتسهيل التحديثات المستقبلية بشكل أسرع.

وتُعد ترقيات المستشعرات جزءا من مخصصات ميزانية السنة المالية 2026 البالغة 90.3 مليون دولار وهي ضرورية للحفاظ على ميزة التخفي لطائرة”إف-22” ضد أنظمة الرادار المتقدمة والأنظمة الموجهة بالأشعة تحت الحمراء.

وتوصف طائرة “إف-22” وطائرة “إف-35 لايتنينج 2″، وهي الطائرة الحربية الأمريكية الأخرى من الجيل الخامس، بأنها “شريحة حاسوب طائرة” وبالتالي. تُشكل البرمجيات العمود الفقري لقدراتها وحاليا، يجري سلاح الجو حاليًا تحديثًا جذريًا لبرمجيات هذه الطائرات لتُقدم خرائط أرضية عالية الدقة، وقدرات بحث وإنقاذ، وتحديد جغرافي للتهديدات، وقدرات هجوم إلكتروني. كما تقدم تكاملًا مع ذخائر متطورة مثل القنبلة صغيرة القطر.

وفيما يتعلق بالأسلحة، تشمل جهود الاستدامة في إطار برنامج الموثوقية والتوافر والصيانة تحسينات في الطاقة الكهربائية، واستبدال الألياف الضوئية للطائرات. وأنظمة إمداد متينة واستخدام مواد يصعب رصدها، وإجراء إصلاحات هيكلية.

وستزيد خزانات وأبراج الوقود الخفية منخفضة السحب من المدى، مع السماح بالطيران الأسرع من الصوت باستخدام وقود خارجي. مما يعزز الثبات دون التضحية بالقدرة على التدمير.

وتتيح استراتيجية التطوير هذه إجراء اختبارات سريعة وتطبيق التحسينات. مستعينةً بتقنيات الجيل السادس غير المجدية لإبقاء “رابتور” في صدارة المنافسة.

وتعمل تحسينات الأمن السيبراني وتحسينات واجهة مركبة الطيار على تبسيط تفاعل الطيارين. بينما تزيد ترقيات برنامج التوجيه لصاروخ “إيه آي إم-120 أمرام” من قوة المعالجة وإطالة مدة الطيران، مما يعزز الهيمنة الجوية.

ولتحقيق التكامل السلس في العمليات متعددة المجالات. تتلقى طائرة”إف-22” ترقيات في أنظمة الاتصالات بهدف سد الفجوات مع الأنظمة القديمة والمستقبلية.

وبداية من العام المقبل، سيتم تجهيز جميع مقاتلات “إف-22” والبالغ عددها 142 طائرة، بمجموعات من الأجهزة اللوحية والكابلات .ومعدات الدعم للسماح بدمج طائرات القتال التعاونية أو طائرات “الجناح المخلص” بدون طيار الأمر الذي سيكون أهم تحسين للطائرة.

وبتكلفة نحو 82 ألف دولار للوحدة، وفي إطار برنامج تكامل المنصات المأهولة بقيمة 15 مليون دولار أمريكي، سيتم ربط الطيارين بالمسيرات ذاتية التشغيل عبر وصلة البيانات بين الرحلات الخاصة بـ”إف-22” مع تحديثات برمجية تُسهّل عملية الاعتماد والتكامل.

وبهذا ستكون الطائرة إف-22 أول مقاتلة تقود أسرابًا من المسيرات. مما يضمن بقاءها الطائرة الحربية الأكثر تطورًا وأهمية في الترسانة الأمريكية.

من جهة أخرى تعالج تحسينات الحرب الإلكترونية التهديدات الناشئة. حيث تضيف ترقية “انكرمنت 3.2 بي” قدرة تعطيل التشويش كما تُحسّن الطلاءات الشبيهة بالمرآة، خصائص التخفي لتجنب الكشف المتقدم.

كما يجري تعزيز التدابير المضادة، إلى جانب تحسينات نظام تحديد الصديق من العدو لعمليات أكثر أمانًا في ساحات القتال المزدحمة.

وستوفر ترقيات التشفير المستقبلية تأمين الاتصالات ضد التهديدات السيبرانية .وتُحسّن الترقيات التي تركز على الطيارين، مثل شاشة “ثاليس سكوربيون” المُثبّتة على الخوذة إضافة إلى خوذة الجيل التالي ذات الأجنحة الثابتة الوعي الظرفي للطيارين في ظروف القتال الديناميكية.

وفي ضوء هذه التحديثات التي تجعل “إف-22” مقاتلة التفوق الجوي الرائدة عالميًا لعقود تثور التساؤلات عن سبب التزام وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الجاد بطائرة “إف-47” أو أي برنامج آخر من برامج الجيل السادس.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى