كيف أثرت لعبة “فيفا” على كرة القدم؟
لم تعد ألعاب الفيديو، خاصة “فيفا”، مجرد وسيلة يستخدمها الأطفال والبالغون للترفيه، لكنها باتت عنصرا مؤثرا في عالم كرة القدم.
وتعتبر لعبة “فيفا” من أكثر ألعاب الفيديو التي يحرص الأشخاص على ممارستها، لا سيما أنها تعمل على محاكاة عالم كرة القدم الحقيقي، ونقله إلى العالم الافتراضي.
كيف أثرت لعبة فيفا على الأطفال؟
لا يعيش الصغار الآن في نفس العالم الذي نشأ فيه يوهان كرويف أو لوثار ماتيوس أو أوزيبيو، ولم تعد شوارع المدينة مليئة بكرة القدم.
ولكن في الوقت الذي يتم فيه تقييد الأطفال بعدم ممارسة اللعبة بشغف وحُب، وهو الأمر الذي لم يحدث مع آبائهم وأجدادهم، فهم يتمتعون بحرية أكبر في التعبير والاستكشاف عبر الإنترنت.
ويتبدى ذلك من خلال ألعاب الفيديو، مثل فيفا، والتي تساعد الأطفال على معرفة تعقيدات كرة القدم في سن مبكرة.
حينما يبلغ الأطفال من العمر 6 سنوات، يصبح الكثيرون منهم على دراية بالفعل بـ 4-3-3 و3-5-2 والأجنحة والأساليب الدفاعية والهجومية والسمات الرئيسية التي تجعل اللاعبين أفضل، كما تُنمّي الأجزاء الأكثر عمقًا في اللعبة لدى الشباب، فأصبحت أدمغتهم في كرة القدم أكثر تقدمًا من تلك التي كانت في الأجيال السابقة.
تُظهر اللعبة للأطفال الجانب التقني والتكتيكي والتحليلي لكرة القدم بطريقة لم تكن ممكنة قديما، فعلى سبيل المثال، يتطلب وضع Ultimate Team تجميع فريق بناءً على مجموعة عشوائية من اللاعبين الذين يتم استقبالهم من خلال الإنترنت، وهو ما يعادل ملصقات “بانيني” في العصر القديم.
يعتقد ستيفي جريف، رئيس قسم التحليل وكشاف اللاعبين لدي نادي دندي يونايتد الاسكتلندي ومصمم موقع “onsidesoccerconsulting.com”، أن المدربين يجب أن يستغلوا لعبة فيفا كأداة بدلاً من أن ينزعجوا من ممارسة الأطفال لها.
ويقول جريف: “عندما انتقلت إلى الهند لأول مرة قبل 6 سنوات، كان جميع الأطفال يلعبون لعبة فيفا، أتذكر أنني حاولت أن أشرح لهم أنه في مرحلة بناء اللعب يجب أن نستخدم تمريرات أكثر أمنا، ولكن في الثلث الأخير ربما نستخدم تمريرات أكثر خطورة”.
وأضاف: “نحن نحاول استخدام السيناريوهات والكلمات التي يعرفونها بالفعل من خلال فيفا لمنحهم فهمًا أكثر عمقا للعبة”.
وأردف: “لقد وجدت أنها ساعدتهم في الواقع بسرعة كبيرة، بدءً من عدم فهم أي شيء يتعلق بالهيكل التكتيكي إلى فهمه بسرعة، إذا كنا سنستخدم ألعاب الفيديو كأدوات تعليمية، فينبغي أن يتعلق الأمر بتعليمهم كيفية لعب كرة القدم بشكل أفضل ومنحهم بعض الأفكار التكتيكية”.
الأمر وصل إلى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، الذي قام مؤخرًا بتغيير طريقة تفكيره، حيث قام بتحديث نسخته بالكامل “الحمض النووي الإنجليزي” في الكيفية التي يريدون بها لعب اللعبة في جميع الأعمار، حيث يتم تدريس هذه الفلسفة الآن في مؤهلاتهم التدريبية، وتحديدًا في المستوى الثاني.
من الأسهل تدريب الأطفال بالكلمات والعبارات والسيناريوهات التي يعرفونها بالفعل، يمكن للعبة فيفا أن تكون مفيدة، لأنه ربما يكون من السهل في جلسات التدريب إحصاء عدد الفتيان والفتيات الذين لم يلعبوا اللعبة من الذين يلعبوها.
ومن ثم، يجب أن يكون المدربون مبتكرين في أساليبهم، وأن يستخدموا مفاهيم مألوفة للأطفال، إذا كان هذا يعني السماح للجيل القادم بلعب المزيد من ألعاب الفيديو لتعلم مزايا الضغط أو تحديد المواقع، فليكن ذلك.
كيف أثرت لعبة فيفا على الكبار؟
لم تعد فيفا تعكس الحياة الواقعية فحسب، بل إنها بدأت بالفعل في التأثير على الطريقة التي يلعب بها لاعبو كرة القدم المحترفون اللعبة; حيث يعمل مُطورو فيفا منذ فترة طويلة على توظيف الآلاف من جامعي البيانات الذين يقومون بالتحليل وإنشاء قواعد بيانات مليئة بإحصاءات اللاعبين المعقدة.
يقول جيليارد لوبيس دوس سانتوس، منتج EA SPORTS لموقع “فيفا”: “نقوم بتسجيل ودراسة كيف يتحرك اللاعبون على أرض الملعب، ودقة تمريراتهم، وكيف يحصلون على ركلة جزاء، وحتى فيزياء الكرة”.
وواصل: “ما يحدث الآن شيء مثير للاهتمام، عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين لعبة الفيديو والرياضة، إننا نعيش في عصر يؤثر فيه الواقع والعالم الافتراضي على بعضهم البعض، من الغريب أننا نرى غالبا لاعبي كرة القدم يتعلمون أشياء من ألعاب الفيديو”.
لم تعد الإحصائيات مجرد أرقام عشوائية، ولكن يتم الآن حسابها باستخدام منهجية شبه علمية، توفر الصور الرمزية داخل اللعبة الآن عرضًا دقيقًا وموضوعيًا حول كيفية مقارنة اللاعبين عبر جميع السمات من حيث السرعة والقوة، إلى دقة الركلة الحرة، والقدرة على المراوغة.
قبل بضع سنوات، توصَّل ” Sports Interactive”، الفريق المسؤول عن لعبة “Football Manager” إلى اتفاق مع ” Prozone Sports” لتوفير البيانات للأندية المتواجدة في الدرجات السُفلى للمساعدة في تحديد المواهب.
اهتمام اللاعبين بلعبة فيفا
ومع الوضع في الاعتبار أن الاهتمام بأرقام اللاعبين قد زاد في السنوات الأخيرة. فمن الواضح أن نتائج فيفا أصبحت محفزًا حقيقيًا لللاعبين لتحسين أدائهم على أرض الملعب، وبالتالي أصبح لاعبو كرة القدم المحترفون الآن يهتمون بتصنيف فيفا أكثر من أي وقت مضى.
ونظرا للتركيز الشديد على البيانات والإحصائيات الثابتة. والخطورة التي يتم بها التعامل مع أرقام EA، فأصبح اللاعب يوقع على خلفية تصنيف فيفا الخاص به.
لدرجة أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أفادت أن بعض الوكلاء استدعوا EA للحديث عن ترقيات لاعبيهم، حيث كشف لاعب الوسط الفرنسي المعتزل إدوارد سيسيه على موقع FIFA.com: “أعرف حتى اللاعبين الذين قاموا بتغيير أرقامهم الإحصائية في اللعبة، ولكن إذا اكتشف زميل في الفريق الأمر، فهذا أمر محرج للغاية”.
عندما وصلت فيفا 19 منذ 4 سنوات، أعرب ميشي باتشواي، مهاجم بشكتاش التركي، علناً عن خيبة أمله لشركة EA بعد تلقيه ما اعتبره أمرا ساذجا، فغرد قائلاً: “تمرير 59، ضعيف جدا”.
في الوقت نفسه، استخدم روميلو لوكاكو لاعب إنتر ميلان الإيطالي الحالي، ازدياد بطاقات اللاعبين كل فترة عندما كان في إيفرتون الإنجليزي، وذلك كتحفيز له لمواصلة التحسن في الحياة الواقعية.
يقول السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، مهاجم ميلان الإيطالي: “غالبا ما أكتشف حلولا في الألعاب التي قمت بتشغيلها، في الحياة الواقعية”.
بينما يقول النيجيري أليكس إيوبي إن تجربته في اللعبة ساعدته على تقييم الخصوم. قائلا: “أنظر إلى اسمه ثم أحاول أن أتذكر كم كان جيدا في فيفا”.
كما أوضح ماتس هوملز، مدافع بروسيا دورتموند والمنتخب الألماني لموقع “FIFA.COM”: “من الواضح أنه يمكن للاعب كرة قدم المحترف استخدام تجربته الخاصة للتعامل مع مواقف معينة في اللعبة والعكس صحيح، ربما يستخدم بعض الأشخاص ما يتعلمونه في لعبة فيفا عندما يجدون أنفسهم على أرض الملعب”.
جاء هذا بالتأكيد مفيدًا لحارس مرمى بارما ماركو إميليا، الذي أنقذ ركلة جزاء من رونالدينيو في عام 2008 قبل أن يعلنها: “كان الأمر أشبه باللعب ضده في البلايستيشن، كان لديه نفس التكنيك. كان الأمر غريبا جدا”.