الأزمة السودانية.. تمهيد لحل الأزمة السياسية
بعد أشهر من العناد والصدام يهدف ائتلاف قوى الحرية والتغيير السوداني للتوصل إلى اتفاق إطاري مع الجيش كخطوة أولى لإنهاء المأزق السياسي الذي يتقلب فيه السودان منذ انقلاب أكتوبر 2021، في خطوة تظهر اتجاها لمرونة أكبر.
حيث أنهى انقلاب الجيش شراكة مع الائتلاف المعارض بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير وأغرق البلاد في اضطراب سياسي واقتصادي.
وبدأ الائتلاف والجيش المحادثات بدعم دولي في الأسابيع القليلة الماضية. فيما أكد الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي هذا الأسبوع أن الجيش قدم ملاحظاته على مشروع دستور.
وصرح ائتلاف قوى الحرية والتغيير في بيان اليوم إنه توصل إلى “تفاهمات” مع الجيش استنادا إلى مناقشاتهما، بينما ذكر مصدر عسكري رفيع المستوى أنه تم الوصول إلى التفاهمات ولكن لا يزال هناك بعض القضايا العالقة.
وقال البيان إن الائتلاف يسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع الجيش والقوى السياسية يتناول “أهم القضايا التي شملتها هذه التفاهمات وهي إطار دستوري لإقامة سلطة مدنية ديمقراطية انتقالية تستكمل مهام ثورة ديسمبر”.
وقبل التوقيع على اتفاق نهائي، قالت قوى الحرية والتغيير إنه سيتم إجراء مناقشات أوسع على أربع قضايا رئيسية وهي العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية ومراجعة اتفاق جوبا للسلام وتفكيك نظام البشير.
وأشار أعضاء التحالف ومحللون إلى هذه القضايا كمصادر رئيسية للتوتر بين الجيش والمدنيين والذي وصل إلى ذروته بالانقلاب.
وليس واضحا ما إذا كانت تلك التفاهمات وما سينتج عنها لاحقا ستعيد الهدوء للشراع السوداني وتنهي أشهرا طويلة من الاحتجاجات تفاقم معها الوضع الاقتصادي المتدهور أصلا.
وتأتي هذه التطورات بينما تشهد أقاليم سودانية من فترة إلى أخرى مواجهات قبلية دموية أحدثها مقتل 24 شخصا في اشتباكات وقعت في إقليم دارفور المضطرب غرب السودان، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ، وفق ما أكد الإعلام الرسمي وزعماء قبليون.
واندلعت المعارك الأسبوع الماضي بين قبيلتي أولاد راشد والمسيرية العربيتين في منطقتين قرب زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور.
وأكد أحد زعماء قبيلة اولاد راشد إن القتال بدأ بسبب خلافات حول سرقة دراجة نارية وتحول إلى اشتباكات واسعة، فيما أكدت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) “مقتل أكثر من 24 شخصا وإصابة آخرين”.
وقال احد الزعماء القبليين طالبا عدم ذكر اسمه “تم حرق ونهب منازل. وصلت قوات حكومية إلى المنطقة لكنها لم تسيطر تماما”.
وأشارت سونا إلى أن السلطات المحلية حاولت الفصل بين الجانبين ولكنها فشلت بسبب “إطلاق النار عليها من الطرفين”.
وفرضت السلطات حالة الطوارئ اعتبارا من الواحد قائلة “إعلان حالة الطوارئ في جميع أرجاء الولاية لمدة شهر اعتبارا من يوم الأحد 13 نوفمبر”، وفق سونا.
وتتكرر الاشتباكات القبلية في إقليم دارفور الذي يشهد حالة من عدم الاستقرار منذ عام 2003 نتيجة النزاع الذي بدأ عقب حمل مجموعات مسلحة تنتمي إلى أقليات افريقية، السلاح ضد حكومة الخرطوم التي يساندها العرب، بدعوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.
ووفقا للأمم المتحدة، خلف النزاع 300 ألف قتيل وشرد 2.5 مليون شخص. ورغم تراجع حدة النزاع إلا أن اشتباكات قبلية تندلع من وقت لآخر بسبب التنافس على الأراضي ومصادر المياه.
وارتفعت وتيرة الصراعات القبلية عقب انقلاب البرهان قائد الجيش على الحكومة المدنية التي تولت السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير عام 2019.