متابعات إخبارية

إيرانيون يحتفلون بخسارة منتخبهم في كأس العالم

بعد الخسارة بعد الخسارة "من كان ليعتقد أن محتجي إيران سيحتفلون بتسجيل الولايات المتحدة الهدف".


احتفى محتجّون في إيران بالألعاب النارية بخسارة منتخبهم الوطني الثلاثاء في كأس العالم أمام الولايات المتّحدة، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، وفق تسجيلات فيديو تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي.

ونقلت الجمهورية الإسلامية قوات الأمن للتصدّي لما تصفها بأنها “أعمال شغب” اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني البالغة 22 عاما في 16 سبتمبر بعد ثلاثة أيام على اعتقالها بدعوى انتهاكها قواعد اللباس المحتشم الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

وأصبحت مدينة سقز، مسقط رأسها، وغيرها من مدن محافظة كردستان (غرب)، مركزاً للاحتجاجات ضدّ نظام الملالي.

وجاء في تغريدة لموقع “إيران واير” ومقرّه لندن أنّ “سكّان سقز بدؤوا يحتفلون ويطلقون الألعاب النارية بعد أن سجّلت الولايات المتّحدة في مرمى منتخب إيران بكرة القدم”.

ونشر الموقع تسجيل فيديو يظهر إطلاق ألعاب نارية وهتافات. وتعذّر على وكالة فرانس برس التحقّق من صحّة هذا التسجيل.

إيرانيون يحتفلون بهزيمة المنتخب أمام أمريكا في مونديال قطر .. رياضة

وأظهر مقطع فيديو آخر نشره الناشط الكردي كاوه قريشي أحد أحياء مدينة سنندج ليلاً مع سماع هتافات وإطلاق أبواق بعد أن سجّلت الولايات المتحدة هدف المباراة الوحيد.

وفي مهاباد، وهي مدينة أخرى في محافظة كردستان، أطلقت ألعاب نارية بعد خسارة إيران، وفق تسجيلات فيديو تم تداولها على شبكة الإنترنت.

وأفادت منظمة هنكاو الحقوقية ومقرّها النروج بأن دراجين إيرانيين احتفلوا بفوز الولايات المتحدة بإطلاق الأبواق في مهاباد.

كذلك أشارت المنظمة إلى إطلاق ألعاب نارية أضاءت سماء مريوان الواقعة كذلك في محافظة كردستان حيث تشنّ قوات الأمن حملة قمع للاحتجاجات.

وأطلقت الألعاب النارية أيضاً في باوه وسربل ذهاب في محافظة كرمنشاه، بحسب المنظمة.

وكان المنتخب الإيراني تعرّض لضغوط حكومية وشعبية على السواء إثر الاحتجاجات، وقرر بعض الإيرانيين تشجيع خصوم فريقهم الوطني.

وجاء في تغريدة أطلقها الصحافي الرياضي الإيراني سعيد زعفراني بعد الخسارة “من كان ليعتقد أنّني سأقفز ثلاثة أمتار في الهواء احتفالاً بتسجيل الولايات المتحدة الهدف”.

كذلك أطلقت معدّة برنامج للبثّ الصوتي الرقمي (بودكاست) إيلاهي خسروي تغريدة جاء فيها “هذا ما تناله من اللعب في المنتصف. لقد خسروا أمام الشعب والخصم وحتى” الحكومة.

وجاء في تغريدة أطلقها الصحافي أمير ابتهاج المقيم في إيران “لقد خسروا. في الملعب وخارجه”.

وقال صحفي رياضي في طهران إن الحكومة كانت تأمل في أن يوفر الفوز على الولايات المتحدة، عدو إيران اللدود، في كأس العالم بعض المتنفس داخليا. ومارست الكثير من الضغوط السياسية قبل المباراة.

ولجأ العديد من الإيرانيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي بعد انطلاق المباراة مباشرة لتذكر أسماء أولئك الذين لقوا حتفهم وسط حملة القمع التي تشنها الحكومة على الاحتجاجات المستمرة.

وكتبت الناشطة الإيرانية المعروفة أتينا دائمي على تويتر: “الآن الثوار يبتهجون بهزيمة فريق الجمهورية الإسلامية”.

وفي إظهار للتضامن قبل المباراة، عرض الاتحاد الأميركي لكرة القدم مؤقتا العلم الوطني الإيراني بدون شعار الجمهورية الإسلامية. مما دفع طهران وفقا لما ذكرته وسائل إعلام حكومية إلى تقديم شكوى إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).

وعلى الرغم من أن التنافس كان على التأهل عن المجموعة الثانية وبرغم الخلفية الجيوسياسية، فقد جرت المباراة في الغالب بشكل نظيف دون أخطاء عنيفة أو احتكاكات بين اللاعبين. وعندما تقابل الفريقان في نهائيات كأس العالم لعام 1998، فازت إيران 2-1.

وبالنسبة للمشجعين الذين يحضرون أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم تُنظم في الشرق الأوسط، أو يشاهدون البطولة في أنحاء العالم. كانت السياسة الداخلية لإيران وعلاقاتها المضطربة مع الولايات المتحدة في بؤرة الاهتمام.

احتجاجات بالملعب

قام أفراد أمن إضافيون، بعضهم على ظهور الخيل، بدوريات خارج استاد الثمامة بالدوحة قبل المباراة، بينما كان الحراس في محيط الملعب يُلزمون الإيرانيين بنشر أعلامهم قبل الدخول. وتمركز أفراد الشرطة في أنحاء الملعب جنبا إلى جنب مع حراس الأمن النظاميين. وحمل بعضهم الهراوات.

وفي وقت مبكر من الشوط الثاني، رفعت مجموعة من المشجعين لفترة وجيزة حروف اسم مهسا أميني. وسط تصفيق من المشجعين الإيرانيين من حولهم. وسحب أفراد الأمن اللافتات لكنهم سمحوا لهم بالبقاء في مقاعدهم.

وقال مسؤول قطري قبل المباراة إن السلطات ستعمل على ضمان أن تكون كل مباراة في كأس العالم “آمنة ومُرحبة بجميع المشجعين”.

وأضاف أنه لن يتم السماح بدخول الأشياء التي “يمكن أن تزيد التوترات وتهدد سلامة الجماهير” إلى الملاعب.

ورأى صحفيون من رويترز رجال الأمن خارج الاستاد بعد المباراة يطاردون شخصين في مشادات عند محيط الملعب.

وشل ثلاثة حراس حركة رجل على الأرض، كان يرتدي قميصا عليه كلمات “المرأة، الحياة، الحرية”، الشعار الرئيسي للحركة الاحتجاجية الإيرانية.

وصرخ الرجل مرارا “المرأة، الحياة، الحرية” بينما كان الحراس يسيطرون عليه. وقال شاهد لرويترز إن المشادة بدأت عندما حاول الحراس نزع قميص الرجل.

وفي الحادثة الأخرى، طارد الحراس رجلا عبر منطقة الاستاد ودفعوه إلى الداخل.

ولم يرد مسؤولو أمن البطولة والمنظمون، في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، على الفور على طلب من رويترز للتعليق.

المنتخب الإيراني تعرّض لضغوط حكومية وشعبية على السواء إثر الاحتجاجات
المنتخب الإيراني تعرّض لضغوط حكومية وشعبية على السواء إثر الاحتجاجات

ليس فريقي

في النصف الثاني من المباراة، وقفت خمس عضوات من جماعة النشطاء الروسية (بوسي رايوت) في المدرجات يضعن أقنعة خضراء ويرتدين قمصانا كتب عليها “المرأة الحياة الحرية”. وقالت نيكا نيكولشينا العضو في الجماعة لرويترز إن القمصان كانت تحمل على ظهرها أسماء القتلى الذين سقطوا في إيران وأعمارهم.

وقالت “إنها لفتة دعم منا للمرأة الإيرانية ونريد أن نسلط الضوء على أن إيران ترسل طائرات مسيرة إلى روسيا لقتل أوكرانيا. نود أن نذكر الجميع بأنه لا يوجد الفيفا والمتعة فقط، وأن هناك حربا دائرة”.

وأضافت نيكولشينا، التي كانت قد اقتحمت أرض الملعب في 2018 خلال مباراة نهائي كأس العالم في موسكو، إن أمن الاستاد أزال الأقنعة. واصطحب السيدات “بأدب” إلى خارج الملعب بعد المباراة.

وقبل المباراة، سعى بعض المشجعين خارج استاد الثمامة إلى تسليط الضوء على الاحتجاجات التي تحاول السلطات في إيران إخمادها منذ أكثر من شهرين.

وقال إيراني يعيش في الولايات المتحدة عرف نفسه باسم سام “يجب أن يعلم الجميع بشأن هذا. ليس لدينا صوت في إيران”.

وفي حديث عبر الهاتف من طهران قبل وقت قصير من انطلاق المباراة. قالت إلهام البالغة من العمر 21 عامًا إنها تريد أن تفوز الولايات المتحدة لأن فوز المنتخب الوطني سيكون هدية للسلطات الإيرانية.

وقالت “هذا ليس فريقي الوطني. إنه… فريق الملالي”.

ورفض لاعبو إيران ترديد النشيد الوطني في مباراتهم الأولى والتي تلقوا فيها الهزيمة 6-2 أمام منتخب انجلترا. ورددوا النشيد قبل مباراتهم الثانية التي فازوا فيها 2-0 على ويلز.

وتشكل الاضطرابات التي تعم إيران أحد أجرأ التحديات التي واجهتها الحكومة الدينية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وفرضت واشنطن عقوبات على مسؤولين إيرانيين بسبب قمع الاحتجاجات.

وقطعت الولايات المتحدة وإيران علاقاتهما الرسمية عام 1980 بعد الثورة الإيرانية. وعندما التقى فريقا البلدين لكرة القدم في نهائيات كأس العالم لعام 1998، فازت إيران 2-1.

وأخرجت الولايات المتحدة بفوزها هذا إيران من منافسات كأس العالم. وحجزت لنفسها مقعداً في الدور الثاني للبطولة التي تستضيفها قطر.

وأطلق الصحافي السابق حامد جعفري تغريدة جاء فيها “انتهى سيرك فريق الجمهورية الإسلامية لكرة القدم”.

وكتب “الآن أنباء القمع لا يمكن أن تخبّأ وراء فوز أو خسارة الفريق المفضّل لقوات الأمن”. في إشارة إلى تسجيلات فيديو تظهر احتفال الشرطة الإيرانية بالفوز السابق الذي حقّقته إيران على منتخب ويلز خلال انتشارها في الشوارع.

وبحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرّها أوسلو قتلت قوات الأمن الإيرانية ما لا يقل عن 448 شخصا في حملة قمع الاحتجاجات التي بدأت في منتصف سبتمبر. أكثر من نصفهم في مناطق الأقليات العرقية.

صمت مطبق في طهران

وغرقت طهران في صمت مطبق ليل الثلاثاء حزناً على خسارة المنتخب الإيراني أمام نظيره الأميركي، في هزيمة أقصت الإيرانيين من مونديال قطر. وتبخّر معها حلمهم بتكرار إنجاز 1998 حين فاز “تيم ملّي” على منتخب “الشيطان الأكبر”.

وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز. فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة ليل الثلاثاء كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد.

ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني. وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.

والثلاثاء، أعلنت السلطات للمرة الأولى منذ بدء هذه الاحتجاجات مقتل أكثر من 300 شخص خلال هذه الاضطرابات التي تعتبرها الحكومة “أعمال شغب” يحرض عليها الغرب.

وفي دار ثقافي في شمال طهران، تجمّعت قرابة عشرين أسرة أمام شاشة تلفزيون كبيرة لمتابعة المباراة. ومع انطلاق النزال راح الأطفال يلوّحون بأعلام بلدهم ويصيحون بأعلى صوتهم “ماذا ستفعل إيران؟ ستمزّق خصمها!”، و”هيا! هيا! إلى الأمام”.

لكنّ هدف الولايات المتّحدة في الدقيقة 38 أضعف الروح المعنوية لهؤلاء المشجّعين. على الرّغم من أنّ قسماً كبيراً منهم كان لا يزال يتمسّك بالأمل في أن ينقلب الحظ العاثر.

وبالنسبة إلى أصغر محمدي، وهو تاجر يبلغ من العمر 50 عاماً وجاء مع ابنه لمتابعة المباراة. فإنّ ما لفت انتباهه هو الروح الرياضية التي سادت أرض الملعب في وقت تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الولايات المتّحدة عدوّها الأول.

وأضاف محمّدي “لقد قال كثيرون إنّ هذه المباراة ستلوّثها السياسة، لكنّنا لم نرَ سوى سلوكاً ودّياً بين اللاعبين على أرض الملعب. في كلّ مرة سقط فيها لاعب أرضاً كان الخصم يساعده على النهوض”.

وعلى الرّغم من أنّها ليست قمّة كروية، لأنّ أيّاً من المنتخبين ليس مرشّحاً للفوز باللقب، إّلا أنّ المباراة بين إيران والولايات المتحدة تصدّرت عناوين الصحف بسبب دلالاتها الرمزية والسياسية. لا سيّما وانّ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ أكثر من 40 عاماً.

وبالنسبة إلى أمير مراديان، وهو طوبوغرافي يبلغ من العمر 45 عاماً، فإنّ “السياسيين يستخدمون أحياناً كرة القدم أداة سياسية، لكن برأيي لا ينبغي تسييس الرياضة”.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى