سياسة

روسيا تستضيف الأسد وعائلته تحت غطاء “الأسباب الإنسانية”


ذكرت وكالات أنباء روسية مساء الأحد نقلا عن مصدر في الكرملين أن الرئيس السوري بشار الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو وحصلوا على حق اللجوء من السلطات الروسية لدواع انسانية، فيما يأتي هذا الاعلان بعد أن ترددت أنباء عن اختفاء طائرة الأسد عن شاشات الرادار بعد اقلاعها فجر الأحد بعد ترتيبات ومفاوضات توسطت فيه دول عربية على الأرجح وربما روسيا، سلم بموجبها السلطة لفصائل المعارضة دون قتال مقابل ممر آمن له ولمن يرافقه. 

ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن المصدر الذي لم تذكر اسمه قوله “وصل الرئيس السوري الأسد إلى موسكو. ومنحته روسيا (هو وعائلته) حق اللجوء لأسباب إنسانية”.

وكان متوقعا على نطاق واسع أن يلجأ الأسد إلى موسكو التي تدخلت عسكريا في سوريا في العام 2015 ونجحت في قلب موازين القوى لصالح حليفها وأنقذته من سقوط كان محققا في تلك الفترة بالتعاون مع ايران التي نشرت قوات وميليشيات شيعية موالية لها بينها حزب الله اللبناني، بينما ترددت أنباء سابقة عن لجوئه لدولة الإمارات، لكن أبوظبي لم تؤكد صحة تلك الأنباء، في حين كانت إيران أيضا وجهة محتملة، لكن يبدو الوضع الأمني فيها غير مضمون بالنسبة للرئيس الفار.

وكانت فصائل العارضة وكذلك  قيادة الجيش ورئيس الحكومة السورية قد أعلنوا في الساعات الأولى من صباح الأحد، عن سقوط العاصمة دمشق وسيطرة الفصائل على مؤسسات الدولة وعن مغادرة الرئيس السوري إلى وجهة غير معلومة، بينما

وأظهرت بيانات موقع فلايت رادار الإلكتروني المعني بتتبع الرحلات الجوية أن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس التوقيت تقريبا الذي تواترت فيه أنباء سيطرة مقاتلين من العارضة السورية المسلحة على العاصمة.

وحلقت الطائرة في البداية باتجاه الساحل السوري حيث معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، لكنها حولت اتجاهها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة.

وقال مصدران سوريان إن هناك احتمالا بأن يكون الأسد ربما قتل إذا كان على متن الطائرة، لأنها حولت اتجاهها فجأة واختفت من على الخريطة وفقا لموقع فلايت رادار.

وذكر مصدر سوري “اختفت الطائرة عن الرادار، ربما تم إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال، لكنني أعتقد أن الاحتمال الأكبر هو أن الطائرة أُسقطت “دون الخوض في تفاصيل”.

وغادرت الطائرة دمشق بعد وقت قصير من سيطرة مقاتلين من المعارضة السورية المسلحة على مدينة حمص بوسط البلاد مما قطع الطريق بين العاصمة والساحل حيث توجد قاعدتين جوية وبحرية لروسيا حليفة الأسد.

والرحلة الوحيدة التي غادرت سوريا بعد منتصف الليل وأمكن رؤيتها عبر فلايت رادار 24 لتتبع الرحلات الجوية هي رحلة أقلعت من حمص إلى الإمارات، إلا أن هذا كان بعد ساعات من سيطرة مقاتلين من المعارضة على المدينة. وخلال مواصلة المعارضة تقدمها على مدار الأسبوع الماضي، شاعت تكهنات بأنه قد يسعى إلى اللجوء إلى موسكو أو إلى حليفته الأخرى إيران.

وأعلنت المعارضة السورية في بيان على شاشة التلفزيون الرسمي  الأحد أنها حررت دمشق وأسقطت حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاما. وورد في البيان “تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد“، مضيفة أنه تم إطلاق سراح جميع المعتقلين.

وقبل ذلك بقليل، قال ضابط سوري لرويترز إن قيادة الجيش أبلغت الضباط بأن حكم الرئيس بشار الأسد انتهى، وذلك بعد هجوم خاطف شنته المعارضة.

وفي وقت سابق، قال ضابطان كبيران في الجيش السوري لرويترز إن الأسد غادر دمشق على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة اليوم الأحد، فيما أعلنت قوات المعارضة دخولها العاصمة دون وجود أي مؤشر على انتشار الجيش.

وذكر شهود أن الآلاف من السوريين في سيارات وعلى الأقدام تجمعوا في ساحة رئيسية في دمشق وهتفوا للحرية، بعد سقوط حكم أسرة الأسد الذي استمر نحو خمسين عاما.

وقالت قوات المعارضة “نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”.

وصيدنايا سجن عسكري كبير على مشارف دمشق حيث كانت الحكومة السورية تحتجز الآلاف.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان الأحد إن الأسد ترك منصبه وغادر البلاد بعد أن أصدر أوامره بتسليم السلطة سلميا.

ولم تذكر الوزارة في البيان مكان الأسد حاليا وأضافت أن روسيا لم تشارك في المحادثات بشأن رحيله.

وقال البيان “نتيجة لمفاوضات بين بشار الأسد وعدد من المشاركين في الصراع المسلح في أراضي الجمهورية العربية السورية، قرر الاستقالة من الرئاسة ومغادرة البلاد معطيا أوامر بالانتقال السلمي للسلطة… روسيا لم تشارك في تلك المفاوضات”.

وأضاف أن موسكو قلقة للغاية من التطورات في سوريا وحثت كل الأطراف على الإحجام عن العنف.

بدوره قال هاكان فيدان وزير الخارجية التركي في تصريحات صحفية من الدوحة، إنه “لا علم لنا بحالة بشار الأسد لكنه على الأرجح خارج سوريا.

وأخلي مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من الموظفين بشكل كامل، وفق أحد الموظفين السابقين في التلفزيون الذي لا تزال لديه صلات مع التلفزيون.

كما أعلن زعيم تيار المعارضة السوري الرئيسي في الخارج هادي البحرة الأحد أن دمشق أصبحت الآن “بدون بشار الأسد“.

وبينما يحتفل السوريون، قال رئيس الوزراء محمد غازي الجلالي إنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة وللتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن وفريقه يراقبون “الأحداث غير العادية في سوريا” وعلى اتصال مع الشركاء في المنطقة.

وظلت جبهات الحرب الأهلية المعقدة في سوريا خاملة لسنوات. ثم تحرك المقاتلون، الذين كانوا متحالفين في وقت ما مع تنظيم القاعدة، على نحو خاطف وسريع ليشكلوا التحدي الأكبر للأسد، الذي صمد على مدى سنوات من الحرب المنهكة والعزلة الدولية بمساعدة روسيا وإيران وجماعة حزب الله اللبنانية.

لكن حلفاءه ركزوا على أزمات أخرى أضعفتهم، الأمر الذي ترك الأسد فجأة تحت رحمة معارضيه مع جيش لم يكن مستعدا للدفاع عنه.

وقال زعيم هيئة تحرير الشام اليوم الأحد إنه “يُمنع منعا باتا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق، حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء”.

ومن المرجح أن تحتفي إسرائيل، التي أضعفت بشدة جماعة حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومتين من إيران، بسقوط الأسد أحد حلفاء طهران الرئيسيين في المنطقة. لكن احتمالات أن تحكم سوريا جماعة متشددة سيثير مخاوف على الأرجح.

وقبل ساعات من وصولها إلى دمشق، أعلنت قوات المعارضة السورية سيطرتها الكاملة على مدينة حمص المهمة في وقت مبكر الأحد بعد يوم واحد فحسب من القتال لتهدد بذلك حكم بشار الأسد الذي امتد 24 عاما.

وقال اثنان من سكان دمشق إنهما سمعا صوت إطلاق نار كثيف في وسط العاصمة، لكن لم يتضح مصدره .

وفي المناطق الريفية جنوب غربي العاصمة، استغل شبان من السكان المحليين ومقاتلو معارضة سابقون غياب السلطات وخرجوا إلى الشوارع في تحد لحكم الأسد.

وخرج الآلاف من سكان حمص إلى الشوارع بعد انسحاب الجيش من المدينة، ورقصوا وهتفوا “رحل الأسد، حمص حرة” و”تحيا سوريا ويسقط بشار الأسد“.

وأطلق مقاتلو المعارضة أعيرة نارية في الهواء للاحتفال، ومزق شبان صورا للرئيس السوري الذي انهارت سيطرته على البلاد مع الانسحاب الصادم للجيش على مدى أسبوع.

ومنح سقوط حمص مقاتلي المعارضة السيطرة على قلب سوريا الاستراتيجي ومفترق طرق رئيسي، مما أدى إلى فصل دمشق عن المنطقة الساحلية التي تعد معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد حيث يوجد لحلفائه الروس قاعدة بحرية وأخرى جوية.

والاستيلاء على حمص هو أيضا رمز قوي لعودة قلبت الموازين لحركة المعارضة المسلحة في الصراع المستمر منذ 13 عاما. وشهدت مساحات شاسعة من حمص دمارا بسبب الحرب والحصار قبل سنوات.

ووصف زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني، وهو أبرز قيادي في المعارضة المسلحة، السيطرة على حمص بأنها لحظة تاريخية وحث المقاتلين على عدم التعرض بأذى لمن يلقون أسلحتهم.

وحرر مقاتلو المعارضة آلاف المعتقلين من سجن المدينة. وغادرت قوات الأمن على عجل بعد حرق وثائق لها.

وقال حسن عبدالغني القائد في إدارة العمليات العسكرية للمعارضة في بيان في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد إن العمليات مستمرة “لتحرير” الريف المحيط بدمشق بالكامل وإن قوات المعارضة تتطلع نحو العاصمة.

وخرج سكان العديد من أحياء دمشق للاحتجاج على الأسد مساء السبت، وكانت قوات الأمن إما غير راغبة أو غير قادرة على قمعهم.

وفي إحدى الضواحي، تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد وتحطيمه.

وخارج المدينة، اجتاحت قوات المعارضة جنوب غرب البلاد بالكامل خلال 24 ساعة فحسب وبسطت سيطرتها عليه.

وأذهلت وتيرة الأحداث العواصم العربية وأثارت المخاوف من موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي.

وأصدرت قطر والسعودية والأردن ومصر والعراق وإيران وتركيا وروسيا بيانا مشتركا جاء فيه أن الأزمة تشكل تطورا خطيرا مع الدعوة إلى حل سياسي.

واستقطبت الحرب الأهلية السورية، التي اندلعت في عام 2011 بعد انتفاضة ضد حكم الأسد، قوى خارجية كبيرة ونزح بسببها ملايين اللاجئين إلى الدول المجاورة.

وهيئة تحرير الشام، أقوى جماعات المعارضة، هي فرع تنظيم القاعدة السابق في سوريا وتصنفها الولايات المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية. وما زال العديد من السوريين يخشون أن تفرض حكما إسلاميا متشددا.

حاول الجولاني طمأنة الأقليات بأنه لن يتدخل في شؤونهم والمجتمع الدولي بأنه يعارض هجمات المتشددين في الخارج. وفي حلب، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة قبل أسبوع، لم ترد تقارير عن أعمال انتقامية.

وعندما سئل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف السبت عما إذا كان يصدق الجولاني، أجاب “التجربة خير دليل”.

وقالت مصادر في الجيش السوري اليوم الأحد إن جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران انسحب من مدينة القصير على الحدود مع لبنان قبل أن تسيطر عليها قوات المعارضة.

وذكرت المصادر أن ما لا يقل عن 150 مركبة مدرعة على متنها مئات من مقاتلي حزب الله غادرت المدينة، التي كانت لفترة طويلة نقطة على طريق نقل الأسلحة والمقاتلين من وإلى سوريا. وقال أحد المصادر إن إسرائيل قصفت إحدى القوافل أثناء مغادرتها.

واعتمد الأسد لفترة طويلة على الحلفاء لمواجهة المعارضة، فنفذت الطائرات الحربية الروسية عمليات قصف بينما أرسلت إيران مقاتلين من جماعات حليفة مثل حزب الله وفصائل عراقية لدعم الجيش السوري واقتحام معاقل المعارضة.

لكن روسيا تركز على الحرب في أوكرانيا منذ عام 2022 وتكبد حزب الله خسائر فادحة خلال قتاله مع إسرائيل مما حد بشكل كبير من قدرته أو قدرة إيران على دعم الأسد.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتورط في الصراع.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى