لا يمكن فهم تنظيم الإخوان الإرهابي دون فهم طريقة تفكيره وتعاطيه مع الأحداث السياسية.
كذلك أدوات التنظيم وجماعته، التي يستدعيها من أجل بناء رابطة قوية تحمي أعضاءه بالداخل، وبناء وعاء يستخدمه لجذب مَن بالخارج أو على الأقل إثارة تعاطفهم.
التنظيم الإرهابي الذي يستخدم فقه التمكين كلما أتيحت له الفرصة ينفرد بالقرار دون مشاركة غيره.. هو التنظيم نفسه الذي يُجيد استخدام فقه الاستضعاف، ولعل إجادته هذا الاستخدام وراء انجذاب شباب إليه تحت زعم المظلومية، التي يحاول من خلالها الإخوان كسب التعاطف وقلوب الناس، لكن هيهات يحدث الآن.. فقد كان يحدث لسنوات وعقود في غفلة من الشعوب أمام زيف ما تعلنه هذه الجماعة الإرهابية.
وهذا الهدف الذي تسير إليه جماعة الإخوان الإرهابية ربما يُترجم لغتها الحادة تجاه المجتمع وأنظمة الحكم الشرعية، لكن ليس هدف هذه اللغة التشهير بالأنظمة، بقدر ما تهدف إلى طرح التنظيم الإرهابي بديلا مستضعفًا يواجه التنكيل والظلم!
هذه المظلومية الكاذبة لدى الإخوان انكشفت إلى الأبد بالطبع بعدما وصلت الجماعة إلى الحكم في مصر مثلا وعرفها العالم العربي على حقيقتها.. فخطاب الإخوان مليء بالمغالطات ولا يمكن الاطمئنان إليه، وخطر هذا الخطاب هو أن صاحبه يكذب باسم الدين، وهي جريمة في حد ذاتها لا يتورّع أبدا الإخوان عن ارتكابها.
تعلم “الإخوان” فقه الاستضعاف، تمرَّسوا فيه، فباتوا يلطمون الخدود على حالهم، ويُطالبون غيرهم بأن يشاركوهم “مآسيهم” ومن ثمّ يستخدمونهم في معركتهم ضد أوطانهم، فرغم أن التنظيم في مصر وصل إلى مرحلة التمكين، وفق أدبياته، فإنه بطش بكل المختلفين معه حتى ثار المصريون عليه، ورغم ذلك عاد التنظيم لاستخدام فقه الاستضعاف مرة أخرى.
كان الإخوان يستخدمون شعارات زائفة مثل “مشاركة لا مغالبة”، وعندما وصلوا إلى السلطة تحول الشعار إلى “مغالبة لا مشاركة”، ومارسوا العنف ضد المختلفين معهم، بدءًا من العنف اللفظي مرورا بالعنف السياسي، وانتهاء بالعنف الجنائي، فقتل الإخوان ضباط الشرطة ورجال القوات المسلحة والقضاة وعموم النّاس، بعدما أنشؤوا مليشيات لتقوم بهذه المهام الإرهابية، رغم أنهم كانوا حينها في قمة السلطة، وهذا دليل على أن العنف عند “الإخوان” مرتبط بالفكرة المؤسسة للتنظيم، تلك التي طرحها المؤسس حسن البنا قبل نحو عشرة عقود.
في الصراع الداخلي للإخوان، كلتا الجبهتين المتصارعتين استخدمت فقه الاستضعاف، في محاولة لكسب ولاء أكبر قاعدة جماهيرية داخل التنظيم الإرهابي، وحتى تستميل بقية الأعضاء لصالحها، فضلًا عن أن الجبهتين استخدمت فقه الاستضعاف في خطابها مع النظام الشرعي الحاكم في مصر، وبدا ذلك واضحًا في تصريحات القائم بأعمال مرشد الإخوان، إبراهيم منير، عندما وجه حديثه من خلال إحدى وكالات الأنباء للنظام المصري، بأنهم -أي الإخوان- “لن يمارسوا السياسة مدة 10 سنوات قادمة، مقابل أن يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل عام 2011”.
هذه المغازلة الخبيثة من الإخوان لن تنطلي على أحد، وهذا الضعف الذي يمثلونه مكشوف جدا لدى السلطات والشعوب، وها هو حلمي الجزار، عضو الهيئة العليا ومسؤول المكتب السياسي لتنظيم الإخوان، يطالب هو الآخر بمشاركة جماعته الإرهابية في الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكن الدولة المصرية كانت واضحة في لفظ الإخوان، باعتبارهم إرهابيين وليسوا فصيلا سياسيا، إرهابيون تلوثت أيديهم بدم المصريين، بعدما خرج الشعب رافضًا سياساتهم التفريقية بين كل ما هو إخواني وبين كل ما هو مصري.
لكن يبقى وجه الضحية للإخوان كورقة أخيرة دائمًا ما يلجؤون إليها وقت ضعفهم وانكشاف سترهم، والغريب أن هذه التمثيليات الإخوانية تأتي الآن من القيادات ذاتها التي كانت تهدد المصريين وتحرّض ضد جيشهم وشرطتهم وأبنائهم.
واجبنا دائمًا أن نذكّر بما جرى على يد الإخوان، وتسليط الضوء على أدوات تخريبهم وما يحاولون به اختراق العقول والقلوب.. فلنذكِّر أبناءنا ونعلمهم أن الإخوان ينتهزون أدنى فرصة ليقطعوا رقاب الجميع انتقامًا، وليس هناك ما يقنع بالتقرب إليهم أو الاستماع لمسرحيتهم وبكائيتهم الهزلية، فتفكيك مفاهيم وأدوات الإخوان، التي أحاط بها نفسه كذبا وزورا، أمر مهم للقضاء على التنظيم بشكل نهائي، رحمة بشعوب تريد أن تعيش وتهنأ بحياتها.