سياسة

اتفاقيات البحر الأبيض المتوسط تقف أمام الأطماع التركية


إن شرق البحر الأبيض المتوسط يعتبر منطقةَ تجاذبات، خاصة الجزء الغني بثروات طبيعية مهمة، ومع تزايد الأطماع التركية في المنطقة، وضعت عدة دول اتفاقيات وتفاهمات بغرض قطع الطريق أمام طموحات أنقرة.

وحسب الأمم المتحدة، فإن المياه الإقليمية للدول تمتد على بعد 12 ميلا بحريا من شواطئها، في حين تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة على أكثر من 200 ميل بحري، وبسبب تداخل الحدود في المتوسط، فإن توقيع اتفاقيات بين الدول المتجاورة وفق معاهدة قانون البحار، يظل هو الحل المناسب لترسيمها، في حين أن تركيا، عارضت ذلك بسبب أطماعها في منطقة شرق المتوسط، الغنية بثروات نفط وغاز.

اتفاق السراج- أردوغان

وسارعت تركيا في نوفمبر من العام المنصرم، وتحت ذريعة التعاون مع حكومة الوفاق الموالية لها، إلى ترسيم ِالحدود مع ليبيا، غير أن هذا الاتفاق الذي تجاهل في الحقيقة وجود جزر يونانية، أدى إلى إثارة  حفيظة أثينا التي رأت على أنه تعدي على حقوقها السيادية.

 اتفاق يوناني-إيطالي

وفي يونيو 2020، جاء الرد حيث وقعت كل من اليونان وإيطاليا على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما، وقد شدد الطرفان خلال الاتفاق على أن يكون للجزر اليونانية في المتوسط مناطق اقتصادية خالصة، إذ أن كل الجزر لها نفس حقوق البر الرئيسي، كما هو محدد في القانون الدولي، وشكل هذا الأمر ضربة قوية بالنسبة لتركيا، والتي تجاهلت هي هذه الجزر في اتفاقها مع حكومة السراج، في نوفمبر المنصرم.

وبخصوص اتفاق حكومة طرابلس مع أردوغان، قال الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، الجنرال دومينيك ترينكوان، لسكاي نيوز عربية: اتفاق طرابلس وأنقرة هو اتفاق لا يعتبر ساريا لأنه يتعلق فقط بطرف يمثله فايز السراج، ولا يمثل الشعب الليبي برمته.

الضربة الثانية

وجاءت الضربة الثانية، في يوليوز 2020، حينها وقعت مصر مع اليونان اتفاقا لترسيم الحدود بعد مفاوضات بين البلدين، وهذا الاتفاق الذي قام بتعزير قطع الطريق أمام أطماع أنقرة في ثروات المتوسط.

ومن جهته، قال أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية، كليانثيث كيرياكيديس، لسكاي نيوز عربية بأن ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان يلغي اتفاق تركيا وحكومة السراج كونه يغطي بعض المناطق التي شملتها الاتفاقية، مشيرا إلى أن اليونان تحترم القانون الدولي، عكس تركيا التي تتصرف بعدائية مع مصر واليونان، مضيفا أن الاتفاقية تتوافق مع قانون البحار.

وأكد أيضا عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، محمود محيي الدين، بأن الجانب التركي يحاول استخدام الورقة الليبية من أجل الصراع على الغاز في شرق المتوسط، مضيفا بأنه على الجانب التركي أن يقوم بترسيم الحدود البحرية مع اليونان، وأشار إلى أنه لا يوجد حدود بحرية مشتركة مع مصر، إلا إذا قامت أنقرة بابتلاع جزيرة قبرص وهو ما يقوم الاتحاد الأوروبي بمواجهته وكان الرد قويا.

وفي هذا السياق، قال ترينكوان: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن أن هناك اجتماع قادم لمناقشة اتفاق مشترك حول كيفية الاستفادة من البحر المتوسط، فمن غير المقبول أن يكون هناك تنقيب بهذه المياه بدون اتفاق، مضيفا: حكومة أنقرة تريد أن تستخدم القوة لأنها تعتبر ذلك حقا لها، وهو تصرف أحادي، أما الاتفاق الموقع بين اليونان ومصر لديه دعم دولي كبير.

وقامت أحدث الدراسات بتقييم حجم احتياطي الغاز في شرق المتوسط بنحو 345 تريليون قدَم مكعب، إلى جانب كميات مهمة من الاحتياطيات النفطية والتي تقدر هي الأخرى بنحو مليار ونصف المليار برميل من النفط، فضلا عن ثروات  طبيعية مختلفة، مما يجعل من مياه المتوسط ثروة حقيقية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى