سياسة

مرتزقة أردوغان


أصبح من المعلوم بأنه لا فرق بين إيران وتركيا في صناعة الإرهاب وفي مطامعهما وعدوانهما على الدول المجاورة من خلال المليشيات الموالية والمرتزقة والجماعات المؤدلجة، وجعلها جسرًا لها في “اليمن وسوريا والعراق ولبنان والصومال وليبيا” لتحقيق أطماع أيديولوجية وإمبراطوريات بائدة تجعلها لا ترى الحقائق على الأرض، وهو ما يعيشه أردوغان بالضبط من “جنون العظمة” الذي يُلقي بظلاله عليه؛ لجعله نديمًا لأحلام اليقظة مفرطًا في التعلق بأستارها، سادرًا في غي خيالاته باستعادة الإمبراطورية العثمانية، مجاوزًا للوقائع على الأرض ومجانبًا لحقائق تغيرات الأزمان والأماكن وفرضيات العقل والمنطق، ويعتقد أردوغان دائماً بأن الفُرصَ قد تتاح له من جديد وعليه استغلالها بأي طريقة كانت حتى لو تخطت الأعراف والقوانين الدولية، أو عبر اعتماد سياسات عدائية تجاه جميع الدول المحيطة، فهو لم يعد يأخذ بالحسبان احترام مصالح الآخرين وحقوقهم، فاللافت في نهج أردوغان هو اعتمادُه سلوك المراوغة والمناورة والمهاترة، فعندما يصل به الأمرُ إلى طريق مسدود تجده يلجأُ إلى أساليب ومسارات أخرى تتيح له فرصةَ التراجع أو التملص من تعهدات تبنّاها أمام الموالين له والمتيمنين به.

يرى الكثير انكشاف خداع وخبث ومكر أردوغان الذي لم يتعلم من دروس التاريخ ومما يحدث لنظام الملالي، ما يجعله ينزلق أكثر فأكثر في نشر الفوضى بسبب حساباته الخاطئة، وينزلق نحو مزيد من الأزمات الداخلية والخارجية، ويسهمُ في تأجيج صراعات تنذرُ في حال تَفجّرها بنشوب حرائق تطالُه وتطالُ مصالحَ بلاده قبل غيرها نظراً لسلوكه ونزعته الفوضوية، لهذا لا يستطيع تصفير وحل مشكلاته الداخلية والخارجية التي تعمق فيها ؛ لأنه على ما يبدو يستمدُّ شرعية بقائه من هذه الأزمات التي يفتعلها للاستقواء بها لخداع الشارع ولفيف المغفلين، لكن الداخل التركي يبدو الأكثر تحركا للرفض وعُرضة للانفجار هذه المرة، كذلك التحذير الأمريكي مع بقية الدول الأوربية والتلويح بالعقوبات لتركيا من إرسال مرتزقة إلى مناطق الصراع، هذه المواقف الرسمية المعلنة حيال هذه المسألة الخطيرة تشكل ضربة موجعة لأردوغان، وهي عملياً تُعتبر الأساس واللغة الوحيدة التي يفهما، لكنه حتى لو تراجع عن استفزازه واستخدامه المرتزقة واللعب بورقة المليشيات التي يقدم لها الحماية والدعم، فهذا لا يمنحه صك البراءة والنجاة مهما حاول؛ إذ لا يمكنه التخلص منهم فهم يقدرون بالآلاف، وقد أصبحوا خطرًا يهدد الجميع، فصناعة قطيع من المرتزقة والخونة لا يحتاج غير دولارات وجماعات إرهابية أيديولوجية متطرفة كالإخوان المخربين، ثم العمل على اختراق أحزاب الإسلام السياسي عبر منظومة عمل وظيفية بتحويلهم إلى بوابة للاستقطاب، هذا ما تجيده وتدركه تركيا وتموله قطر وتحميه إعلاميًا، رغم إفلاس الأيديولوجيات الإرهابية وأفكارها . 

تركيا الراقصة على قوس الأزمات من المشرق إلى القوقاز بمغامرة تبدو غير محسوبة النتائج تنطوي على مخاطر انزلاق ستدفع ثمنها، فهي الغارقة في خيباتها الاقتصادية وتوزيع التهديدات، وتدوير النفايات، فأصبحت تتاجر بالمرتزقة، وتدير صراعاتها من خلالهم حيث تشاء على مرأى العالم وتقودهم إلى حتفهم وضياعهم بعدما صنعت منهم درعاً تحمي به مخططاتها الدنيئة، وجعلتهم وقوداً للحروب العبثية وحلم الدولة المهترئة وتطلعاتها السلطوية دون اكتراث دولي حقيقي لجرائمها التي مازالت تتواصل، لاسيما وهي الوكيل الحصري والمنتج الأول للأزمات وصناعة المرتزقة وتصديرها معلبة حول العالم، لكنها حتماً ستكون بداية للحصار والفناء والنهاية المنتظرة نتيجة المغامرات التي تورط بها أردوغان.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى