ليس بمقدور أحد أن يجزم أيهما أولى وأبقى: الإنسان أم الوطن، فكلاهما علامة للحياة.
فالوطن بلا إنسان يُعمّره لا قيمة له، والإنسان دون وطن يحمل رائحته ويحوي جسده في خاتمة المطاف، لا قيمة له، لذا تطوَّر مفهوم الإنسان والأرض، فصارت الأرض وطناً، وصار الإنسان مواطناً، كلاهما رهن الآخر، فإذا ما هُرع الإنسان بحثاً عن الدفء والأمان كان الوطن ملاذه، وإذا ما تعرض الوطن إلى أذى حماه مواطنه بدمه وحياته.
ولقد منَّ الله على دولة الإمارات العربية المتحدة بشعبها، الذي يعشق ترابها وأرضها، واثقاً بقيادته، التي تحقق النجاحات تلو النجاحات، وتواصل عملها بالليل والنهار لتوفر لمواطنيها أفضل مستويات الحياة الكريمة والرفاهية.
من هنا تضافرت وتمازجت الفطرة السليمة الأصيلة في شعب دولة الإمارات مع اضطلاع القيادة الرشيدة بمسؤولياتها كأحسن ما يكون الاضطلاع وأفضله، ليكون محصلة ذلك حباً غامراً للدولة لدى أبنائها، وافتخاراً بالانتماء إليها.
وفي أثناء زيارتنا معرض “إكسبو دبي 2020” شاهدنا نماذج وطنية رائعة جعلتنا نشعر بالفخر والاعتزاز والسعادة، هذه النماذج أبطالها آلاف المتطوعين من “عيال زايد” بمختلف مستوياتهم ومسؤولياتهم وأعمارهم، فمنهم المدرس والمهندس والطبيب والإداري والطالب، من الذكور والإناث، وجدناهم جميعاً يتبارون لنيل شرف المشاركة في تنظيم معرض إكسبو دبي 2020، من أجل إخراج هذا الحدث العالمي بما يليق بسمعة ومكانة دولة الإمارات في تنظيم أفضل وأضخم الفعاليات الدولية، فهم يرون في هذه المشاركة فرصة كبيرة لصقل مهاراتهم ومعارفهم والاطلاع على ثقافات الشعوب التي حضرت إلى أرض الإمارات، فضلا عن تبادل الأفكار والخبرات في جميع المجالات، كما يرون فيها مسؤولية كبيرة تقع على عاتقهم، إذ عليهم تمثيل وطنهم أفضل تمثيل يليق بسمعته وإنجازاته ومكانته الريادية على مستوى العالم، فشعور التطوع من أجل الوطن لا يحسّه إلا المتطوّع نفسه، وتقديم خدمة دون مقابل وردّ جزء من الجميل لبلد يحتضنك يمنحك حالة من السعادة والفخر والاعتزاز.
التطوع ممارسة أصيلة لدى أبناء الإمارات، فهو جزء من ثقافتهم المجتمعية ووعيهم وإحساسهم بالمسؤولية، كما يعد من أهم سمات المجتمع الإماراتي، التي حرصت الدولة على ترسيخها من خلال إنشاء منصات خاصة به بهدف إيجاد بيئة تطوعية كفؤة وفعالة، لزيادة هذا الوعي بين أفراد المجتمع وتشجيع شرائحه كافة على المشاركة.
التجربة التطوعية بدولة الإمارات مليئة بالإنجازات والنجاحات، التي حققتها على المستويين الفردي والجماعي، وكلاهما كان له نتائج إيجابية باهرة استفاد منها المستهدَفون داخل وخارج الدولة.
فجميعنا يتذكر تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آلِ نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في عام 2017، المنصة الوطنية للتطوع، والتي كانت تهدف إلى تسجيل 200 ألف متطوع من المواطنين والمقيمين مع نهاية ذلك العام، وسجل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نفسه متطوعا في مجال صناعة الأمل، بالإضافة إلى العمل البيئي، فيما سجل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نفسه متطوعا في مجال العمل الإنساني.
إن تجاوب “عيال زايد” للتطوع في إنجاح فعاليات “إكسبو دبي” يؤكد بشكل قاطع الحقيقة، التي آمنت بها قيادتنا الرشيدة على الدوام، وهي أن المواطن الإماراتي هو الحصن الحصين لوطنه، والداعم والحامي لمنجزاته وسيادته، وقوة دولة الإمارات الحقيقية تكمن في حب وانتماء مواطنيها لها، واستعدادهم للتضحية بكل عزيز من أجلها.
إن حب أبناء هذا الوطن لقيادتهم الرشيدة أصبح من الثوابت الراسخة، يقابله حب القيادة لهم، واعتزازها وثقتها بهم، فكل تحليل لمضمون كلمات وتصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يؤكد أنهما ينظران إلى أبناء الدولة من المتطوعين في المجالات كافة بكل إكبار وتقدير، ثقةً في قدرتهم على تحمل المسؤوليات وتحقيق الأهداف والتطلعات والتغلب على التحديات، التي تواجههم، وإشادةً بإخلاصهم وكفاءتهم في كل المواقف والمناسبات.