لماذا لا يتحدث ترامب كثيرا عن غزة؟
يعكس نهج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه الصراع في غزة التحول الرافض للتدخل الذي أحدثه في سياسة الحزب الجمهوري ومشاعره تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أشعلت حرب غزة أزمة السياسة الخارجية الأكثر إثارة للخلاف في رئاسة بايدن، إذ لم يقل دونالد جيه ترامب سوى القليل عن هذا الموضوع.
وانتقد ترامب في البداية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أن يتراجع سريعا ليدلي بتصريحات تعبر عن دعمه لإسرائيل، وأطلق كذلك ادعاءات مثيرة مفادها أن هجوم حماس لم يكن ليحدث قط لو كان رئيسا.
وأشارت الصحيفة إلى أن نهج ترامب بعدم التدخل في الصراع الدامي في الشرق الأوسط يعكس التحول العميق المناهض للتدخل الذي أحدثه الرئيس السابق في الحزب الجمهوري على مدى السنوات الثماني الماضية.
ورأت أن رغبة ترامب في النأي عن الصراع في غزة متأثرة بمشاعره تجاه نتنياهو، الذي كان قد هنأ الرئيس جو بايدن بالفوز في انتخابات عام 2020، وهو أمر قد لا يغفره ترامب أبدا.
ولم يوجه ترامب أي انتقادات لرد فعل بايدن على هجوم حماس والانتقام الإسرائيلي في غزة. لكنه، عوضا عن ذلك، ألقى باللوم في الأزمة برمتها على “ضعف” بايدن، بنفس الطريقة التي يفعلها غالبًا عند وقوع أعمال عنف أو مأساة.
ويؤكد أشخاص مقربون من ترامب، الذي يتقدم على بايدن في استطلاعات الرأي في انتخابات الرئاسة، أنهم لا يشعرون بقلق بالغ حول وضع خطط للسياسة الخارجية، سواء حول إسرائيل أو أي مسألة أخرى، مشيرين إلى أنه عندما يتعلق الأمر بدعم إسرائيل، فإن مستشاري ترامب يرون أن هذا الأمر لا شك فيه.
وتؤكد المتحدثة باسم حملة ترامب الانتخابية كارولين ليفيت أن “الرئيس السابق فعل الكثير من أجل إسرائيل أكثر من أي رئيس أمريكي في التاريخ، واتخذ إجراء تاريخيا في الشرق الأوسط أدى إلى خلق سلام غير مسبوق”.
وأضافت: “عندما يعود الرئيس ترامب إلى المكتب البيضاوي، ستتم حماية إسرائيل مرة أخرى، وستفلس إيران من جديد وستتم مطاردة الإرهابيين، وستتوقف إراقة الدماء”.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب لم يواجه أي معارضة داخل حزبه بشأن موقفه من إسرائيل وغزة. وفي المقابل، يشهد الحزب الديمقراطي صراعا داخليا بسبب الحرب في غزة، حيث واجه بايدن تصويتا احتجاجيا في الانتخابات التمهيدية في ميشيغان يوم الثلاثاء بهدف الضغط عليه لتغيير نهجه تجاه ما يجري هناك.
ومن بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، التي كانت الفئة الحاسمة لنجاح الديمقراطيين في الانتخابات في السنوات الأخيرة، ولم يُعجب ما يقرب من ثلاثة أرباع الناخبين بطريقة تعامل بايدن مع الحرب في غزة.
ويتوقع أن تستغل حملة ترامب الانتخابية وأنصاره هذا الانقسام لصالحهم. وإحدى الأفكار التي تجري مناقشتها بين حلفاء ترامب كوسيلة لدق الإسفين بشكل أعمق داخل الحزب الديمقراطي تتمثل هي نشر إعلانات في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في ميشيغان تشكر بايدن على “وقوفه مع إسرائيل”، وفقا لشخصين مطلعين على الخطط.
من ناحيه أخرى، تقول الصحيفة إن ترامب استغل صدمة الإسرائيليين من هجوم حماس لتصفية حساباته الشخصية مع نتنياهو.
ففي الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول، عزى ترامب علنا هجوم حماس إلى افتقار نتنياهو للاستعداد، وأشاد بجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة ووصفها بأنها “ذكية للغاية”.
وبعدها شن هجوما آخر أكثر وطأة على نتنياهو عندما زعم أن إسرائيل كانت ستشارك في عملية قتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، لكنها انسحبت من الخطة في اللحظة الأخيرة.
وتشير الصحيفة إلى أن ما حدث بعد ذلك، خلف الكواليس، كان مغايرا بعض الشيء، حيث وصف مستشارو ترامب وحلفاؤه المقربون انتقاده العلني لنتنياهو بأنه عمل غير مقصود، وحث مستشارو ترامب الرئيس السابق على إصدار بيان يوضح فيه دعمه لنتنياهو وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وفقا لشخصين على معرفة مباشرة بالأمر.
ومن بين الأشخاص الذين حثوا ترامب على إصدار بيان الدعم كان ديفيد فريدمان، سفير واشنطن السابق لدى إسرائيل في عهد الرئيس السابق، وهو ما فعله ترامب حيث تراجع في تصريحات لاحقة عن انتقاداته، ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي بيانا قال فيه إنه يقف إلى جانب نتنياهو وإسرائيل.
وكذلك اقترح توسيع حظر السفر الذي تفرضه إدارته على الدول ذات الأغلبية المسلمة ليشمل اللاجئين الفلسطينيين من غزة.
وكنوع من محاولات رأب الصدع مع نتنياهو تعهد ترامب، في خطاب ألقاه يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول أمام الائتلاف اليهودي الجمهوري، بدعم لا يتزعزع لإسرائيل ضد حماس، ووعد بالدفاع عن البلاد ضد ما سماه “البرابرة والمتوحشين والفاشيين الذين يحاول إلحاق الضرر بإسرائيل”.