تمويل قطري ضخم لانتشال أردوغان من أزمته قبل الانتخابات
كشف مسؤولان تركيان كبيران أن محادثات تجري بين قطر وتركيا في مراحلها النهائية.
حيث بموجبها ستقدم الدوحة تمويلا ضخما لأنقرة يصل إلى 10 مليارات دولار، 3 مليارات دولار منها ستحصل عليها قبل نهاية العام الحالي.
فيما يشير توقيت هذا التمويل إلى رغبة قطرية في دعم الرئيس رجب طيب أردوغان قبل انتخابات عامة يخوضها وحزبه العدالة والتنمية برصيد من النكسات المالية والسياسية. في مواجهة معارضة نجحت في استثمار تلك النكسات لتعزيز رصيدها. بينما برزت جبهات سياسية قوية هدفها الرئيسي عزل أردوغان وإنهاء سيطرة حزبه على الحياة السياسية.
وتكابد تركيا للخروج من حالة الاضطراب المالي الناجم عن انهيارات متتالية هوت بالليرة التركية لهوة سحيقة وفقدت معها ما يقرب من 50 بالمئة من قيمتها منذ العام الماضي. بالإضافة إلى ارتفاع قياسي في معدل التضخم وانهيار في القدرة الشرائية للأتراك.
ويعتبر معالجة الأزمة الاقتصادية وكبح التضخم وإعادة الاستقرار لليرة مفتاح العبور في الانتخابات القادمة التي يقول محللون إنها ستكون مختلفة عن سابقاتها بالنظر إلى ما شهدته تركيا خلال السنوات الأخيرة من تدهور للوضع المعيشي ترافق مع تنامي حملات القمع وتضييق للخناق على الحريات.
وأفاد أحد المسؤولين التركيين بأن إجمالي التمويل قد يتخذ شكل مبادلة أو سندات دولية أو أي طريقة أخرى. مشيرا إلى أن الزعيمين التركي رجب طيب أردوغان والقطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ناقشا هذه المسألة.
ومن شأن هذا التمويل أن يعزز احتياطيات النقد الأجنبي لدعم سياسة أردوغان غير التقليدية بشأن خفض أسعار الفائدة إلى جانب إجراءات تحفيز أخرى رغم ارتفاع التضخم وتراجع الليرة.
ومع إحجام الدول الغربية عن الاستثمار في تركيا، تحولت أنقرة إلى الدول “الصديقة” لتوفير الموارد الأجنبية لدعم سياستها لمساندة الليرة من خلال تحقيق توازن بين العرض والطلب على العملات الأجنبية.
وهناك بالفعل صفقة مبادلة بين البنك المركزي التركي ونظيره القطري، كانت قيمتها في الأصل خمسة مليارات دولار. لكنها تضاعفت ثلاث مرات في عام 2020 إلى 15 مليار دولار.
وقال المسؤول الأول “المحادثات مع قطر لتقديم موارد جديدة لتركيا وصلت إلى مرحلتها النهائية. ومن المتوقع أن تكون بحد أدنى ثمانية مليارات دولار”. لكنها قد تصل إلى عشرة مليارات دولار. مضيفا “سيتم الحصول على مليارين إلى ثلاثة مليارات بحلول نهاية هذا العام والبقية في العام القادم. قد يكون هذا في صورة مبادلة أو سندات دولية، إنهم يتناقشون بشأن عدة طرق. وهناك توافق متبادل”.
وأوضح المسؤول التركي الثاني أن المحادثات المتعلقة بتوفير تمويل يتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات دولار هذا العام تتركز على السندات الدولية.
وترتبط قطر مع تركيا بعلاقات قوية. وقدمت أنقرة الدعم للدوحة عندما قاطعتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2017 بسبب خلاف تم حله مطلع العام الماضي.
وقال متحدث باسم وزارة المالية السعودية يوم الثلاثاء الماضي إن تركيا تجري مباحثات وصلت لمرحلتها النهائية مع الرياض بشأن وديعة سعودية بخمسة مليارات دولار في البنك المركزي التركي.
وتراهن تركيا على الوديعة السعودية والتمويلات القطرية لتحقيق استقرار الليرة قبل الانتخابات القادمة. بينما يتوجس أردوغان من خسارة محتملة بسبب النكسات السياسية والاقتصادية.
وأكدت وزارة الخزانة والمالية التركية اقتراب الدولتين من الاتفاق على الوديعة، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء التي أشارت إلى أن هذا الاتفاق المنتظر توقيعه قريبا جدا يأتي في إطار التقارب بين الرياض وأنقرة بعد سنوات من الخلافات الحادة بين البلدين.
كما سيعتبر الاتفاق مكسبا كبيرا للرئيس أردوغان الذي عاد إلى التقارب مع دول الخليج العربي للحصول على الدعم الاقتصادي منها في وقت سابق من العام الحالي.
ويقود وزير المالية التركي نورالدين نيباتي جهود الحصول على المساعدات من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وفي وقت سابق قال أردوغان للصحفيين إن احتياطي النقد الأجنبي الرسمي لبلاده قد يرتفع إلى 130 مليار دولار قريبا. مقابل أعلى مستوى له سجله خلال نوفمبر من العام الحالي وكان عند 117.5 مليار دولار.
وتسلط هذه التمويلات في شكل ودائع أو قروض، الضوء على حجم الخسائر التي تكبدتها تركيا خلال سنوات العداء والتوتر مع المملكة ودول خليجية أخرى ومع مصر أيضا. إذ يعتبر محللون أن قسما كبيرا من الأزمة التركية مرده تسميم أردوغان لعلاقات بلاده الخارجية مع الشركاء الإقليميين والدوليين، ما جعل السوق التركية طاردة للاستثمار الأجنبي.
وبمجرد عودة الدفء للعلاقات التركية بعد مصالحة أولى مع الإمارات وثانية مع السعودية. تنفس الاقتصاد التركي نسبيا وسط توقعات بأن تعطيه المساعدات والاستثمارات الخليجية دفعة جديدة على طريق التعافي.
لكن محللين يعتقدون أن المساعدات والاستثمارات الخليجية وحدها لن تعيد الاستقرار للاقتصاد التركي وأن جزء من الأزمة يعود لسياسات الرئيس أردوغان ومنها تدخلاته في السياسة النقدية التي أدت إلى تدمير الليرة بحسب المعارضة التركية.
وتسببت معركة خفض سعر الفائدة التي يخوضها أردوغان منذ سنوات. وأرغمت معارضيها في البنك المركزي على المغادرة طوعا أو كراهية، في انحدار الليرة إلى هوة سحيقة.
ولم تفلح إجراءات اتخذتها حكومة أردوغان في كبح تضخم بلغ مستويات قياسية ولا في إعادة الاستقرار إلى الليرة وهو ما يفسر إلى حد كبير مسؤولية الرئيس التركي وحكومته عن الأزمة الراهنة.
وتتهم المعارضة التركية التي بدأت مبكرا في تشكيل تحالفات سياسية لخوض الانتخابات القادمة في جبهة موحدة ضد أردوغان،. الحكومة بسوء إدارة الأزمة منذ ظهر فيروس كورونا في نهاية العام 2019.
وحملت الرئيس أردوغان المسؤولية عن تدهور الوضع المالي والمعيشي للأتراك. بينما تقول مصادر محلية أيضا إن تدخلاته الخارجية المدفوعة بطموحات شخصية استنزفت المالية التركية على حساب مصالح الشعب.