تشرذم و تفكك داخل جماعة الإخوان الإرهابية


انشقاق يضرب جماعة الإخوان الإرهابية ويقودها نحو مزيد من التفكك، ليلفظ التنظيم الدولي أنفاسه الأخيرة.

البيعة

محاولة إعادة إنتاج مفهوم البيعة، كإحدى الوسائل الإخوانية التي تستخدمها القيادات عند وقوع الخلافات أو الصراعات، بهدف استقطاب أعضاء الإخوان لصالح جناح دون غيره.

وأمس، تجلت الحيلة الإخوانية بتوظيف مفهوم البيعة، عن طريق القيادي الإخواني والمفوض السابق للعلاقات الدولية بالتنظيم، يوسف ندا، الذي دخل على خط الحرب المستعرة  في قمة “رأس الإخوان” بين جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة الموجود في إسطنبول، ومعسكر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد ونائبه، والمقيم في لندن.

ودعم ندا في مقطع فيديو بثه مساء الجمعة، وتناقلته مواقع تابعة للإخوان، منير، قائلا: “جاءنا من مصر اعتماد منير كمسؤول عن الجماعة في حال اعتقل محمود عزّت، وهو ما تم بالفعل“.

وعدّد القيادي الإخواني خصال منير، محاولا التأكيد على مسألة البيعة بقوله “الثقة به كانت معتمدة ابتداء من المرشد محمد حامد أبوالنصر، وجميع المرشدين من بعده“.

اللافت أن محاولة ندا دعم وتجديد البيعة لأحد طرفي الصراع، ليست الأولى من نوعها، كما أنها لم تقتصر على رأس التنظيم، بل سبقها محاولات بين القيادات الفاعلة في التسلسل الهرمي للتنظيم، سواء في جبهة منير أو حسين.

وسبق أن أعلنت شخصيات إخوانية عدة “تجديد البيعة” لمنير، في مقابل شخصيات إخوانية من بينها إخوان الداخل المصري كابنة المعزول محمد مرسي، الذين أعلنوا دعمهم لجناح جبهة التنظيم بتركيا بقيادة حسين.

ومفهوم تجديد البيعة أحد أهم أركان الانتساب للجماعة الإرهابية، وهي ذات بعد سياسي وعسكري محوري لضمان ولاء الإخوان واستعدادهم لتحقيق أهداف الجماعة التنظيمية والاستراتيجية.

وعادة يربط تجديد البيعة بين الفرد الإخواني والجماعة، سواء مرشده أو مسؤوليه الإداريين، ويكون على مرحلتين إما عند الانتهاء مما يسمى بـ”مراحل التصعيد” لأي عضو تم اختياره للانضمام وإما أثناء اختيار مرشد جديد للجماعة.

وهنا لا بد من طرح السؤال التالي: لماذا يصر التنظيم الدولي على استخدام وسيلة “تجديد البيعة”، الآن رغم أن صراع الإخوان انتشر في أوساطه وأصبح كالنار في الهشيم؟

دجل تنظيمي

أحمد بان، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية والإرهاب، قال إن “الإخوان تلجأ إلى مفهوم تجديد البيعة كأحد أشكال الدجل التنظيمي من أجل ضمان سمع وطاعة الأعضاء وتأكيد الثقة بقيادة بعينها عندما يحدث جدل أو خلاف بين قيادتين أو صراع تنظيمي داخل التنظيم“.

لكن “بان” يلفت إلى حقيقة، وهي أنه “بالرغم من هذه الحيلة الإخوانية لكن لا يمكن الحسم بدعم فريق لجبهة دون أخرى، لأننا لا نتحدث عن حركة علنية لها سجلات عضوية يمكن مراقبة عددها وشكل تصويتها“.

وتابع: “بالتالي نحن أمام حالة جديدة من الانشقاق التنظيمي بين الفريقين، ومحاولة للدجل من أجل الادعاء بأن هذه الجبهة أو تلك هي من حظيت بثقة الأعضاء“.

ومنذ وصول الخلافات أشدها بين جبهتي الإخوان في تركيا وبريطانيا، يعيش التنظيم الدولي حالة تدمير ذاتية غير مسبوقة، فيما كان التعويل الأكبر من شباب الجماعة على حسم قيادات السجون وتحديدا مرشد الإخوان للصراع، عن طريق تغليب جبهة دون الأخرى”.

ولكن مع تشديد الإجراءات الأمنية، والحيلولة دون إتمام التواصل بين قيادات السجون ومن بالخارج، لجأت قيادات إخوانية خاصة من رموز الصف الأول لحسم موقفها لصالح منير، تلاها دعوات عبر مجموعات التليجرام والتي تحركها اللجان الإلكترونية، لتجديد البيعة لمكتب لندن.

هناك 3 مجموعات نشطة على برنامج “تليجرام”، تعكس حالة الانشطار التي تعيشها الإخوان، فالأولى لصالح منير وتدعو لتجديد البيعة له، مقابل أخرى لصالح حسين في مواجهة نائب المرشد والطعن في قراراته وفقا لما رصدته “العين الإخبارية”.

فيما تتبنى المجموعة الأخيرة من الشباب “الحل الذاتي” للجماعة بصورتها الحالية، عبر الإطاحة بالجبهتين.

لهذا السبب، بدأ رموز الإخوان في استدعاء مصطلح “تجديد البيعة” للمحاولة على السيطرة على القواعد المختلفة، لصالح إحدى الجبهتين، وفق ما يوضحه خبير مختص.

انفراط العقد

وعن محاولات قيادات الصف الإخواني استدعاء مصطلح تجديد البيعة، يوضح سامح إسماعيل الخبير في الحركات الإسلامية “أنصار مكتب لندن يحاولون إعادة مصطلح البيعة لمنح المشروعية لمنير. في الجانب الآخر حسين وجماعته حاولوا أيضا استدعاء شرعية أخرى عن طريق إعادة تجديد البيعة لبديع والقادة في السجون”.

ويتابع: “بالتالي أصبحت حرب البيعة مبتذلة ما أدى إلى ظهور جبهة ثالثة، وهي جبهة محمد كمال التي تقود شباب الجماعة حاليا، من خلال استيعاب معسكر لندن وإسطنبول والقول إن كليهما فقد مشروعيته ولا بيعة هنا ولا هناك، وإنما على شباب الجماعة أن يجدد دماء التنظيم ويختار قائدا جديدا بعيدا عنهما”.

وانطلاقا من هذا الصراع، وفق إسماعيل وبان، فإن ذلك “سيقود الجماعة إلى مزيد من التشرذم والتفكك وسيؤدي إلى سقوط مفهوم البيعة ككل وسقوط مشروعيته، وبالتالي انفراد عقد الدعاية الدينية التي تقوم عليها الجماعة”.

صراعات

وقبل أيام، ردت جبهة منير على دعوة حسين بانتخاب مرشد جديد للتنظيم الإرهابي، بتجميد عضويته و5 آخرين من أعوانه، وعدم الاعتداد بكل ما يصدر عنهم.

وأرجعت جبهة منير قرار التجميد لما قالت إنه “تكرار مخالفاتهم (القادة الـ6) بما لا يستند إلى نص لائحي ولا قياس تاريخي ولا منطق عقلي”.

وأعلنت جبهة منير إطلاق منصات إعلامية بديلة بعضها يحمل نفس الاسم، حيث أطلقت الجبهة ما اعتبرت أنه “الموقع الرسمي والوحيد للجماعة باسم “إخوان سايت” بديلا لـ”إخوان أون لاين”.

وجاءت قرارات جبهة منير في أعقاب إعلان جبهة حسين، السبت الماضي، أن مجلس الشورى قرر قبول طلب محمود حسين بعدم توليه مهمة القائم بالأعمال، و”تشكيل لجنة مؤقتة يختارها مجلس الشورى العام تقوم بعمل المرشد العام في الشأن المصري لمدة ستة أشهر أو اتخاذ المجلس قرارا بتحديد القائم بالعمل أيهما أقرب”.

وتولى منير منصب القائم بأعمال المرشد بعد أن أوقفت السلطات المصرية، في أغسطس/آب 2020، محمود عزت الذي شغل المنصب خلفا لمحمد بديع مرشد الجماعة.

وفي خضم الصراع على منصب الإرشاد في تنظيم يعتمد على السمع والطاعة، يواجه الإخوان أعنف أزمة منذ سبعينيات القرن الماضي، ما يمهد لانهيار تاريخي لجماعة انتهجت العنف سبيلا لتحقيق أهدافها منذ تأسيسها عام 1928 في مصر.

Exit mobile version