“بيريز” من المريخ إلى الدوحة !
في العام 2007 وصل شيمون بيريز في رحلة طويلة إلى الدوحة قادماً من القدس الغربية حيث مكتبه الرئاسي مستخدماً مطار تل أبيب، وقف حمد بن خليفة وحمد بن جاسم ومعهم صف طويل من وزراء الحكومة القطرية في استقبال ضيفهم الكبير كما سموه، كانت الجزيرة وبقية منصات قطر تبث الوصول على الهواء مباشرة، وكانت الدوحة في قمة فرحها وكأنها في عيدها الوطني.
لم يسأل أحدٌ حمد بن خليفة عن ضيفه الإسرائيلي وكيف وصل إلى قصر الوجبة، ولا عن أي مسار أخذته طائرته الرئاسية وهل مرت عبر تركيا ثم نزولاً إلى الدوحة أم البحر الأحمر ثم التفافاً إلى الدوحة، ولا عن طائرات الإف 16 التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي التي رافقته حتى وصل الدوحة.
كثيرون يعلمون أن نفس الطائرات الحربية التي رافقت بيريز كانت تلقي حممها على المدنيين في غزة ولبنان قبلها بأسابيع، إنه نفاق بعض العرب في أبشع صوره الذي يرى طائرة شركة العال الإسرائيلية ولا يرى طائرة شيمون وما تبعها من رحلات وزراء ورجال موساد واقتصاد ورياضيين إلى يومنا هذا.
دعوني أكشف الحقيقة نيابة عن قناة الجزيرة وتلفزيون العربي الجديد ووكالة أنباء الأناضول وعبد الباري عطوان وإسماعيل هنية وغيرهم من مناضلي الدولار، فلا شك أننا جميعاً متوهمون، فلا شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ولا وزير الدفاع الإسرائيلي السابق «أفيجدور ليبرمان» ولا رئيس الموساد يوسي كوهين، ولا الجنرال هيرتزي هاليفي أحد أهم قيادة الجيش الإسرائيلي قدموا إلى الدوحة من دولة إسرائيل، بل لقد هبطوا جميعاً من كوكب المريخ، ولم يأتوا أبداً من الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تسميها الشعوب العربية، مع ملاحظة أن قناة الجزيرة تطلق عليها لليوم دولة إسرائيل.
أما إذا تساءلتم عن كل الإسرائيليين الذين تشاهدونهم في فنادق الدوحة وشوارعها يأكلون الآيسكريم في سوق واقف أو يلتقطون الصور وهم يصافحون الفتيات والشباب في الجامعات والملتقيات القطرية، أو يغشون ويشاركون في مناسباتها الرياضية والاقتصادية، فهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى كائنات فضائية هبطت في الدوحة قادمين من الفضاء لزيارة مزرعة تميم وأبيه.
صحيح أن الطائرات التي أقلتهم وهبطت بهم في مطار حمد تحمل اسم شركة العال لكنه تشابه أسماء لا أكثر، فلا تسيئوا الظن في حمد وممثل إسرائيل عزمي بشارة، وحتى لو لاحظ عرب الشمال والفلسطينيون أن نجمة داوود ترفرف في سماء الدوحة فليس مطلوباً منكم أن تدققوا أو تنتقدوا، صحيح أن حكام قطر يقومون بإعطاء العرب كما نقول في العامية من «الرخيص» الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، لكنهم في حقيقة الأمر يقومون بدور المقاول الوفي للإسرائيليين وللاتحاد الأوروبي في المنطقة.
من مضحكات هذا الزمان أن يحسب حمد وتميم على المقاومين، وتوصف قطر بأنها دولة ممانعة، هذا الحلف الذي تم تفصيل قميصه في طهران وخياطته في تل أبيب، قماش واهٍ لا يستر عورة ولا يغير حقيقة.
بالطبع هناك مئات الملايين من الدولارات تقدمها الدوحة لتل أبيب «سنوياً» لتمويل عملياتها الأمنية والاستخباراتية ولكي يقضي الشعب الإسرائيلي لياليه آمناً مطمئناً من عبث المنظمات الفلسطينية وقذائف التنك التي تطلقها بلا هدف.
ما تقدمه قطر من روايات عن علاقتها مع تل أبيب لا تعدو أن تكون قصصاً واهية يمكن أن يحكيها شيمون وأفاخاي وكوهين وليفي لأبنائهم قبل النوم عن صاحب مزرعة صغيرة غني وساذج، ولا يوجد بها إلا حقل غاز وقناة ومستوطنة بشرية ويريد أن ينفرد بجاره اليهودي لينتقم من الجيران الآخرين.
نقلا عن عكاظ