سياسة

بيت العائلة الإبراهيمية.. رسالة الإمارات للإنسانية


ترجمة على أرض الواقع لأهداف وثيقة “الأخوة الإنسانية” التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبو ظبي فبراير 2019. يجمع بيت العائلة الإبراهيمية” الديانات السماوية الرئيسية الثلاث تحت سقف صرح واحد، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.

وتجسيدا لأهمية التعايش والأخوة بين الجميع يمثل هذا البيت رسالة الإمارات للإنسانية، بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.

ونحو مستقبل يسوده السلام والوئام والمحبة، تكون الإمارات بافتتاحها هذا البيت قد أهدت العالم معلمًا حضاريًا ومركزاً للحوار والتفاهم بين الأديان. وفضاءً ملهمًا للتثقيف، ومنارة للتفاهم المتبادل والتعايش بين أبناء الديانات، ووجهة للتعلم والحوار والتعارف، وواحة تجمع الإخوة في الإنسانية 

ويحفظ “بيت العائلة الإبراهيمية” لكل دين خصوصيته إذ يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً جنبا إلى جنب، بما يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، وفي ذات الوقت.

ويشكل “بيت العائلة الإبراهيمية ” للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات. مقدمًا بذلك صرحًا عالميًا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.

وللتأكيد على أهمية هذا الصرح الحضاري، غرد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات قائلا: “بيت العائلة الإبراهيمية صرح للحوار الحضاري البناء ومنصة للتلاقي من أجل السلام والأخوة الإنسانية”.

ولفت عبر حسابه بموقع “تويتر” أن: “بناء جسور التواصل والتعايش والتعاون بين الجميع نهج الإمارات الثابت في مسيرتها”.

تعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية

وتأتي أهمية افتتاح هذا الصرح الحضاري بعد أيام من الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية 4 فبراير الجاري. تخليدا لخطوة دولة الإمارات التاريخية باحتضان توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية.

وفي ظل الأزمة التي نتجت عن الزلزال المدمر بتركيا وسويا، تتواصل جهود دولة الإمارات. لدعم ومساعدة البلدين المنكوبين للتخفيف من آثار الزلزال الذي ضرب يوم 6 فبراير الجاري، مجسدة أسمى صور التضامن والأخوة الإنسانية.

وقد قاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وجعلت دولة الإمارات في صدارة دول العالم الداعمة للشعبين التركي والسوري، بحجم تبرعات هو الأضخم حتى الآن، إذ تجاوز 100 مليون دولار. وجسرا إنسانيا هو الأكبر أيضا حتى الآن تم تسيير 87 طائرة منه حتى الآن. حملت 2307 طنا مساعدات إغاثية وما زال الدعم متواصلا، لترسم الإمارات عبر هذه الجهود ملحمة إغاثية إنسانية.

وفي تجسيد واضح لتعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية، يتزامن الافتتاح أيضا مع استضافة دولة الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28”. الذي يستهدف مواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ، 

فبعد أن أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 2023 “عام الاستدامة” في دولة الإمارات، يأتي الافتتاح في عام الاستدامة، في مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.

ولتجسيد الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها من خلال حفظ حقوق أجيال المستقبل. يعني مفهوم الاستدامة “تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة”. 

فكرة الإنشاء

تم الإعلان عن إنشاء بيت العائلة الإبراهيمية لأول مرة يوم 5 فبراير 2019، غداة توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية”.

وتخليدا لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة بين قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لدولة الإمارات، وإطلاقهما من أبوظبي “وثيقة الأخوة الإنسانية”، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتخصيص مساحة أرض في جزيرة السعديات وتشييد معلم حضاري جديد يُطلق عليه اسم “بيت العائلة الإبراهيمية”.

وتم التأكيد على أن يجسد ذلك المعلم البارز أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، ويعبر عن حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في مجتمع دولة الإمارات، ويكون أول مبادرة للوثيقة.

وتقوم وثيقة الأخوة الإنسانية على الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة، وتشكل دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب.

وتبرز فكرة العائلة الإبراهيمية أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث تم فتح المجال لمعماريين معروفين حول العالم تتنوع خلفياتهم ودياناتهم للمشاركة.

وخلال الاجتماع الثاني اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، في 20 سبتمبر 2019، بالمكتبة العامة بنيويورك، بحضور الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، تم اختيار تصميم المعماري العالمي الشهير، السير ديفيد أدجاي، لبيت العائلة الإبراهيمية.

وقد ضم التصميم: كنيسة ومسجدا وكنيسا تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعا مشتركا تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات، لتعزيز قيم التعايش السلمي والقبول بين العقائد والجنسيات والثقافات المختلفة.

ووفق عملية دقيقة، أجمع أعضاء اللجنة العليا، على أن اختيار هذا التصميم العصري لـ”بيت العائلة الإبراهيمية”، وقد أتيحت الفرصة خلالها لمشاركة معماريين معروفين حول العالم تتنوع خلفياتهم ودياناتهم.

معلم حضاري عالمي

ويتسم تصميم المعماري أدجاي بالتميز، حيث يضم أماكن عبادة منفصلة لكل ديانة، ومكانا مشتركا للتعاون، تقام فيه تجمعات غير رسمية، ولكونه تصميما معاصرا، فهو يعكس الهدف الذي تم وضعه لإنشاء مكان للأجيال المقبلة يستقطب الأجيال المستقبلية”.

وشدد الخبراء أن هذا المشروع الحضاري سيكون بمثابة معلم حضاري عالمي، يهدف إلى إعلاء قيم التنوع والتفاهم والمحبة والتسامح، ويعطي في نفس الوقت للبشرية محطة للتأمل والأمل، والاحتكام إلى العقل والإرث الإنساني للأمم والشعوب مهما اختلفت وتعددت قناعاتها وأديانها وعقائدها.

في منتصف نوفمبر 2019 في الفاتيكان، التقت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لتقديم التصور والمقترح لبيت العائلة الإبراهيمية.

وقد بدأت رحلة العمل على إنشاء المشروع، بعد حصول التصميم على مصادقة الرمزين الدينيين الكبيرين، الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة بابا الفاتيكان، وتحت إشراف اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.

العمارة الهندسية للمبنى

“بيت العائلة الإبراهيمية” بعمارته الهندسية البديعة يتكون من ثلاثة مكعبات تستحضر ملامح العمارة التقليدية الخاصة بالديانات الثلاث وتبرز في ذات الوقت عناصرها الجمالية والهندسية المتفردة.

كما يضم هذا الصرح المتميز 3 مبان منفصلة، سيخصص كل مبنى على حدة منها لعبادة ديانة سماوية في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسية للمجمع.

كما يتوفر البيت على مبنى رابع غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة مركز ثقافي يجتمع فيه الأخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامج تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزيز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والأخوة الإنسانية بمختلف انتماءاتهم.

ويبرز المبنى من هذا المنطلق التعايش الإنساني، وسترحب أماكن العبادة الثلاثة التي يتكون منها “بيت العائلة الإبراهيمية” بجميع الزوار الراغبين في العبادة والتعلم والتحاور. كما سينظم “بيت العائلة الإبراهيمية” مجموعة متنوعة من البرامج والفعاليات اليومية، واستضافة المؤتمرات والقمم الدولية.

ولضمان اتساقها والتزامها بمتطلبات كل دين وتعاليمه، وخلال مراحل التصميم أشرك أعضاء المجتمعات الدينية من جميع أنحاء العالم لتقديم رؤيتهم ومشورتهم بشأن كل من المباني الثلاثة. 

مبنى “بيت العائلة الإبراهيمية” دعوة للتعايش

وكانت افتراءات زائفة لا تمت للحقيقة ولا لفكرة للبيت أو وثيقة الإخوة الإنسانية بصلة، قد بدأت تطال البيت بعض المزاعم والافتراءات، كان أبرزها أن مبادرة “بيت العائلة الإبراهيمية” تدعو لدين جديد يدمج الديانات السماوية الثلاث في دين أطلقوا عليه اسم “الدين الإبراهيمي”.

ومع المضي قدما في إنشاء البيت وعلى العكس تماما، بينت العائلة الإبراهيمية، أن المبنى يضم كنيسة قائمة بذاتها، ومسجدًا قائمًا بذاته، وسيكون لكل فرد الحرية في ممارسة معتقداته؛ فهو يكرس حرية الاعتقاد لا دمج المعتقدات، يدعو لتعايش بين الأديان وليس انصهارها.

تم الكشف رسميًا عن الأسماء التي من المقرر أن تحملها أماكن العبادة الثلاثة، فى 15 يونيو 2021، حيث يرفع المسجد اسم “الإمام الطيب” فيما أطلق اسم “القديس فرنسيس” على الكنيسة، أما الكنيس اليهودي فيحمل اسم “موسى بن ميمون”.

ويعد إطلاق أسماء فضيلة الإمام الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، وموسى بن ميمون على دور العبادة الثلاثة، رسائل محبة وسلام تستفيد منها الأجيال الحالية والقادمة في جميع أنحاء العالم، وعرفانًا وامتنانًا لمواقفهم ورسائلهم الواضحة لإعلاء قيم الأخوة الإنسانية، والتعريف بجهودهم ومبادئهم.

أهمية بيت العائلة الإبراهيمية

وقد أضحى العالم ومع افتتاح “بيت العائلة الإبراهيمية”، يدرك حقيقة الرسائل والأهداف التي يعبر عنها ويجسدها. والتي تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.

ومن خلال فكرة ذلك البيت تؤكد دولة الإمارات أهمية التركيز على ما يجمعنا من قيم مشتركة تدعو لها مختلف الأديان لنكون حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الإخوة التي نعيش فيها جميعا في تكامل وتعاون، الذي نحن في أمس الحاجة له في هذا التوقيت تحديدا، وخصوصا بعد انتشار أوبئة مثل فيروس كورونا المستجد التي تحتاج إلى تعاون عالمي لمواجهته.

وبغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات، يجسد البيت رسالة دولة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع.

كما تؤكد دولة الإمارات من خلال ذلك البيت أهمية الإيمان بالاختلاف وأن تنوع المذاهب والعقائد لا يمكن إلغاؤه، وأن التعايش بين أتباع الديانات المختلفة في وئام وسلام واحترام متبادل هو السبيل لتعزيز الاستقرار، وبناء درع واق لحماية مجتمعاتنا من أخطار الإقصاء والتشدد والتطرف.

دولة الإمارات جسدت تلك الرسائل على أرض الواقع، من خلال احتضانها لأكثر من 200 جنسية يمارسون معتقداتهم بحرية تامة، من خلال دور العبادة المنتشرة في البلاد المخصصة لهم، من بينها كنائس للمسيحيين ومعبدين هندوسيين وكنيسا يهوديا ومعبدا للسيخ وديرا بوذيا.

وترجمة لعراقة قيم التسامح والتعايش السلمي وحرية المعتقد في الدول، وتوجد في دولة الإمارات العربية المتحدة 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة بعضها تبرعت لها دولة الإمارات بأراضٍ لإقامتها.

 وهذا ما أكده من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حمله حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. مشيرا إلى أن “بيت العائلة الإبراهيمية” صرح للحوار الحضاري البناء ومنصة للتلاقي من أجل السلام والأخوة الإنسانية.

سيتم افتتاحه مشروع بيت العائلة الإبراهيمية قريباً على أرض جزيرة السعديات في أبوظبي.

ويعد “بيت العائلة الإبراهيمية” مثالاً حياً على رؤية قيادة دولة الإمارات في تعزيز قيم التعايش السلمي، والقبول بين العقائد والجنسيات والثقافات المختلفة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى