سياسة

“الحوثي” يبتز المجتمع الدولي

محمد فيصل الدوسري


انتهت في 2 أكتوبر الماضي الهدنة الأممية في اليمن، وفشلت جهود المبعوثين الأممي والأمريكي ووزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والأطراف الأوروبية والإقليمية المهتمة بالشأن اليمني، في التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد هذه الهدنة.

 

وها قد ظهرت جلية نتائج قرارات الولايات المتحدة غير المدروسة بشأن الحوثيين الإرهابيين، خصوصا مع صعود الرئيس بايدن إلى السلطة، والذي استهل رئاسته بإخراج مليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب الأمريكية، في خطوة اعتُبرت حينها بمثابة الانحياز للمليشيا الإرهابية، وتقويتها على حساب حلفاء واشنطن الرئيسيين في الشرق الأوسط، لتجد واشنطن نفسها مضطرة لمواجهة تهديدات “الحوثي” باستئناف العمليات العسكرية، بعد فشل مفاوضات الهدنة الأممية.

ويستغل الحوثيون تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتحديدا أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار، في ظل حاجة الأسواق إلى استمرار تدفق النفط والغاز لسد العجز المترتب عن نقص الإمداد بالغاز الروسي.

وعليه، فمن مصلحة المعسكر الغربي أن تستمر الهدنة الأممية في اليمن لضمان استقرار وأمن المنشآت النفطية في المنطقة ككل، وهذا ما يدركه “الحوثي” الإرهابي، الذي يبتز المجتمع الدولي عبر رفع سقف مطالبه، ما يؤكد أن القوة العسكرية أثبتت جدواها في التفاوض معه، بينما أسلوب الاستمالة، الذي انتهجته الولايات المتحدة، أعطى الحوثيين الإرهابيين الفرصة لاستخدام أدوات الضغط ومنهج الابتزاز والتهديد بالعودة لاستهداف منشآت النفط وخطوط الملاحة الدولية، بهدف الضغط على المجتمع الدولي والحكومة الشرعية في اليمن للاستجابة لمطالبهم.

وعند مراجعة مواقف مليشيا “الحوثي” الإرهابية منذ بداية الأزمة اليمنية، سنجد أن الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية ليست في سُلم الأولويات لديها، وسندرك أن إحلال السلام في اليمن ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني وترك الحكومة الشرعية تعمل على ذلك، لا يقع ضمن الاستراتيجية الحوثية، لسبب بسيط، وهو أن الحوثيين مرتبطون تماما بأجندة خارجية تحركهم ضد مصالح اليمنيين، ومسألة عدم التزام الاتفاقات ليست بجديدة عليهم، وتذكّرنا بمشاورات الكويت، حين تراجع “الحوثي” في اللحظات الأخيرة عن الاتفاق بعد 100 يوم من المشاورات، وهذا ما تكرر في مفاوضات الهدنة الأممية الراهنة، فبرغم موافقة الحكومة الشرعية على النسخة المعدّلة المقترحة من المبعوث الأممي، وبرغم الموافقة التي أبداها متحدث الحوثيين، أصدر ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى للحوثيين” بيانا رافضا لبنود الهدنة، ما بدّد كل الجهود الدولية والإقليمية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن.

وبرغم أن البنود الأممية تتضمن هدنة مدتها ستة أشهر، وتوسيع الرحلات من مطار صنعاء، وفتح ميناء الحديدة، ورفع الحصار عن مدينة “تعز”، فإن فشل الهدنة مرتبط بابتزاز الحوثيين للمجتمع الدولي بمطالب تتمثل في الرفع الكلي للقيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة، ومطالبة الحكومة الشرعية بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة “الحوثيين”، بما فيها عناصر القوات الأمنية والعسكرية، ودفع المستحقات المتأخرة منذ سنوات من عوائد المناطق المحررة، والتي تقع ضمن سيطرة الحكومة الشرعية.

الوضع في اليمن يحتاج إلى هدنة حقيقية تضع أمن واستقرار الإنسان في المرتبة الأولى، تتحول بعدها الهدنة إلى مسارات للسلام الشامل، ولا تحتاج أبدا إلى هدنة ظاهرها التوقف عن الحرب وباطنها حشد “الحوثي” عسكريا لحرب جديدة، تُستخدم فيها لغة التهديد والخطابات الشعبوية، التي تنم عن فكر لا يمت للواقعية بصلة، فتشنُّج المواقف الحوثية يستهين بالتحولات والظروف التي يمر بها العالم، فمليشيا “الحوثي” الإرهابية تعلم أن الغرب لن يقبل في هذا التوقيت تهديد مصادر الطاقة.. لذلك، فمن الضرورة أن يكثف الغرب الضغوط على الحوثيين، لأن التجربة علّمتنا أن هذه المليشيا بعيدة كل البعد عن توجهات السلام، ولا ترضخ إلا بالقوة والضغوط الحقيقية.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى