سياسة

الاتحاد المغاربي يختبر مدى صدق نوايا الجزائر في حل الخلاف مع المغرب


رحبت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي بالتصريحات التي أدلى بها وزير الخارجة الجزائري أحمد عطاف مؤخرا لمنصة ‘أثير’ التابعة لقناة الجزيرة القطرية والتي أعلن فيها استعداد بلاده “لتهيئة الأرضية لمواصلة البناء المغاربي عبر الإسراع في إيجاد حل للخلاف مع المغرب يحقق التآخي ومواصلة تحقيق الحلم المغاربي”، معلنة استعدادها للمساهمة في هذا التوجه.

وتشكل تصريحات عطاف في توقيتها ومضمونها اختبارا لنوايا ولجدية الجزائر ومدى استعدادها فعلا وقولا للمضي قدما في إنهاء الخلافات مع المغرب، لكن في ظل التصريحات الجزائرية الرسمية المتناقضة يبدو إعلان الوزير الجزائري أقرب للمناورة السياسية منه لرغبة حقيقية في طي صفحة التوتر  وإيجاد أرضية مناسبة لتفعيل دور الاتحاد المغاربي.

لكن موقف الاتحاد المغاربي من تصريحات عطاف قد يضع الجزائر أمام اختبار حقيقي ويقطع الطريق على أي ممارسات تضليلية أو مخادعة فإن كانت جادة في ما أعلنه وزير خارجيتها فإن عليها الانخراط الفعلي والعملي في جهود تسوية الخلافات مع المغرب والتخلي عن مواقفها السلبية وعن السياسات المعادية لمصالح وسيادة المغرب على كل أراضيه.

وقالت الأمانة العامة في بيان نشرته على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي إنها استمعت “باهتمام كبير إلى تصريح أحمد عطاف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بالجمهورية الجزائرية” والذي عبّر فيه عن “الاستعداد لتهيئة الأرضية لمواصلة البناء المغاربي عبر الإسراع في إيجاد حل للخلاف مع المغرب يحقق التآخي ومواصلة تحقيق الحلم المغاربي”.

وقال الأمين العام للاتحاد التونسي الطيب البكوش “نحن نرحب بهذا الموقف ونقدّر صدوره في هذا الظرف الذي تمرّ فيه المنطقة العربية بأزمات خطيرة، تحتم على الاتحاد المغاربي أن یكون جاهزا للقيام بدور فعال في صيانة مصالح الأمة العربية والإسلامية والقارة الإفريقية بفضل ما يتوفر لديه من طاقات موضوعية من الواجب توظيفها في سبيل هذا الهدف النبيل الذي لا يتحقق إلا بمغرب كبير، متراص الصفوف يتقدم بخطى ثابتة نحو مزید من التآخي والتكامل والاندماج”.

وتابع “نحن في الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي على أتم الاستعداد للمساهمة في هذا التوجه الراقي ونأمل أن نرى الأطر الشاغرة الثلاثة في الأمانة العامة ترشح لها الجزائر كفاءات في مستوى المرحلة وهي مدير البنية الأساسية ورئيس قسم التنمية البشرية وخبير البنية الأساسية بالتزامن مع تسدید المستحقات المتخلدة بالذمة وأن نزف بذلك هذه البشرى لشعوب مغربنا الكبیر”.

ولم تسدد الجزائر المستحقات المالية المترتبة عليها بحكم العضوية في الاتحاد وهو أمر ناجم أساسا عن خلافاتها مع المغرب خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية وهي قضية من الثوابت الوطنية لكن النظام الجزائري لا يزال يسوق لانفصال الصحراء بذريعة أنها قضية تصفية استعمار ويواصل تأجيج التوتر مع الرباط من خلال دعمه للكيان غير الشرعي المسمى “الجمهورية العربية الصحراوية” ويستمر في توفير الغطاء السياسي والعسكري لميليشيات بوليساريو.

وكان الطيب البكوش ذاته قد تعرض مرارا لانتقادات جزائرية بسبب مواقفه حتى أنه تم تجاهله حين استضافت الجزائر القمة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ولم توجه له دعوة رسمية على الرغم من أن حضوره بصفته ممثلا لهيكل من الهياكل العربية ضمن البروتوكولات المعمول بها.

وتعكس ممارسات النظام الجزائري أيضا عدم جدية طرحه الذي ورد عل لسان أحمد عطاف. كما لا يوجد بالفعل ما يشير إلى أن الجزائر مستعدة للتخلي عن تلك الممارسات، فتصريحات وزير الخارجية تزامن تقريبا مع خطاب الرئيس عبدالمجيد تبون أمام البرلمان الذي تحدث فيه بسلبية عن قضية الصحراء.

وقاطعت الجزائر فعاليات عربية استضافها المغرب كان آخرها اجتماع المنتدى العربي الروس في مراكش وقبلها أيضا تغيبت عن احتفال توزيع جوائز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) بالمدينة السياحية المغربية.

وقبل أشهر قليلة حرص مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة على تسويق مغالطات لدعم بوليساريو في مواجهة الطرح المغربي لحل النزاع المفتعل في الصحراء وهو الطرح الذي يلقى قبولا لدى المجتمع الدولي.

ولا تغيب لهجة العداء تجاه المغرب في الخطابات والتصريحات الرسمية الجزائرية وفي وسائل الإعلام الحكومية أو تلك التي تدور في فلك السلطة، بينما تقود أيضا حملات في الخارج مناوئة لمصالح المملكة.

ويعتقد أن تصريحات عطاف الأخير واستخدام تبون عبارة الأشقاء المغاربة، لا تخرج عن سياقات بحث النظام عن متنفس من الضغوط الدولية التي يواجهها مع تواتر الاعترافات بمغربية الصحراء.

كما ينظر لتلك التصريحات أيضا على أنها مجرد فقاقيع إعلامية وخطابات للاستهلاك الإعلامي للخروج من مآزق يواجهها النظام داخليا وخارجيا مع تفاقم عزلته بسبب النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية عربيا وإفريقيا ودوليا.

وفي الوقت الذي تبني فيه خطابا أقل تشنجا من الخطابات الرسمية السابقة. يقول متابعون للشأن المغاربي أن تصريحات تبون الأخيرة تشير بوضوح إلى نوايا النظام الجزائري .وأنه بدأ التسويق مبكرا لخطط عمله ضد مصالح المملكة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.

ومن المتوقع أن تستغل الجزائر قريبا المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي. الذي ستتولاه اعتبارا من السنة القادمة التي تنتهي بعد أيام قليلة. من أجل إحياء وإنعاش طروحات بوليساريو الانفصالية وهي الطروحات التي خفت ضجيجها في السنوات الأخيرة على وقع قناعة دولية .وإقليمية بواقعية مقترح المغرب للحكم الذاتي حلا .وحيدا للنزاع المفتعل في الصحراء.

وتزداد قناعة العديد من الدول ومنظمة الأمم المتحدة .بعدم جدية النظام الجزائري في التوصل إلى حل ينهي النزاع في الصحراء. فالجزائر عملت مرارا على عرقلة كل الجهود الرامية. لإنهاء النزاع وتملصت من محادثات الدوائر المستديرة. التي دعمتها الأمم المتحدة باعتبارها توفر أرضية لإزالة الإشكالات والخلافات القائمة.

وينظر للجزائر على أنها طرف في النزاع المفتعل وأنها تمثل جزء من المشكلة .وبالتالي هي معنية شأنها في ذلك شأن جبهة بوليساريو والطرف المغربي وكذلك موريتانيا. بالعمل على ايجاد الحل ودعم جهود فض النزاع سلميا.  

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى