الإخوان … هشاشة داخلية رغم الصورة القوية


رغم محاولة تنظيم الإخوان الإرهابي تصدير صورة التنظيم القوي المتماسك على مدار أكثر من نصف قرن، فإن أحداثاً تاريخية حديثة وقديمة عكست باستمرار الخلل والهشاشة الداخلية التي يعاني منها.

فهو يعاني ضعفا هيكليا راكمته عقود من التخبط والأزمات، لكنه يبحث عن فرصة للمصالحة مع القاهرة من بوابة الانقسام.

وتاريخيا، أظهرت فترات الاختبارات الكبرى أن تنظيم الإخوان لا يستطيع الصمود في وجه العواصف، بداية من أول اختبار حقيقي تمثل في أزمة مشاركة أعضائه في اغتيال رئيس وزراء مصر إبان الحقبة الملكية، محمود فهمي النقراشي في 28 ديسمبر/كانون الأول 1948.

وفي ذلك الوقت، دشنت السلطات المصرية مسارا خانقا ضد الجماعة، وضيقت الخناق عليها، فما كان من مؤسس الإخوان ومرشدها العام، حسن البنا، إلا الخروج بتصريحات يائسة تهدف للتنصل من أتباعه، وقال جملته الشهيرة “ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين“.

ويقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية سامح فايز لـ”العين الإخبارية” عن هذه الفترة إن “البنا دفع حياته فيما بعد، ثمناً لهذا التصريح خاصة أن أعضاء التنظيم السري للإخوان اعتبروه مهادناً للحكومة وغير قادر على مواجهتها“.

كان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من أوائل الذين تنبهوا إلى خطر تنظيم الإخوان لأنه كان معلم بأفعال وأهداف التنظيم.

لذلك، عمد تنظيم الإخوان إلى العنف والفوضى، وكثف هجومه على الرئيس والضباط الأحرار، ووصل الأمر إلى حد استخدام الأسلحة والقنابل والعصي والنيران في الجامعات في أحداث 12 يناير/كانون الثاني 1954.

لكن الحكومة قررت في اليوم التالي مباشرة، حل جماعة الإخوان. كما قرر عبد الناصر بعد ذلك، الزج بكل من تورط في إراقة دماء من جماعة الإخوان، في السجون، ليحاول التنظيم في العام نفسه اغتيال الرئيس في حادثة المنشية الشهيرة.

استفاد تنظيم الإخوان الإرهابي بالانفتاح الكبير في عصر الرئيس المصري الأسبق أنور السادات قبل أن ينقلب عليه ويقتله، لكن خلفه الرئيس الأسبق حسني مبارك تعامل مع التنظيم في البداية بالشدة والضبط.

وأمام هذه الاستراتيجية، رضخ التنظيم وفقا لأدبيات التقية في تسعينيات القرن الماضي، للأمر الواقع وأعلن قطاع كبير من عناصره التنصل من الآراء السابقة وإعلان التوبة وإطلاق مراجعات فكرية للتبرؤ من كل ما أقدم عليه التنظيم عليه من جرائم.

وفي هذه النقطة، يقول سامح فايز إن أدبيات التقية والكمون في أوقات الضعف، هي سمة رئيسة للتنظيم، لافتا إلى أن هذه العبارة مدونة نصاً في أكثر من كتاب من كتب تنظيم الإخوان الذي يلجأ إلى هذه الاستراتيجية في مواطن أوقات الضعف والأزمات.

عقب وصول الإخوان الإرهابية للحكم في فترة الرئيس المعزول محمد مرسي، واجهت الجماعة أكبر منعطف في تاريخها بعد أن أعلن الشعب المصري رفضه التام لها في ثورة 30 يونيو/حزيران 2013.

ولم يستجب مرسي لصرخات ملايين المصريين المطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة وحياة سياسية سليمة، وتمسك بالسلطة، فما كان من الشعب الغاضب إلا الإطاحة بالجماعة.

لكن الإخوان فضلت تحويل مصر إلى ساحة قتال من أجل السلطة، في معركة خسرتها الجماعة منذ الدقيقة الأولى، ودخلت بعدها في فترة الانقسام والضعف.

سنوات الضياع التي عانتها الإخوان خارج مصر، خلفت شقاقاً بين جبهتيها في تركيا وبريطانيا بلغ ذروته في الأشهر الأخيرة، ليظهر التنظيم في صورة ضعف وانقسام غير مسبوق، وتتفاقم الأزمة وصولا إلى أن كل من الجبهتين عزل الأخر.

إلا أن سامح فايز قال في هذه النقطة: “على الرغم من أن التنظيم الإخواني هشا بالفعل من الداخل إلا أنه يحاول تصدير فكرة الانقسام والانشقاق الداخلي، ربما لفتح آفاق للتواصل مع الدولة وفتح بارقة أمل في التصالح من جديد ولو على المدى البعيد“.

Exit mobile version