سياسة

إكسبو دبي.. أيام لن تُنسى

أيمن شعبان


انقضى عام كامل على تجربة شخصية ترفض أن تغادر الذاكرة، ورغم صعوبة بعض تفاصيلها، فإنها تركت بصمتها في الوعي والوجدان.

 

بحلول أكتوبر 2022، يكون قد مرّ عامٌ على انطلاق معرض إكسبو دبي، حيث أضيئت الشرارة بحفل الافتتاح مساء 30 سبتمبر 2021، واستمرت الفعاليات حتى 31 مارس 2022، أي نحو 180 يوما.

ما قيل في إكسبو دبي كثيرٌ، فما شهده المعرض من فعاليات والضجة التي أحدثها كأول وأكبر حدث من نوعه في العالم يقام في ظل التعافي من جائحة كورونا، دفع الكثير لتناول قصة نجاحه بالبحث والتحليل والإشادة، لكن ليس ما نصبو إليه اليوم هو إثبات ما أُثبت بالفعل، ولكن دافعي للكتابة عنه هو تجربة شخصية، شديدة الذاتية.

كان لي شرف المسؤولية عن تغطية “إكسبو دبي” بموقع “العين الإخبارية”، ومنذ اللحظة الأولى لتكليفي بمشاركة فريق عمل متميز، كان هناك إدراك تام بأهمية الحدث، واختلافه، وحتى بخطورة اللحظة التاريخية، وسط تهديدات متعلقة بجائحة عالمية، ولكن ما إن وطئت أقدامنا، ليلة الافتتاح، ساحة “الوصل”، قلب إكسبو النابض، تبدَّل كل شيء.

هنا يجتمع العالم، ذلك ما جال في خاطري مع أول أيام التغطية، فعلى مساحة تقترب من 4 كم مربع توزعت أجنحة 192 دولة على ثلاث مناطق: الفرص، التنقل، الاستدامة، فرحلتي اليومية كانت تبدأ من ساحة “الوصل”، التي تقع في منتصف كل شيء، لتبدأ الخطوات نحو اكتشاف العالم، ومع كل خطوة تزداد معرفتي، وتنجلي بصيرتي، وكأنني عدت لعصر المستكشفين.

20 ألف خطوة يوميا كان المعدل المعتاد لي على مدار 182 يوما هي عمر المعرض، وأعتقد أنه معدل مشابه لكل من شارك في هذه التغطية، لكنها كانت خطوات تشع بتلاقي الأفكار الإنسانية، وتبادل الثقافات، واستعراض تاريخ الأمم والشعوب.

182 يوما من الجهد المِهني، والاحتراق الذاتي، فبداية كل يوم جديد هي شروق شمس “خناقة” جديدة.. ماذا سنقدم اليوم؟ ما الجديد؟ ما الجانب المُلح الذي يجب أن نركز عليه اليوم؟ مَن نجوم اليوم؟ ما الدولة التي سنزور جناحها؟ أي ثقافة جديدة سنطلع عليها؟.. وكيف سنصوغ عناوين متابعاتنا؟، كيف لن نكرر أنفسنا وأفكارنا؟

وفي المساء، وطوال طريق العودة، يبدأ كشف الحساب للنفس، أحيانا أصفق لها، فاليوم كانت لدينا موضوعات مميزة، وكثيرا ما لُمتها وعاقبتها، فالأفضل لم يتحقق بعد.

6 أشهر لم تكن سهلة، رغم سيل الإشادات بما تحقق، لكن تظل هناك تفاصيل خاصة بكل مَن شارك، كلنا اعتبرناها تجربة خارج إطار الزمن، تستحق التضحية، وهناك تكاليف غير قابلة للرد، فسيظل هناك دَين لن يُوفّى، لزوجتي وطفلتي، فلن أنسى ذلك الدعم المطلق منهما، وتحمّل ملابسات غاية في الصعوبة، منها حضوري الباهت في البيت والأشبه بالغياب.

مهنة الصحافة ليست عادلة تمامًا، فليس كل من يمتهنها يدخل دائرة الأضواء والشهرة، وأمام مَن انتخبَتْهم المهنة ليكونوا نجومها، هناك آلاف من الفرق، التي تعمل في صمت، فخلف كل منتج يقدم للجمهور هناك “جنود مجهولة” تؤمن برسالتها وبحق القارئ في المعرفة، فلكل جندي مجهول في هذه المهنة: تحياتي!

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى