سياسة

إخوان تونس تحت المقصلة الشعبية


طوت تونس نهائيا صفحة الإخوان لكن مطالب الشعب بالمحاسبة مازالت متواصلة خوفا من إفلات عناصر التنظيم من العقاب.

 ما زاد المطالب هو أنه لم يتم حتى الآن استرجاع الأموال التي نهبت سواء في عهد الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي أو في عهد تنظيم الإخوان.

ورغم السير في أشواط مهمة في ملف المحاسبة بفتح ملفات تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والاغتيالات السياسية والجهاز السري للإخوان، فإن الأموال التي تم نهبها خلال السنوات العشر الماضية لم يتم استردادها أو معاقبة من نهبها.

وتأتي عملية استرجاع أموال الدولة، في وقت تستعد فيه البلاد إلى تنظيم انتخابات مجلس الجهات والأقاليم في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل لتغلق جميع الأبواب أمام عودة الإخوان باعتبارها آخر محطة في مشروع الرئيس قيس سعيد السياسي والإصلاحي الذي انطلق في 25 يوليو/تموز  2021.

ويرى مراقبون أنه قبل الخوض في انتخابات مجلس الجهات والأقاليم، انطلقت تونس في فتح ملفات الفساد عن طريق القبض على عدد من رجال الأعمال الفاسدين والمستفيدين من الإخوان وأبرزهم مروان مبروك صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وماهر شعبان ورضا شرف الدين وعبد الرحيم الزواري وتوفيق المكشر وغيرهم.

ويرى مراقبون أن مسار المحاسبة هو مطلب شعبي بامتياز يتطلب مزيدا من الجهود من أجل إنجاحه.

ولعل قانون الصلح الجزائي الذي يُعد من بين الحلول التي راهن عليها الرئيس قيس سعيّد في مشروعه السياسي الذي وضعه بعد الإطاحة ببرلمان الإخوان في 25 يوليو/تموز 2021، لإيجاد تمويلات لتعبئة موارد الدولة التي تم إفلاسها من قبل المنظومة السابقة.

الصلح الجزائي

وفي 22 مارس/ آذار 2022، أعلنت تونس إقرار صلح جزائي (تسوية) يتعلق بـ”الجرائم الاقتصادية والمالية” في قضايا فساد مقابل استرداد أموال، بحسب مرسوم رئاسي.

وكلّف سعيد، في 10 مايو/أيار الماضي، وزيرة العدل ليلى جفّال بتشكيل هيئة للتسوية والمصالحة مع رجال الأعمال المتورطين بقضايا فساد.

وكان الرئيس سعيد قد أكد خلال أداء أعضاء لجنة الصلح الجزائي اليمين الدستورية ،منذ أشهر، أن “اللجنة مطالبة باسترجاع ما قدره 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار) لفائدة الشعب التونسي”. وصرح في مناسبات عديدة بأن عدد الذين نهبوا أموال البلاد يصل إلى نحو 460 شخصاً، مؤكدا أنه يجب إرجاع الأموال التي تم نهبها من الشعب التونسي مع زيادة نسبة 10 %، واحتساب نسب التضخم السنوي.

من جانبه، دعا رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري إلى محاسبة جميع المتورطين في ملفات الفساد، قائلا إنه “لا نريد المورطين في الفساد من الإخوان وحلفائهم ورجال الأعمال في السجون فقط بل نريد محاسبتهم وإعادة حق الدولة.”

وقال الناصري إن  هؤلاء رجال الأعمال عاثوا في البلاد فسادا وسرقوا المال العام، ولا بد من محاسبتهم واسترجاع تلك الأموال”.

وأضاف أن “الأملاك المصادرة في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي تم بيعها بأبخس الأثمان بتواطؤ مع خبراء وكانت لديهم حماية من رؤساء الحكومات المتعاقبة بعد 2012”.

وأشار إلى أن أكثر الشركات المصادرة قد بيعت في عهد حكم حركة النهضة الإخوانية، عن طريق حصول قيادات الإخوان على رشاوي كبيرة من أجل تحقيق ذلك.

وأكد أن حكومة يوسف الشاهد كانت متواطئة مع عدد من رجال الأعمال الفاسدين، حيث وفر لهم الحماية مقابل الدفع بسخاء لمن هم في الحكم.

وقال “لا أحد فوق القانون.. وقيس سعيد لا يباع ولا يشترى، والمسؤولون اليوم أصبحوا متخوفين من عملية الفساد والتورط فيها لغياب الحماية وإمكانية استغلال النفوذ”.

ويوم الجمعة الماضي، قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن “موضوع الصلح الجزائي اتخذه البعض هزؤا، فبعد أن كان المطلوب عارضا لآلاف المليارات سنة 2011 صار اليوم عارضا لبضع العشرات من الملايين كأحدهم الذي قدّم عرضا بثلاثين ألف دينار في حين أن المبلغ الذي حددته اللجنة يفوق أربعة ملايين دينار، فلا المبلغ المعروض جدي ولا المبلغ المحدد كاف.”

وأكد قيس سعيد أنه “سيتم عرض مشروع قانون لتنقيح المرسوم الذي أحدث لجنة الصلح الجزائي حتى لا تضيع أموال الشعب وتتم إعادة الأموال التي تم اختلاسها إليه، فمن أراد أن يجنح إلى الصلح صادقا ستُفتح أمامه أبواب الصلح، أما من يعتقد أنه بمنأى عن المحاسبة فهناك القضاء الذي يتساوى أمامه الجميع”.

سرقة خزينة الدولة

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي التونسي، الصحبي الصديق، إن حركة النهضة الإخوانية استفادت بطريقة كبيرة من ملف أملاك عائلة بن علي المصادرة.

وأضاف الصديق إن “جماعة الإخوان عندما وصلت للحكم في عهد ما يعرف بالربيع العربي وصلت إليها أموال طائلة عن طريق هبات من الاتحاد الأوروبي ومن الجهات المانحة الدولية من أجل دعم الديمقراطية، لكن تلك الأموال لم تصل أصلا إلى المالية العمومية وتم نهبها وتحويلها إلى خزينة الإخوان“.

وأكد أنه بحسب جرد لوزارة المالية التونسية، يفوق حجم القروض والهبات التي حصلت عليها تونس بعد 2011، مبلغ 100 ألف مليار دينار.

وأشار إلى أن إخوان تونس وزعوا تلك الأموال على أنفسهم وقدموا تعويضات مالية لمنتسبيها، واستحدثت صندوقاً وحساباً خاصاً في الخزينة العامة، منتهكة بذلك الإجراءات القانونية، باسم “حساب جبر الضرر لضحايا الاستبداد المتمتعين بالعفو العام”.

وأوضح أن صهر زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، رفيق عبد السلام سرق عندما تولى منصب وزير الخارجية، هبة صينية قيمتها مليون دينار.

وسبق للقضاء أن فتح تحقيقاً في اتهامات لوزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالاستيلاء على هبة صينية.

وبحسب معطيات أولية رسمية، أثبت الجرد أنّ الحكومات المتوالية منذ عام 2011 حصلت على 325 قرضاً، منها 43 لم تدخل حيز النفاذ بسبب إلغاء أو تعطل المشاريع المتعلقة بها، كما حصلت الدولة التونسية على 113 هبة، ومنحت المؤسسات والشركات العمومية 99 هبة. وأثبتت التحقيقات أن هذه الأموال اختفت ولم يتم حسن استغلالها.

وسبق أن كشف الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، خلال زيارة أجراها إلى تونس عام 2018، أن تكتل القارة العجوز قدم لتونس مساعدات بقيمة 10 مليارات يورو منذ 2011.

وكان كريم الغربي صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قال في وقت سابق، إن الأخير ترك في خزينة البلاد 5.8 مليار دينار (نحو ملياري دولار أمريكي)، مشيرًا إلى أن هذه الأموال اختفت مع وصول حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم في انتخابات سنة 2011.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى