منعت تونس وفدا من البرلمان الأوروبي من دخول أراضيها كان يعتزم مناقشة اتفاق الهجرة المبرم بين الاتحاد الأوروبي وتونس، مع المعارضة التونسية وعدد من النقابيين وممثلي المجتمع المدني.
بينما شدد الرئيس التونسي قيس سعيد مرارا رفضه لأي شكل من أشكال التدخل في شؤون بلاده ويعتبره خطا أحمر كما أكد في أكثر من مناسبة أن السيادة التونسية فوق كل اعتبار.
وكان من المقرر أن يتوجّه هذا الوفد الذي يضمّ خمسة نواب، من بينهم ثلاثة فرنسيين إلى تونس العاصمة “لفهم الوضع السياسي الحالي بشكل أفضل” وتقييمه بعد توقيع الاتحاد الأوروبي وتونس في منتصف يوليو اتفاقا يهدف إلى الحد من تدفقات المهاجرين.
وكان يفترض أن يجتمع الوفد بقيادة النائب الألماني مايكل غاهلر بأفراد من المجتمع المدني ونقابيين وممثلين للمعارضة التونسية.
وفي رسالة موجهة إلى هذا الوفد اكتفت السلطات التونسية بإبلاغ هؤلاء النواب في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي بأنه “لن يسمح لهم بدخول الأراضي الوطنية”.
وقال النائب في البرلمان الأوروبي منير الساتوري في مقابلة مع وكالة فرانس برس “إنه أمر مفاجئ وغير عادي”.
وتابع أنه “من خلال رفضه دخول النواب الأوروبيين يرى الرئيس التونسي قيس سعيّد أنه مخوّل اختيار محاوريه الأوروبيين ويعتقد أنه لا يحتاج إلى ممثلين من الشعب للحصول على مئات الملايين التي وعدت بها السيدة فون دير لايين رئيسة المفوضية الأوروبية”.
ولطالما شدد سعيّد رفضه أي شكل من أشكال التدخل في شؤون بلاده، معتبرا ذلك خطّا أحمر، وتجاهل ضغوطا خارجية مورست لدفعه إلى إطلاق سراح الموقوفين يشتبه في تورطهم في قضايا فساد أو ما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة” بعد أن طرقت المعارضة التونسية أبواب الخارج بحثا عن دعم لتحقيق مطالبها إثر فشلها في كسب تأييد الشارع التونسي.
“لن يسمح لهم بدخول الأراضي الوطنية”.
وأطردت تونس في فبراير الماضي الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إيستر لانش واعتبرتها “شخصية غير مرغوب فيها” بعد مشاركتها في مظاهرات نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات اعتبرتها السلطات التونسية تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد.
كما منعت السلطات التونسية دخول وفد من الاتحاد الدولي للنقابات كان يعتزم المشاركة في المظاهرة التي نظمها اتحاد الشغل في مارس الماضي واعتبرت المنظمة الشغيلة حينها أن منع الوفود النقابية الأجنبية من دخول البلاد “يعمّق عزلتها”.
وفي الشهر نفسه رحّلت تونس ماركو بيريز مولينا مسؤول التعاون مع أفريقيا وآسيا بالنقابات الإسبانية بمجرد وصوله إلى مطار تونس قرطاج.
ويرى مراقبون أن اتفاق الشراكة الإستراتيجية الموقع بين تونس والاتحاد الأوروبي شأن داخلي، فيما تساءل بعضهم عن أسباب عدم مناقشة النواب الأوروبيون الذين منعوا من دخول البلاد الملف في بلدانهم.
وتهدف الاتفاقية إلى كبح تدفق المهاجرين من تونس نحو السواحل الأوروبية ومكافحة المهربين وتسهيل عودة عدد من التونسيين المتواجدين في أوروبا بطريقة غير قانونية إلى تونس.
ويتضمن اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين البلد الواقع في شمال أفريقيا والتكتل الأوروبي حزمة من البنود من بينها برنامج خاص للشباب التونسي بقيمة 10 ملايين يورو لإتاحة فرص للدراسة أو العمل والتدرب في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تعهّد بتطوير قطاع الطاقات المتجددة وتزويد البلاد بالتكنولوجيا الضرورية، وفق ما أعلنته رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين خلال توقيع المذكرة.
كما ينصّ اتفاق الشراكة على مساعدة تونس في مواجهة الأزمة الاقتصادية من خلال تقديم الدعم المالي سواء في شكل قروض أو دعم يصرف في الموازنة التونسية.
وكان سعيد قد أكد حينها على ضرورة أن “تكون المذكرة مشفوعة في أقرب الأوقات بجملة من الاتفاقيات الملزمة انطلاقا من المبادئ التي وردت فيها”، قائلا “نحن عازمون على تجسيد ما في المذكرة في أقرب الآجال”.
وأوضح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في تصريح سابق أن البروتوكل الموقع بين تونس والتكتل الأوروبي يهدف إلى دعم تونس ماليا لمواجهة الإصلاحات الضرورية.
وقادت روما جهودا دولية بهدف حث شركائها الأوروبيين على تقديم دعم مالي لتونس لمساعدتها على مواجهة أزمتها الاقتصادية، ضمن مساعيها لتجنيب البلاد أي انهيار في الأوضاع يؤدي إلى طوفان من المهاجرين.
وتعلن السلطات التونسية، بوتيرة أسبوعية، عن إحباط محاولات هجرة إلى سواحل أوروبا وضبط مئات المهاجرين من تونس أو من دول أفريقية أخرى.
وأحبطت القوات التونسية خلال الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس 23 عملية هجرة غير نظامية وأنقذت نحو 652 شخصا قبالة سواحل صفاقس جنوبي البلاد.
وتعد صفاقس نقطة مهمة أمام المهاجرين غير النظاميين للوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي تبعد نحو 130 كيلومترا عن السواحل التونسية.