سياسة

مظاهرات إيران تكشف ضعف النظام


فرض الشعب الإيراني على القادة السياسيين التراجع عن بعض القوانين خوفا من توسع دائرة الاحتجاج. رغم ما يواجهه من قمع غير مسبوق من قبل الأجهزة الأمنية وفي خضم حالة من التعتيم جعلت من ايران سجنا كبيرا.

إيران… “انتفاضة الحجاب” تطالب بإسقاط النظام

وتظاهر إيرانيون في الشوارع مجدداً السبت، بعد مرور شهر على اندلاع حركة الاحتجاج ضد السلطات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني وتقابل بقمع شديد. وفق وسائل إعلام ومنظمات غير حكومية ما يكشف فشل السلطات في مواجهة الاحتجاجات ما يمثل إحراجا للنظام الايراني الذي سعى مرارا للظهور كمتحكم في الوضع الداخلي.

وأثار موت الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر أكبر موجة من التظاهرات في إيران منذ احتجاجات 2019 على ارتفاع أسعار الغاز في الدولة الغنية بالنفط.
واعتقلت شرطة الأخلاق أميني في 13 سبتمبر في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية خصوصا ارتداء الحجاب.

هل يكرر إيران سيناريو احتجاجات 2019؟

وتؤكد السلطات الإيرانية أن الشابة توفيت بسبب مرض وليس بسبب “الضرب”. حسب تقرير طبي رفضه والدها. وقال ابن عمها إنها ماتت بعد “ضربة عنيفة على الرأس”.

وأثارت الاحتجاجات تجمعات تضامنية في الخارج فيما أسفر القمع عن سقوط أكثر من مئة قتيل بحسب منظمات غير حكومية واثار موجة تنديد في العالم.

وعلى الرغم من تعطيل شبكة الإنترنت على نطاق واسع وحجب السلطات التطبيقات الشعبية مثل انستغرام وواتساب. لبى إيرانيون دعوات للتظاهر أطلقها ناشطون عبر الإنترنت وتجمعوا السبت في شوارع مدينة أردابيل (شمال غرب)، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على تويتر.

ونفّذ التجار إضراباً في مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في محافظة كردستان (شمال غرب) ومهاباد (شمال) وفق موقع 1500تاسفير، الذي يحصي انتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت منظمة “هينغاو” المدافعة عن حقوق الأكراد في إيران ومقرها النروج “أشعلت تلميذات في بلدة ناي في ماريفان (غرب) النار في الشارع واطلقن هتافات مناهضة للحكومة”.

كذلك تظاهر شباب في جامعات في طهران وأصفهان (جنوب) وكرمنشاه (شمال غرب)، وفق صور نشرت على الإنترنت.

وفي اشارة الى ما يمكن ان تصل اليه الاحتجاجات أظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت اليوم السبت دخانا. فيما يبدو يتصاعد من سجن إيفين بالعاصمة الإيرانية طهران والذي يحتجز فيه سجناء سياسيون، مع سماع دوي إطلاق نار وصفارات الإنذار في الخلفية.

 

وقال موقع (تصوير1500) في تعليق على المقاطع “يمكن سماع دوي طلقات نارية من سجن إيفين ورؤية دخان”. 

بداية النهاية!

الشعب الايراني يسكب الدماء لاقتلاع حريته

ولبّى متظاهرون دعوة نشطاء للتظاهر بكثافة تحت شعار “بداية النهاية!” للنظام.
وشجع النشطاء الشعب الإيراني على التظاهر في الأماكن التي لا تتواجد فيها قوات الأمن ورفع شعار “الموت للديكتاتور”. في إشارة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.

واظهر استمرار هذه التحركات ضعف النظام الايراني وتوسع نطاق المعارضة ضد السياسات الايرانية. التي اوصلت البلد الى طريق مسدود خاصة من الناحية الاقتصادية إضافة الى حالة العزلة الإقليمية والدولية.

وفي مواجهة تظاهرات السبت، دعا المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية، وهو هيئة رسمية، الإيرانيين إلى التعبير بعد صلاة العشاء عن غضبهم ضد أعمال الشغب والفتنة بترداد “ألله أكبر” داخل المساجد.

 

في المقابل اظهر النظام الايراني نوعا من التراجع عن مواقفه المتشددة حيث دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت. إلى مراجعة بعض القوانين في البلاد، في ظل استمرار المظاهرات بينما اضطرت الشرطة إلى الاعتراف بأن ضابطا قد تحرش بامرأة خلال مظاهرة.

 

وقال رئيسي: “عند مراجعة الهياكل الثقافية، فمن الضروري عمل مراجعة وتنقيح وتحديث، وإذا لزم الأمر، تنقيح القوانين”. مشددا على أن الحوار ضروري في العملية الجارية بشأن تقييم القضايا و “شكوك واضحة” داخل المجتمع.

وقال الرئيس الإيراني وفق ما نقلته وكالة أنباء إرنا الإيرانية انه “يجب أن نرى أيضا ما إذا كنا قد حققنا الأهداف المحددة سابقا، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فنبحث أين تكمن المشاكل”.

 

وذكر رئيسي إنه يجب أن يكون هناك مزيد من التركيز على وضع المرأة وفرصها على سبيل المثال. وعلى الرغم من عدم تحديده ماهية القوانين التي كان يشير إليها وما إذا كان يعالج فرض ارتداء الحجاب .

 

وتقود شابات من طالبات وتلميذات منذ 16 سبتمبر التظاهرات على وقع شعارات معادية للحكومة، فيضرمن النار في حجابهن ويشتبكن مع قوات الأمن.

وقُتل 108 أشخاص على الأقل منذ 16 سبتمبر حسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو.
من جهتها. أعربت منظمة العفو الدولية عن أسفها لمقتل 23 طفلاً على الأقل “بأيدي قوات الأمن الإيرانية”، موضحة أن أعمارهم تراوح بين 11 و17 عامًا.

وندد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الجمعة بسياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب بنظره. وسأل الجمعة “من يصدّق أن تكون وفاة فتاة بهذا القدر من الأهمية بالنسبة للغربيين؟.” مضيفا “إذا كان الأمر كذلك، فماذا فعلوا إزاء مئات الآلاف من الشهداء والقتلى في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان؟”.

نساء شُجاعات

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الجمعة أن الولايات المتحدة “تقف إلى جانب نساء إيران الشجاعات”. مؤكدا أن “على إيران إنهاء العنف ضد مواطنيها الذين يمارسون ببساطة حقوقهم الأساسية”.
واتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مرارا الولايات المتحدة، العدو اللدود لطهران، بالسعي إلى زعزعة استقرار بلاده.

كما اتهمت الجمهورية الإسلامية فرنسا بـ”التدخل” بعد تصريحات الأربعاء للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد فيها أن باريس “تدين القمع الذي يمارسه النظام الإيراني اليوم”.

وفي وقت يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على طهران، حض أمير عبداللهيان الجمعة وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل خلال اتصال هاتفي على اعتماد مقاربة “واقعية” للاحتجاجات، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية ليست “أرضا للانقلابات المخملية أو الملونة”.

وكتب بوريل على تويتر أن “القمع العنيف يجب أن يتوقف فورا. يجب إطلاق سراح المتظاهرين”.
وبعدما طالت حملة التوقيفات فنانين ومعارضين وصحافيين ورياضيين. أكد المخرج السينمائي الإيراني ماني حقيقي أن سلطات بلاده منعته من السفر لحضور مهرجان لندن السينمائي بسبب دعمه للاحتجاجات.

ووصف التظاهرات في فيديو نشره على تويتر الجمعة بأنها “لحظة عظيمة في التاريخ”.

وفي زاهدان عاصمة محافظة سيستان بلوشستان بجنوب شرق إيران، قتل ما لا يقل عن 93 شخصا بأيدي قوات الأمن في أعمال عنف جرت خلال تظاهرات اندلعت في سبتمبر بسبب أنباء عن تعرض فتاة “للاغتصاب” من قبل أحد أفراد الشرطة، وفق حصيلة أوردتها منظمة حقوق الإنسان في إيران.

ويرى محللون أن الطبيعة المتعددة الأوجه للاحتجاجات المناهضة للحكومة، بما في ذلك تجمع الشباب في مجموعات صغيرة في أحياء محددة لتجنب رصدهم، تجعل من الصعب على السلطات محاولة منعها.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى