لحل الأزمة السودانية.. دعوات لتقديم تنازلات
تتوالى الدعوات الداخلية والخارجية لمختلف الأطراف السودانية لتقديم تنازلات من أجل مصلحة السودان محليا وعالميا، وأحدث تلك الدعوات جاءت من فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان.
يرى كثير من المراقبين أن إنهاء الأزمة السياسية في السودان التي تفجرت بعد قرارات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي يتطلب إبداء تنازلات كبيرة من طرفي الصراع تؤدي إلى توافق واتفاق وفق أسس جديدة يعيد الوضع إلى مساره الطبيعي، وإكمال الفترة الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات العامة.
دعوة فولكر جاءت خلال المؤتمر الذي عقد بمكتب المفوضية السامية بالخرطوم عقب انتهاء زيارته للسودان لدعم استمرار حكم سيادة القانون والتعامل بشفافية لتحقيق العدالة.
وأكد فولكر تضامنه مع الشعب السوداني في المطالبة بحقوقه للوصول إلى آماله وتحقيق تطلعاته نحو مستقبل أفضل.
وأشاد تورك بالجهود المبذولة من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني بتقديم العون للنساء والأطفال والمشردين، كما شدد على محاسبة المجرمين وعدم الإفلات من العقاب.
مساعدة الشباب
وقال تورك إن السودان غني بموارده ولديه ثروات تمكنه من النهوض، مما يساعد كثيراً من الشباب على إدارة هذه الموارد وتطوير خدمات المجتمع المدني.
وأردف يجب على المؤسسات الحكومية تحقيق رغبات المواطنين وإدماج النساء، والأطفال لتعزيز بناء الثقة وتسهيل الحلول لهم في كل الجهات.
وناشد تورك الجهات الأمنية ضرورة ملاحقة المجرمين وعدم إفلاتهم من العقاب والمساءلة بجانب اتباع الشروط القانونية لتحقيق العدالة والديمقراطية والحفاظ على حقوق المواطنين.
ودعا فولكر تورك إلى تعزيز العلاقات بين هيئة حقوق الإنسان والحكومة بعمل آلية مشتركة تساعد على تحقيق الأهداف والمساهمة في معالجة القضايا العاجلة في المجتمع.
ويجري حديث عن قرب التوصل إلى تسوية سياسية تضمن ابتعاد العسكر عن السلطة وتسليمها بالكامل للمدنيين.
وتستند التسوية المرتقبة، بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير، ومجموعة المجلس المركزي، إلى مشروع الدستور الانتقالي المقترح من قبل نقابة المحامين السودانيين.
قرب التوصل لتسوية
ويلقى مشروع الدستور الانتقالي ترحيبا دوليا ومحليا شمل القوى العسكرية التي أبدت تحفظات على عدد من بنوده.
لكن مراقبين يرون أن من أبرز المشاكل التي قد تحول دون إتمام اتفاق كهذا هي قضية العدالة الانتقالية، إذ يطالب المكون العسكري بحصانة تضمن عدم محاكمته حتى نهاية الفترة الانتقالية.
وكان مجلس السيادي السوداني أعلن تمسكه بالتوافق مع الأطراف السياسية. وأكد نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو، رغبة مجلس السيادة السوداني للوصول إلى اتفاق لاستكمال الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات.
وما إن انتهى دقلو من تصريحاته، حتى أعلن ائتلاف قوى الحرية والتغيير توصله إلى “اتفاق إطاري” مع الجيش السوداني، تعقبه مرحلة ثانية من المحادثات تتناول 4 ملفات.
وأوضح القيادي بالمجلس المركزي لـ”الحرية والتغيير” الواثق البرير، في تصريحاته خلال مؤتمر صحفي، أن الملفات الأربعة تتضمن: العدالة الانتقالية وتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير وإصلاح قطاع الأمن واتفاق جوبا للسلام.
وفيما قال إن الجيش وافق على أن يكون مجلس الوزراء مدنياً بالكامل. أكد أن السودان بات على أعتاب مرحلة جديدة، تحتاج إلى المشاركة الواسعة من الشعب السوداني، لإنجازها.
ويعاني السودان، إحدى أكبر الدول العربية من حيث المساحة والتعداد السكاني. وأحد أكثر بلدان العالم فقرا، من تبعات عقود من العقوبات الأمريكية في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وزاد من سوء الوضع الاقتصادي انفصال الجنوب عام 2011، حيث كل حقول النفط، كما أدى الفساد دورا كبيرا في التدهور الاقتصادي للبلاد.
وأحيت الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة بعد إسقاط البشير عام 2019، آمال السودانيين في تحسن أحوالهم، إذ رفعت واشنطن بلادهم من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وعادت المساعدات الأجنبية التي ناهزت ملياري دولار سنويا، إلا أن الأحداث الأخيرة دفعت المانحين لتعليق مساعداتهم المالية واشترطوا عودة السلطة إلى المدنيين لاستئناف المساعدات.