حماية الدروز.. أداة إسرائيلية جديدة للضغط على النظام السوري

يرى محللون أن التزام إسرائيل بالدفاع عن الطائفة الدرزية في سوريا، رغم أنه يُفسَّر جزئيًا بالضغوط السياسية الداخلية، يرمي بالأساس إلى تحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى يتمثل في إضعاف البلد العربي المجاور.
وفي ظلّ الحرب المستمرة منذ 19 شهرا مع حركة حماس في قطاع غزة، كثّفت إسرائيل ضرباتها على سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في نهاية العام الماضي.
-
إسرائيل والدروز: حماية أم تدخل في شؤون سوريا الداخلية؟
-
تحذيرات أميركية من هجمات واسعة في سوريا: تصعيد محتمل في الأفق
وبعد اندلاع مواجهات دامية في سوريا على خلفية طائفية في مارس/آذار، هدّدت إسرائيل بالتدخّل عسكريا في سوريا “إذا أقدم النظام على المساس بالدروز”.
وفي الثالث من الشهر الجاري، بعد اشتباكات متجدّدة، شنّت إسرائيل غارة على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال”.
وعلّق جيرار آرو، السفير الفرنسي السابق في تل أبيب والأمم المتحدة وواشنطن، عبر منصة “إكس”، قائلا “إسرائيل التي تغاضت عن المجازر في الحرب الأهلية، تؤجّج النزاعات الطائفية في سوريا”.
-
سوريا على حافة الفوضى: ماذا بعد انسحاب القوات الأمريكية؟
-
الغارات الإسرائيلية على سوريا.. رسائل تحذير غير مباشرة لتركيا؟
وفي 29 أبريل/نيسان، قال وزير المالية الإسرائيلي المنتمي إلى اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع، إن الحرب “لن تنتهي إلا عندما يتم تفكيك سوريا، وهزم حزب الله بشكل حاسم، وإزالة التهديد النووي الإيراني، وتطهير غزة من حركة حماس”.
ويؤكد وزير الخارجية جدعون ساعر باستمرار على “ضرورة حماية” الأقليات الكردية والعلوية والمسيحية والدرزية في سوريا. ومنذ العام 2013، نشر مقالا بعنوان “وداعا سوريا”، دعا فيه إلى تقسيم البلاد إلى كيانات متعددة على أسس عرقية ودينية، وإلى “حكم ذاتي درزي في جنوب غرب سوريا”.
-
تصعيد جديد.. غارات إسرائيلية تضرب جنوب سوريا
-
دواعش سوريا في معسكرات الاعتقال: تهديدات متزايدة للمنطقة
وإسرائيل وسوريا في حالة حرب منذ العام 1967، تاريخ احتلال إسرائيل لجزء من هضبة الجولان السورية، وإن كانت الحدود بينهما ظلت هادئة لسنوات طويلة. وشاركت دمشق، الجارة الأكبر للدولة العبرية من الشمال الشرقي، في ثلاث حروب عربية – إسرائيلية، أولها بين عامي 1948 – 1949، والثانية في يونيو/حزيران 1967، وحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. وضمّت إسرائيل الجولان عام 1981.
ومنذ عام 2013، نفذت إسرائيل آلاف الضربات الجوية في سوريا خلال سنوات النزاع الداخلي الدامي، وكثفت هجماتها عام 2015 بعد إرسال طهران آلاف المقاتلين لدعم حكم بشار الأسد. وأعلنت مرارا أنها لن تسمح بتجّر إيران قرب حدودها.
-
تفاقم الأزمة بين القبائل العربية وقوات سوريا الديمقراطية
-
سوريا على حافة الفوضى: ماذا بعد انسحاب القوات الأمريكية؟
وبعد سقوط حكم الأسد، سيطرت إسرائيل على المنطقة العازلة المنزوعة السلاح والتي تتواجد فيها قوات الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك في الجولان، ونفّذت مئات الضربات ضد أهداف عسكرية في سوريا، بذريعة منع انتقال سلاح الدولة إلى السلطات الجديدة التي تتهمها بالتطرف.
ويتواجد الدروز أتباع طائفة متفرعة من المذهب الإسماعيلي، ثاني أكبر الفروع لدى الشيعة بعد الاثني عشرية، بشكل رئيسي في سوريا ولبنان وإسرائيل. وفي إسرائيل، يشكّلون أقلية ناطقة بالعربية يبلغ عددها أكثر من 150000.
-
عودة شبح الإرهاب.. نشاط متزايد لتنظيم داعش في مناطق النزاع بسوريا
-
الشرع رئيسًا لسوريا حتى إشعار آخر.. مرحلة انتقالية أم ترتيبات دائمة؟
ويتوزّع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا، وفق دائرة الاحصاء المركزي، يضاف إليهم نحو 23 ألفا في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في 28 أبريل/نيسان بين مسلحين دروز وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة، عن مقتل 126 شخصا في صحنايا وجرمانا قرب دمشق، وفي معقل الدروز في السويداء في جنوب غرب البلاد.
-
سوريا تحبط مخططاً لداعش لاستهداف مقام السيدة زينب وتفكك خلية إرهابية
-
داعش يضع تحرير مقاتليه من سجون سوريا على رأس أولوياته
وبعد هذه الاشتباكات، وصف الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز القادة الروحيين الدروز في السويداء، أعمال العنف الجارية بأنها “هجمة إبادة غير مبررة”، ودعا إلى تدخل “قوات دولية لحفظ السلم”، مؤكدا أن الدروز “جزء لا يتجزأ من سوريا”.
وفي إسرائيل، شارك الدروز في تظاهرات طالبوا فيها الحكومة بالدفاع عن أبناء طائفتهم في سوريا. ومنذ قيام الدولة العبرية عام 1948، يعتبر الدروز موالين للدولة العبرية، وهم يشغلون مناصب في الجيش والشرطة.
-
اعتقال إبراهيم حويجة في سوريا.. المتورط في سلسلة اغتيالات غامضة
-
جنبلاط يحبط مساعي إسرائيل لجرّ دروز سوريا إلى صراع داخلي
ويقول إفرايم عنبار، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، “تشعر دولة إسرائيل بأنها مدينة للدروز ولمساهمتهم الاستثنائية في الجيش”.
وبحسب رأيه، فإن الدفاع عن الدروز هو أيضا جزء من الاستراتيجية الجيوسياسية الجديدة بعد الأسد، والتي تتمثل في محاولة إسرائيل “حماية الأقليات الدرزية والكردية من الأغلبية السنية”.
ويقول أندرياس كريغ، المحاضر البارز في “كينغز كولدج لندن”. إن إسرائيل “لا تتحرك بدافع إنساني تجاه الطائفة الدرزية، بل إنها تستخدم بوضوح هذه الأقلية كذريعة لتبرير احتلالها العسكري لأجزاء من سوريا”.