“مدينة مصدر” .. رائدة التطوير العمراني المستدام وقبلة الشركات العالمية
تعد مدينة “مصدر” نموذجا للمدن المستدامة ووجهة مثالية لدعم الابتكار والتكنولوجيا فضلا عن ريادتها في التطوير العمراني المستدام.
وتعكس المدينة الحضارة العمرانية الإماراتية الفريدة برؤية مستقبلية لتمثل النموذج الديناميكي لمدن القرن الحادي والعشرين الحديثة مع الارتكاز على مبدأ الاستدامة كما باتت المدينة وجهة مثالية للعيش والعمل والترفيه.
وقال عبدالله بالعلاء المدير التنفيذي بالإنابة لإدارة التطوير العمراني المستدام في “مصدر” في حوار لوكالة أنباء الإمارات “وام”: “إنه تم تأسيس مدينة مصدر تماشيا مع الرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة التي تستشرف المستقبل وتسعى دائما لتحقيق التميز والريادة على كافة الأصعدة”.
وأوضح أن مدينة مصدر تعكس الحضارة العمرانية الإماراتية الفريدة برؤية مستقبلية لتمثل النموذج الديناميكي لمدن القرن الحادي والعشرين الحديثة مع الارتكاز على مبدأ الاستدامة الذي يدخل في أبسط عناصر البناء الخاصة بالمدينة، فضلا عن إتاحتها الفرصة للاستثمار في العقارات المستدامة من خلال طرح أول صندوق استثمار عقاري أخضر في المنطقة.
وأشار إلى أن المدينة تستخدم في مبانيها أنظمة ذكية مبتكرة في استهلاك المياه حيث توفر التقنيات المتطورة المستخدمة في هذه المباني 54% من استهلاك المياه و51% من استهلاك الكهرباء مقارنة بالمعدل السائد في دولة الإمارات.
وتأتي نسبة 30% من الكهرباء التي تستهلكها مدينة مصدر من الألواح الشمسية الكهروضوئية المثبتة على أسطح المباني، بينما تأتي نسبة الـ 70% المتبقية من محطة توليد الطاقة الشمسية في مدينة مصدر لتحصل المباني بذلك على كامل احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة المتجددة.
وأكد أن مدينة مصدر تعد مركزا رائدا لمبادرات البحث والتطوير المعتمدة في أبوظبي وتضم مجموعة من الشركاء الرئيسيين والمشاريع الرائدة في مجال التكنولوجيا والبحث والتطوير كما تضم مؤسسات وشركات معنية بالنهوض بأجندة الاستدامة وقيادة الابتكار والتكنولوجيا تشمل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” ووكالة الإمارات للفضاء وشركتي سيمنز وهانيويل الرائدتين عالميا في القطاع التكنولوجي والابتكار.
وتابع: “كما تحتضن أيضا جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم وتقدم الجامعة البحثية برامج دراسات عليا متخصصة للطلبة من الإمارات والعالم”.
وبين أنه لتشجيع وتحفيز ريادة الأعمال أطلقت “مصدر” “وحدة دعم الابتكار التكنولوجي” وهي أول مسرعة أعمال للشركات الناشئة المتخصصة بالاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وتساعد هذه المبادرة الشركات الناشئة على تسريع نمو أعمالها من خلال تزويدها بما تحتاجه من التمويل والتدريب والتوجيه كما تشجع على ريادة الأعمال والابتكار داخل المدينة إضافة إلى مجمع “تك بارك” الذي يمثل وجهة جديدة للشركات الناشئة التي يتركز نشاطها في مجالات التكنولوجيا والاستدامة والاقتصاد الرقمي.
وأضاف عبدالله بالعلاء أنه فضلا عن ريادتها في مجال التطوير العمراني المستدام ومجالات البحث والابتكار فإن مدينة مصدر تعتبر وجهة مثالية للعيش والعمل والترفيه بما تتضمنه من مرافق مخصصة للزوار والمقيمين والموظفين من قبيل منتزهي “مصدر بارك” و”سنترال بارك” وعدد من منافذ البيع والمطاعم ومرافق المشي وممارسة الرياضة في الهواء الطلق.
وقال إن مدينة مصدر تشهد حراكا ملحوظا في وتيرة التطوير العمراني حيث تضم حوالي 480 ألف متر مربع من المباني المنجزة والمؤجرة بالكامل وهناك أكثر من 700 ألف متر مربع من المشاريع تم الاتفاق على تطويرها ويشمل ذلك مكاتب وفنادق ومتاجر تجزئة ومطاعم ومباني سكنية بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف متر مربع من المشاريع التي يتم إنشاؤها حاليا.
وأضاف أنه تم في السنوات الأخيرة إنجاز العديد من المشاريع المهمة من بينها “مجمع الاتحاد السكني المستدام” المؤلف من 11 مبنى ويعد أول مجمع مستدام مخصص لطواقم الضيافة الجوية يحصل على التصنيف البلاتيني بنظام ليد “LEED” “الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة” والمركز التجاري “ماي سيتي سنتر مصدر”.
وذكر أنه تم الانتهاء مؤخرا من إنجاز المرحلة الثانية من المجمع السكني أحدث مشروع متعدد الاستخدامات في مدينة مصدر ويتألف من 365 وحدة سكنية و513 وحدة سكنية مخصصة للشركات تقع ضمن تسعة مبان سكنية عالية الأداء ويضم المشروع مساحة مخصصة لمتاجر التجزئة تقدر بـ 5646 مترا مربعا فضلا عن مجموعة من المرافق المجتمعية.
ولفت إلى أن مباني المشروع الجديدة حصلت على تصنيف متقدم ” ثلاثة لألئ” وفق نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ من برنامج استدامة في أبوظبي والتصنيف البلاتيني وهو الأعلى ضمن نظام ليد “LEED “، وهي واحدة من أكثر معايير المباني الخضراء استخداما في العالم.
وأشار إلى أنه تجري حاليا أعمال الإنشاء والتطوير للعديد من المشاريع مثل مشروع “الواحة رزيدنس” والذي يتألف من 600 وحدة سكنية تضم شققا مؤلفة من غرفة وغرفتين وثلاث غرف بالإضافة إلى وحدات الاستوديو والتاون هاوس ومشروع “المهرة” السكني الذي يوفر نحو 300 شقة سكنية تتراوح بين استوديوهات إلى 3 غرف نوم وهناك مجموعة أخرى من المشاريع المتنوعة سواء السكنية أو التعليمية أو الترفيهية التي يجري تطويرها حاليا في مواقع مختلفة ضمن المدينة.
وأكد عبدالله بالعلاء المدير التنفيذي بالإنابة لإدارة التطوير العمراني المستدام أن مدينة مصدر تلعب دورا محوريا في التحول نحو اعتماد وسائل نقل ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتطبق معايير أكثر استدامة وتلتزم شركة “مصدر” بتطوير وتنفيذ البنية التحتية للنقل المستدام ومشاريع التنقل الذكي في المدينة من خلال شراكاتها الاستراتيجية مع دائرة النقل وغيرها من الشركات العالمية.
وأضاف أنه ترسيخا لجهودها الرائدة في دعم وتحفيز الابتكار في مجال التكنولوجيا النظيفة والاستدامة كانت مدينة مصدر المدينة الأولى في المنطقة التي تطبق حلولا في مجال التنقل ذاتي القيادة وقد قامت “مصدر” في عام 2010 بإطلاق نظام النقل الشخصي السريع /PRT/ وهو عبارة عن نظام نقل تجريبي يتكون من مركبات عديمة الانبعاثات بدون سائق.
وتابع: ” اعتمدت مدينة مصدر أواخر العام 2018 رسميا أول مركبة “نافيا أوتونوم” ذاتية القيادة ضمن شبكتها للتنقل الذاتي ليكون ذلك بمثابة نقلة نحو المرحلة التالية من تطوير وتوسيع نظام التنقل المستدام ضمن المدينة وهي مركبة ذاتية القيادة بالكامل وتضم ثمانية مقاعد قادرة على استيعاب 12 راكبا، وتصل سرعتها القصوى إلى 25 كيلو مترا في الساعة”.
وأضاف قامت “مصدر” بتسيير أول حافلة ركاب مستدامة تعمل بالكهرباء بالكامل على مستوى المنطقة وذلك بالتعاون مع دائرة البلديات والنقل في أبوظبي وشركة “حافلات للصناعة” ومقرها أبوظبي وشركة “سيمنز الشرق الأوسط” وتتسم الحافلة المستدامة بهيكل خفيف الوزن كونه مصنوع من الألومنيوم كما تم تزويدها ببطاريات بنظام فريد لتبريد المياه لزيادة مدة عمل البطارية وتعزيز كفاءتها حتى أثناء ارتفاع درجة الحرارة الخارجية إلى مستويات قصوى.
وأكد أن المنطقة الحرة في مدينة مصدر حققت خلال السنوات الأخيرة نموا متسارعا لتصبح وجهة استراتيجية لرواد الأعمال والشركات الناشئة الراغبة بمزاولة أعمالها في أبوظبي حيث توفر بيئة مثالية تساهم في دعم الشركات التكنولوجية وتتيح لها الفرص لتوسيع شبكات العلاقات على المستويين المحلي والعالمي واستكشاف فرص الاستثمار العديدة فضلا عن اختبار التقنيات الجديدة.
وأشار إلى أنه على الرغم من انتشار “كوفيد 19” تواصل المنطقة الحرة في مدينة مصدر نموها وتستقطب المزيد من الشركات الجديدة الراغبة في مزاولة أعمالها ضمنها ففي الفترة الممتدة من مارس إلى يونيو من العام الجاري انضمت 87 شركة جديدة إلى المنطقة الحرة في مدينة مصدر وذلك مقابل انضمام 42 شركة في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأضاف هناك حاليا قرابة 900 شركة محلية وإقليمية وعالمية تدير أعمالها من المنطقة الحرة وتتنوع هذه الشركات بين مقرات إقليمية مثل المقر الإقليمي لعملاق الصناعات الهندسية “سيمنس” في الشرق الأوسط والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
وذكر أن الشركاء والمستأجرين يستفيدون من مجموعة واسعة من خدمات دعم الأعمال الشاملة مثل خدمات الترخيص المزدوج وإصدار التأشيرات والرخص بشكل سريع وفعال والحوافز التي تشمل تملك الأجانب للشركات بنسبة 100 في المائة والإعفاء من ضرائب الدخل الشخصية ودخل الشركات، وحرية انتقال رأس المال والأرباح دون قيود فضلا عن فرص الاستئجار منخفضة التكاليف.
وأكد أن المنطقة الحرة في مدينة مصدر رسخت دورها الريادي في دعم جهود الابتكار ودفع عجلة التكنولوجيا المتقدمة في الدولة والمساهمة في تحقيق التوجهات الوطنية بتعزيز التنمية المستدامة.
وعن الدورة القادمة من أسبوع أبوظبي للاستدامة.. قال عبدالله بالعلاء إن الدورة الجديدة التي ستنطلق بحلتها الافتراضية من 18 إلى 21 يناير/كانون الثاني 2021 تكتسب أهمية متزايدة لكونها تتزامن مع ما يواجهه العالم من تحديات استثنائية جراء كوفيد 19 حيث ستركز النقاشات والحوارات الافتراضية خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2021 على ضرورة الالتزام ببذل الجهود اللازمة خلال العقد القادم من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة خصوصا في ضوء التبعات غير المسبوقة للجائحة والعمل على إنجاز خطط التعافي وفق أساليب مستدامة والتركيز على توفير سبل التعاون على مستوى الحكومات وقطاعات الأعمال والمجتمعات.
وأضاف أنه إلى جانب قمة أسبوع أبوظبي للاستدامة سيتضمن الأسبوع سلسلة من الفعاليات الافتراضية رفيعة المستوى والتي تشمل الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” وملتقى أبوظبي للتمويل المستدام ومنتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي ومنتديات القمة العالمية لطاقة المستقبل.
وقال إن هذه المنصة العالمية الفريدة تؤكد حرص دولة الإمارات على دعم مختلف الجهود لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة حول العالم حيث أطلقت العديد من الاستراتيجيات والمبادرات الطموحة في هذا السياق وكان منها أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يمثل منصة لتحفيز الحوار العالمي حول قضايا الاستدامة وصياغة الأجندة العالمية للتنمية المستدامة وتعمل الإمارات من خلال مؤسسات وشركات مثل “مصدر” على نشر حلول الطاقة النظيفة حول العالم وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات الكربونية والحد من التبعات السلبية للتغير المناخي والمساهمة الفاعلة في دفع عجلة التنمية المستدامة.