مباحثات الملف النووي في جنيف.. انعدام الثقة يهيمن على الأجواء
دعت إيران الاتحاد الأوروبي الجمعة إلى التخلي عن سلوك اعتبرته “غير مسؤول” بشأن مجموعة من القضايا الدولية بعد لقاء في اليوم السابق مع الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا في جنيف حيث تجرى الجمعة محادثات حول الملف النووي قبل عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وكتب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، هو جزء من الوفد الإيراني على إكس، “أكدنا له مجددا أن على الاتحاد الأوروبي التخلي عن سلوكه الأناني وغير المسؤول في مواجهة مشكلات هذه القارة وتحدياتها، والقضايا الدولية”.
ورأى أن أوروبا “لم تنجح في أن تكون لاعبا جديا” في المسألة النووية، بعدما قامت واشنطن في 2018 بمعاودة فرض عقوبات على طهران كان الأوروبيون يعارضونها.
Dr. @TakhtRavanchi and I had a frank discussion with @enriquemora_ on a variety of issues, including the perspective of nuclear and sanctions lifting negotiations in light of recent developments. It was reaffirmed to him that EU should abandon its self-centered and irresponsible…
— Gharibabadi (@Gharibabadi) November 29, 2024
وكان غريب آبادي ومجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية أجريا مناقشات الخميس في جنيف مع مورا الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
من جهته، أفاد مورا عبر إكس أنه جرى بحث “دعم إيران العسكري لروسيا الذي يجب أن يتوقف، والمسألة النووية التي تحتاج إلى حل دبلوماسي، والتوترات الإقليمية – من المهم أن يتفادى جميع الأطراف التصعيد- وحقوق الإنسان”.
Frank exchange with Iran Deputy FM @TakhtRavanchi and @Gharibabadi on Iran’s military support to Russia that has to stop, the nuclear issue that needs a diplomatic solution, regional tensions (important to avoid further esclatation from all sides) and human rights.
— Enrique Mora (@enriquemora_) November 28, 2024
ويجتمع دبلوماسيون أوروبيون وإيرانيون الجمعة لمناقشة ما إذا كان من الممكن الانخراط في محادثات جادة في الأسابيع المقبلة لنزع فتيل التوتر في المنطقة بما في ذلك المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني المثير للجدل قبل عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
والاجتماعات تعقد في مدينة جنيف السويسرية التي سبق أن شهدت أول تقدم في المحادثات النووية بين القوى العالمية وإيران قبل أكثر من عقد قبل التوصل لاحقا إلى اتفاق في عام 2015. والمحادثات هي الأولى منذ الانتخابات الأميركية وتهدف إلى استكشاف ما إذا كان من الممكن بناء أي زخم قبل تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني.
وسيلتقي نائب وزير الخارجية الإيراني والمفاوض النووي روانجي مع دبلوماسيين كبار من بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهي الدول التي تشكل معا ما يعرف باسم الترويكا الأوروبية.
وتجلى مستوى انعدام الثقة بين الجانبين عندما دفعت الدول الثلاث في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بقرار ضد إيران كلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعداد تقرير “وافٍ” عن الأنشطة النووية الإيرانية بحلول ربيع عام 2025 على الرغم من تعهدات إيران الأحدث ولكن المحدودة، بالحد من تخصيب اليورانيوم.
وأفاد دبلوماسيون إن هذا يجعل اجتماعات جنيف بمثابة محادثات مكثفة تركز على المخاوف المتبادلة بشأن كيفية تعامل ترامب مع الملف.
ويقول دبلوماسيون أوروبيون وإسرائيليون وإقليميون إن إدارة ترامب، التي تضم شخصيات معروفة بموقفها المتشدد إزاء إيران مثل مرشحه لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، ستمضي باتجاه سياسة “الضغط الأقصى” التي تهدف إلى تركيع إيران اقتصاديا كما حاول خلال رئاسته الأولى.
ويضيفون أيضا إنه قد يسعى إلى نوع من الصفقة الكبرى التي تشمل الأطراف الإقليمية لحل الأزمات المتعددة في المنطقة.
وتبنت الدول الأوروبية الثلاث والموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 موقفا أكثر صرامة تجاه إيران في الأشهر الماضية، وخاصة منذ كثفت طهران دعمها العسكري لروسيا في حربها بأوكرانيا. ومع ذلك، تقول هذه الدول دوما إنها تريد الحفاظ على سياسة بين الضغط والحوار.
وذكر ثلاثة مسؤولين إيرانيين أن الهدف الأساسي لطهران سيكون إيجاد طرق لضمان “رفع العقوبات” المفروضة منذ عام 2018 عندما انسحب ترامب خلال رئاسته الأولى من اتفاق 2015 الذي أبرمته إيران مع ست قوى عالمية.
وقال أحد المسؤولين الثلاثة “قررت المؤسسة التغلب على الجمود النووي… الهدف هو استغلال اجتماع جنيف لإيجاد أرضية مشتركة، وإذا حققنا تقدما فإن واشنطن قد تنضم في مرحلة لاحقة”.
وسرعت إيران برنامجها النووي وحدت من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبته منذ عام 2018.
وقال كيلسي دافنبورت المسؤول عن سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من الأسلحة “لن يكون هناك اتفاق أو أي محادثات جادة عن ملامح الاتفاق قبل تولى ترامب منصبه”.
وأضاف “لكن يجب أن يضغط الأوروبيون على إيران لمعرفة ما هي جوانب برنامجها النووي التي ترغب في التفاوض عليها وما هي الظروف الأمنية في المنطقة التي يتعين أن تتغير حتى تقدم إيران تنازلات نووية”.
وقال مسؤول أوروبي إن الهدف الأساسي هو محاولة الاتفاق على جدول زمني وإطار عمل لبدء محادثات بحسن نية يلتزم فيها الإيرانيون بشكل واضح بالبدء في التفاوض على شيء ملموس قبل تولي ترامب السلطة.
وذكر مسؤولون من الجانبين أن القضية النووية مجرد جانب واحد من المحادثات التي ستتناول أيضا علاقات إيران العسكرية مع روسيا ودورها الإقليمي مع تصاعد المخاوف من أن التوتر بين إيران وعدوها اللدود إسرائيل قد يشعل حربا شاملة في منطقة ملتهبة بالفعل بسبب الضربات المتبادلة بينهما والصراعين في غزة ولبنان.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن من أسباب اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في لبنان، الذي أعلنه يوم الثلاثاء، هو تحويل تركيز إسرائيل إلى إيران.
ورغم أن عودة ترامب إلى السلطة تثير غموضا حول مصير العديد من القضايا، قال أربعة دبلوماسيين أوروبيين إن دول الترويكا شعرت بأن من الضروري الانخراط في محادثات الآن لأن الوقت ينفد.
وتأمل القوى الغربية في أن تقرر إيران البدء في التفاوض على قيود جديدة على أنشطتها النووية، وإن كانت أقل صرامة من تلك التي فرضت في عام 2015، بهدف التوصل إلى اتفاق بحلول الصيف.
وفي المقابل، سيتم البدء في رفع العقوبات رغم أن أكثرها ضررا بالاقتصاد الإيراني هي العقوبات الأميركية.
وبعد أن تجاوزت إيران بكثير حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق، من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيؤيد المفاوضات الرامية إلى وضع حدود جديدة قبل رفع تلك الواردة في اتفاق 2015 في يوم انتهاء سريانها في أكتوبر/تشرين الأول من العام المقبل.
وإذا لم يُتفق على حدود جديدة قبل ذلك اليوم، قد تستغل المسألة فيما يسمى “بالعودة السريعة”، وهي عملية تحال فيها القضية بموجب اتفاق 2015 إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وقد يعاد فيها فرض العقوبات التي تم رفعها.
وحذرت إيران، التي تقول منذ فترة طويلة إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، من أنها ستراجع عقيدتها النووية إذا حدث ذلك.