مؤتمر برلين حول ليبيا.. لماذا توقفت مسارات الحل؟
ترددت مؤخرا العديد من الدعوات المحلية والدولية لاستئناف الحوار الليبي الليبي للوصول إلى الانتخابات وإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد.
وبالرغم أن مسارات التفاوض الناتجة عن مؤتمر برلين حول ليبيا يناير 2020 -والحاكمة للمرحلة الحالية وفقا لقرارات مجلس الأمن- كانت تضم 4 مسارات سياسية واقتصادية وأمنية عسكرية ودستورية، إلا أن الاهتمام ينصب في الفترة الأخيرة على المسار الدستوري.
وقد أوضح خبراء سياسيون ليبيون أسباب تعطل المسارات المختلفة للحل في ليبيا، وسبب التركيز على القاعدة الدستورية. مؤكدين أن حصر الحوار الليبي الليبي، ومسارات الحل في المسار الدستوري وحده لن يحقق أي تقدم، ولا بد من السعي لتحقيق تقدمات في المسارات المختلفة الأخرى.
وشدد الخبراء على أهمية المسار الأمني والعسكري وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وحل للمليشيات ونزع سلاحها وإخراجها من المدن. وتوحيد المؤسسة العسكرية وهي مخرجات اتفاق اللجنة العسكرية الليبية.
المسار الرئيسي
ويجد دكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية الليبي، أن المسار الدستوري هو الرئيسي والأصعب ويعاني من عدة نقاط خلافية رئيسية تتركز حول شروط انتخاب رئيس الدولة.
مضيفا أن من أبرز هذه النقاط الخلافية مسألة ترشح مزدوجي الجنسية. وترشح العسكريين وهي أمور لن يقبل بها الأطراف الأخرى الموالية للتنظيمات الإسلامية ولذلك سيظل المسار يعاني من التعثر.
وأشار إلى أن المتطرفين يعلمون أنه حال التوافق حول هاتين النقطتين فإن الانتخابات الرئاسية تكاد تكون محسومة لصالح شخصية سياسية معروفة لدى الجميع لما لها من ظهير شعبي كبير.
ونوه إلى أن هذه المسارات تشوبها العديد من الأمور غير الواضحة خاصة مع تعنت بعض الأطراف مدفوعا بمواقف دولية لعدم تنفيذ كثير من المخرجات وعلى رأسها إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية.
وأضاف أن عملية برلين بصفة عامة كانت تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأطر الواضحة. التي هي أساس العملية السياسية بأكملها ولكن لم تكن هناك بيئة مواتية لتنفيذها خاصة المسار الأمني. وإخراج المرتزقة وحل المليشيات وحال تنفيذ هذا المسار سيكون هنالك تقدم كبير وانخفاض الضغط على الأطراف وسيكون الذهاب إلى الانتخابات أمرا يسيرا.
أسباب توقف المسارات
ومن جانبه يرى أيوب الأوجلي، المحلل السياسي الليبي، أن توقف مسارات الحل. التي طرحت في برلين بعضها يعرف الليبيون السبب فيها وبعضها الآخر ما يزال حبيسا لأدراج بعض الساسة سواء في الداخل أو الخارج.
وتابع أن المسار الاقتصادي يعاني من تدخل بعض الدول خاصة التي تدعم محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال من مجلس النواب الصديق الكبير والتي تعطيه نوعا من الحصانة ويجعله يتفرد باتخاذ القرار ويقف حائلا أمام توحيد المصرف وحل المشاكل الخاصة بهذا المسار رغم انتهاء اللجنة مراجعة الحسابات والخطوات المهمة للتوحيد.
وفيما يخص المسار العسكري، أكد أن تصريحات أعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 كانت واضحة باتفاقهم على العديد من النقاط ولكن ما عطل تنفيذها هو مت سبق وأعلنته اللجنة من أن الاتفاق على إخراج المرتزقة من ليبيا يحتاج إلى قرار سياسي في حين أن هذا لم يحدث بل عملت الحكومة على تحسين العلاقات مع الأطراف التي لها قوات في الداخل.
وأضاف، أن تعنت بعض الأطراف السياسية ووقف صرف رواتب القوات المسلحة. أدى لانسحاب بعض أعضاء اللجنة قبل تراجعهم مجددا ولكن اجتماعاتهم غير دورية وبشكل خفيف وسريع جدا ودون جدوى حقيقية.
ونوه إلى أن المسار السياسي مسار شائك جدا وغاية في التشابك ومرتبط كثيرا ببقية المسارات، خاصة مع رفض الحكومة منتهية الولاية تسليم السلطة للحكومة. التي انبثقت عن مجلس النواب ومن ثم بدأت القطيعة الكبرى مع مجلس النواب والتعنت مع أي قرارات من المجلس تجاه الانتخابات أو غيرها.
وتابع، أن أزمة ليبيا في هذه المسارات أن كل مسار يرتبط ببعض الأشخاص إذا حلوا هذا المسار سيكونون خارج السلطة ولذلك يرفضون التقدم في أي من هذه المسارات.
ويجد الأوجلي أن الحل الليبي يجب أن يكون بعيدا عن القاعدة الدستورية وفق قوله. لأن التمسك بحل هذا المسار لن يحدث أي تطورات كما أن مشكلة ليبيا ليست في القاعدة. بل في ملف المصالحة الوطنية والمليشيات المسيطرة على طرابلس والأزمة الاقتصادية. التي يعاني منها المواطن والفساد الذي ينخر في جسد الدولة. وحين حلها يمكن الذهاب إلى الانتخابات من طريق خارج مجلسي النواب. والدولة والحكومة منتهية الولاية لتكون هذه الأجسام شاهدة فقط على الاستحقاق وغير مشاركة فيه.
جدية الحوار
ومن جانبه يرى المحلل السياسي الليبي محمد قشوط، أن الحوارات بصفة عامة التي رعتها الأمم المتحدة ظاهرياً والدول المتدخلة بشكل سافر في الشأن الليبي عملياً جميعها تهدف لإطالة الأزمة وإعادة تدويرها.
وتابع أن الليبيين لم يلحظوا رغبة جدية من المجتمع الدولي في الذهاب نحو المعضلة الكبرى التي تسببت في الأزمة وهي المسار الأمني وحل المليشيات.
وأشار إلى أن حوار برلين جاء بعد حرب ضد المليشيات فلذلك كان ينبغي أن تتركز على أصل المشكلة الأمنية وهي المليشيات التي تعد معضلة ليبيا الأكبر بنظر لسيطرتها على العاصمة طرابلس وأن المشاكل لأخرى هي ناتجة عنها ونابعة منها.
وأضاف أن التقارير الدولية تؤكد أن بعض هذه الدول قد تورطت في تمويل ودعم المليشيات لاستغلالها لإدارة الفوضى وتحقيق مصالحها الخاصة، ومن ثم فإنها لن تترك ليبيا وشأنها وليتعكل على إفساد كافة الحوارات خاصة التي تدور حول لب الأزمة.
وأردف أن الحوارات بشكلها الحالي وما يطرح فيها مجرد كلام غير قابل لتطبيق ما لم تكن هنالك جدية حقيقية. في الملف الأمني تحديدا والتعاون مع اللجنة العسكرية 5 + 5 في تنفيذ خططها لتسريح المليشيات وإخراج المرتزقة.