للكسالى حبة دواء تحاكي تأثير التمارين الرياضية
هل يمكن أن يجلب تناول حبة دواء فوائد مماثلة للجري على جهاز المشي أو القيام بتدريبات المقاومة؟
في بحث جديد، اقترب العلماء خطوة واحدة من تحقيق ذلك، وتطوير دواء يمكن أن يحاكي بعض التأثيرات الخلوية للتمرين.
والهدف هو صنع دواء يستهدف مفاتيح في الخلايا البشرية يتم تنشيطها عادة عن طريق ممارسة الرياضة، وتساعد هذه المفاتيح في الحفاظ على كتلة العضلات وتجديدها وتعزيز نشاط مراكز الطاقة في الخلايا.
ويقول الباحث الرئيسي ذو الأصول المصرية بهاء الجندي، الأستاذ المشارك في الكيمياء الطبية والتخدير في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، في تصريحات لموقع “لايف ساينس” إن “القدرة على تحفيز هذه التغييرات الخلوية دون ممارسة التمارين الرياضية ستكون مفيدة لكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات هزال العضلات، وأولئك الذين قد يفقدون كتلة العضلات أثناء تناول الأدوية التي تحفز فقدان الوزن، مثل (أوزيمبيك)، فهو بشكل عام، مخصص لأولئك الذين يواجهون عوائق جسدية كبيرة في ممارسة الرياضة.
وأضاف الجندي، وهو أيضا المؤسس المشارك لشركة “بيلاجوس للأدوية”، وهي شركة ناشئة تهدف إلى تطوير هذه الأدوية التي تحاكي التمارين الرياضية، أن هذا الحل سيكون مفيدا أيضا لأولئك المنشغلين جدا عن ممارسة التمارين الرياضية بشكل كافٍ أو “الكسالى”.
وفي بحث سابق، اكتشف الجندي وزملاؤه جزيئا ينشط مع التمارين ويتغير في الخلايا في أطباق المختبر وفي الحيوانات، وفي الآونة الأخيرة، استخدموا هذا الجزيء كنقطة انطلاق لتطوير مركبات جديدة أكثر فعالية في محاكاة التأثيرات الخلوية للتمرين، وقد قدموا هذه النتائج يوم الاثنين (18 مارس) في اجتماع الربيع للجمعية الكيميائية الأمريكية.
ويقول: ” يمثل هذا العمل خطوة صغيرة نحو توفير هذه الأدوية للمرضى، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإننا نأمل أن نبدأ التجارب البشرية في العامين المقبلين”.
الارتباط بـ “المستقبلات اليتيمة”
وبدأ هذا الاكتشاف بسعي الباحثين للبحث عن جزيئات قادرة على الارتباط بهياكل الخلايا المعروفة باسم “المستقبلات المرتبطة بالإستروجين” (ERRs) ، وهي تشبه مستقبلات هرمون الإستروجين من حيث البروتين والتركيب الجيني، ولكن على الرغم من اسمها، فإن تلك المستقبلات لا تستجيب لهرمون الإستروجين.
وقال الجندي: إنها بالأحرى مستقبلات يتيمة، مما يعني أن العلماء لا يعرفون ما الذي يرتبط بها بشكل طبيعي”.
ومع ذلك، يمكن العثور على هذه المستقبلات في جميع أنحاء الجسم، وهي مهمة بشكل خاص في الأنسجة التي تتطلب طاقة عالية، مثل العضلات الهيكلية والقلب والدماغ، فعلى سبيل المثال، تشير الدراسات التي أجريت على العضلات الهيكلية لدى الفئران إلى أن تنشيط المستقبلات يساعد على تعزيز إنتاج الوقود بواسطة الميتوكوندريا في الخلايا، وزيادة قدرة الحيوانات على التحمل أثناء ممارسة التمارين الرياضية، ومساعدة الخلايا على التحول إلى حرق الدهون بدلاً من السكريات.
وتأتي المستقبلات المرتبطة بالإستروجين بثلاث نكهات – ألفا وبيتا وغاما – وفي الماضي، اكتشف العلماء طرقا لتنشيط مستقبلات بيتا وغاما بمركبات من صنع الإنسان، لكن ألفا، المعروف بأنه منتشر بشكل كبير في الدماغ والعضلات الهيكلية، ثبت أنه من الصعب استهدافه.
ويقول الجندي: “كان هناك ادعاء بأنه غير قابل للتنشيط دوائيا، لكن الجزيء الجديد الذي صنعناه، والذي يدعى ( SLU-PP-332)، يمكنه تنشيط جميع النكهات الثلاثة، وتحديدا (ألفا ) التي ينشطها بقوة أكبر”.
ووصف الباحثون المركب في بحث سابق نُشر في مارس/ آذار 2023 في مجلة ( إيه سي إس كيميكال بيولوجي).
في دراسات المختبر، عزز المركب عملية التمثيل الغذائي للعضلات الهيكلية، وفي الفئران، أدى إلى تحسين قدرة القوارض على التحمل للجري وزيادة عدد الألياف العضلية المقاومة للتعب.
وفي آخر أعمالهم، كرر الفريق البحثي استخدام المركب، حيث صمموا جزيئات جديدة تتلاءم بشكل أكثر راحة مع المستقبلات الثلاثة ولها فعالية أعلى دون المخاطرة بتأثيرات غير مقصودة.
علاج ألزهايمر
وتلعب المستقبلات المرتبطة بالإستروجين دورا في مجموعة متنوعة من الوظائف الخلوية، وتوجد في الخلايا السرطانية وكذلك السليمة، لذلك، بينما يواصلون تطوير الأدوية، سيتعين على الباحثين التحقق من أنهم يحاكون في المقام الأول تأثيرات التمارين الرياضية دون التسبب في تعطل وظائف أخرى في الجسم عن غير قصد.
ويقوم الفريق الآن باختبار أحدث جيل من الجزيئات في الحيوانات، لقد بدأوا بدراسة الفئران التي تحاكي بيولوجيتها جوانب قصور القلب البشري والسمنة واختلال وظائف الكلى، لمعرفة ما إذا كانت المركبات الجديدة يمكن أن تساعد في علاج هذه الحالات.
وهناك أيضا أدلة على أن مستقبل (ألفا) ، له صلة بمرض ألزهايمر، حيث تم ربط نشاطه بمستويات منخفضة من البروتينات غير المطلوبة في الدماغ.
وقال الجندي إن علاج مرض ألزهايمر وغيره من الاضطرابات التنكسية العصبية هو أحد السبل التي يهتم الفريق باستكشافها.
لكنه أضاف أنه في الوقت الحالي “هذا ليس دواء، فلم يتم اختباره على البشر أبدا، وأمام الباحثين الكثير من العمل الذي يتعين عليهم القيام به لاختبار الجزيئات في الحيوانات، ومعرفة كيفية معالجتها بواسطة الجسم وإجراء أي تعديلات ضرورية قبل نقل الأدوية المرشحة إلى البشر، وقد يستغرق ذلك الكثير من الوقت”.