لاوس.. قصة البلد الذي عاش تحت وابل من القنابل لسنوات
مثل الديْن العام والدخل، يُحسب معدل التعرض للقصف على أساس نصيب الفرد الواحد في الدولة المستهدفة، ما يظهر مفاجأة مدوية.
ففي الفترة من عام 1964 إلى 1973، تم إسقاط أكثر من مليوني طن من الذخائر خلال 580 ألف طلعة جوية، أي ما يعادل حمولة طائرة واحدة كل 8 دقائق، طوال 24 ساعة يوميا لمدة 9 سنوات، على لاوس. وفق تقرير صحيفة “تايمز أوف إنديا”.
ولتبيان حجم هذا القصف، تتجاوز هذه القنابل بكثير مجموع القنابل التي ألقيت خلال الحرب العالمية الثانية مجتمعة.
ومن بين هذه القنابل، جرى إسقاط ما لا يقل عن 270 مليون قنبلة عنقودية كجزء من حملة القصف، والتي تشير التقديرات إلى أن 30 بالمائة منها لم تنفجر.
ولاوس دولة غير ساحلية تحدها الصين وميانمار من الشمال وفيتنام من الشرق وكمبوديا من الجنوب وتايلاند ونهر ميكونج من الغرب.
وكان قربها من الصين في عهد ماو تسي تونغ نقمة عليها، إذ رأت حكومة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور أن “سقوط لاوس في قبضة الشيوعية يعني سقوط بقية دول جنوب شرق آسيا”.
وفي يوم خطابه الوداعي في عام 1961، وافق الرئيس أيزنهاور على تدريب وكالة المخابرات المركزية للقوات المناهضة للشيوعية في جبال لاوس. كانت مهمتهم: تعطيل طرق الإمداد الشيوعية عبر طريق “هو تشي مينه” إلى فيتنام.
ولم يكن شن القوات الأمريكية حربا برية ضد لاوس مطروحاً على الطاولة. فقد كتب الرئيس جو كينيدي في وقت مبكر من عام 1961، أن “لاوس… منطقة غير مضيافة على الإطلاق لشن حملة عسكرية فيها. فجغرافيتها وتضاريسها ومناخها تشكل عوائق أساسية”.
وكان قصف لاوس يُنظَر إليه باعتباره وسيلة أكثر أماناً لقطع خطوط الإمداد الشيوعية إلى فيتنام، قبل أن يتسنى استخدامها ضد القوات الأمريكية.
وانتهت الحرب الأهلية في لاوس في عام 1975، عندما استولى الباثيت لاو على البلاد.
منذ ذلك الحين، باتت دولة شيوعية يسيطر عليها حزب واحد لسنوات عديدة وظلت منعزلة عن بقية العالم.
ولهذا السبب، لم يسمح للمنظمات غير الحكومية مثل المجموعة الاستشارية للألغام بالعمل في إزالة الألغام في البلد إلا في عام 1994.
وبحلول ذلك الوقت، وللأسف، كان عشرات الآلاف من الناس قد قتلوا أو أصيبوا بسبب هذه المخلفات الخطيرة غير المنفجرة.
في عام 2020، خصصت الحكومة الأمريكية 45 مليون دولار للكشف عن القنابل غير المنفجرة والتخلص منها في لاوس. وجرى استخدام جزء من هذه الموارد لدفع ثمن معدات المنظمات غير الحكومية مثل المجموعة الاستشارية للألغام (MAG).
وأعلنت حكومة لاوس عن هدفها بالتخلص من الألغام بحلول عام 2030، إذ تعتبرها حاجزا يعوق تنمية البلد.
وفقًا لدراسة أجرتها خدمة الأبحاث بالكونغرس الأمريكي، فإن إزالة هذه المتفجرات بالمعدل الحالي سيستغرق قرنًا للتخلص من الآثار الخطيرة للحرب.