سياسة

كيف تدير إيران علاقاتها مع وكلائها؟


وسط حالة عدم اليقين التي تحيط بالأوضاع السياسية في إيران بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، تتفجر التساؤلات حول علاقة طهران بوكلائها.

فإيران، في ظل عقود من العقوبات الاقتصادية الصارمة، تمارس نفوذها خارج الحدود عبر وكلائها في المنطقة من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن وحماس في فلسطين وصولا إلى مليشيات متعددة في العراق.

تغيير؟

ويقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يؤدي وفاة رئيسي وعبداللهيان إلى أي تغيير في هذه العلاقات بسبب عمل هذه الجماعات من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المسؤول مباشرة أمام المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وليس أمام الحكومة التي يقودها الرئيس.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإنه بالتزامن مع إعلان وفاة الرئيس ووزير خارجيته يوم الإثنين الماضي وقعت مناوشات بين حزب الله وإسرائيل قرب الحدود مع لبنان، كما أعلنت الفصائل العراقية صباح الثلاثاء أنها شنت غارة على قاعدة في إسرائيل.

وهذه التحركات بدت كما لو أن وكلاء إيران يؤكدون أن الأمور تسير كالمعتاد من خلال شن الهجمات الشائعة خلال الفترة الأخيرة.

وقال تريتا بارسي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط: “كان من الواضح أنهم يريدون إبراز صورة الاستقرار حول خلافة رئيسي، وستكون أنشطة الوكلاء جزءًا من ذلك”.

وأضاف أن “إيران تعلم جيدًا أن البلاد أكثر عرضة للخطر في هذه اللحظة لذا فمن المهم إظهار أن لديها سياسات مؤسسية لا تعتمد على الأفراد لإظهار قدرتها على التعامل مع أي أزمة”.

القيادة العليا أهم

في إيران حيث يتمتع رجال الدين بالسلطة المطلقة، سيكون تغيير القيادة العليا أكثر أهمية من تغيير الرئيس، وأوضح الخبراء أن طهران تعتبر تعاملها العلني مع وفاة رئيسي وسيلة للتأكيد على أنها ستدير خلافة آية الله خامنئي (85 عامًا) بسلاسة مماثلة.

وقالت إميلي هاردينج، مديرة برامج الاستخبارات والأمن القومي والتكنولوجيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن فيلق القدس هو الذي يدير جماعات الوكلاء ويزودها بالسلاح والتدريب والاستخبارات لذلك لا يوجد سبب لتوقع أي تغيير كبير في تلك العلاقات.

وأضافت هاردينج، وهي موظفة سابقة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: “تعتبر إيران أن أي نوع من الاضطرابات الداخلية يمثل فرصة لأعدائها، لذلك ستكون أكثر حذرا بعض الشيء خلال الخمسين يومًا القادمة”.

وتوقعت هاردينج أن تكون إيران أكثر حرصا على الانتقام في حال تعرض أحد وكلائها لهجوم خلال هذه الفترة،بهدف عدم الظهور بمظهر الضعف، ويتزايد خطر الصدام بعدما أصبحت معظم الجماعات تتخذ قراراتها الخاصة بشأن موعد ومكان الهجوم.

ولا تريد واشنطن أو طهران صراعاً مسلحاً مباشراً، لكنهما اقتربتا من ذلك في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما شنت فصائل عراقية هجوماً بطائرة مسيرة على قاعدة أمريكية في الأردن.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك أكثر من 100 هجوم للمليشيات على القوات الأمريكية في المنطقة وردت واشنطن بضرب مواقع في العراق وسوريا لكنها امتنعت عن الضرب داخل إيران.

كما أطلق حزب الله الصواريخ على إسرائيل وأطلقت الفصائل العراقية مسيرات باتجاه إسرائيل وكذلك الحوثيون في اليمن الذين استهدفوا أيضا سفن الشحن الدولية.

ويتحمل الوكلاء انتقام إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهو ما يمنح إيران إلى حد كبير القدرة على تأكيد قوتها مع إبقاء الصراع بعيدًا عن حدودها.

تأثير عرضي

مع ذلك، قد يكون هناك تأثير عرضي وحيد لتحطم مروحية الرئيس الإيراني على العلاقة مع الوكلاء وفقا لباتريك كلاوسون، مستشار الأبحاث البارز في معهد واشنطن الذي أشار إلى أن وزير الخارجية عبداللهيان كان يجيد اللغة العربية وكان على اتصال منتظم مع القادة السياسيين والعسكريين للجماعات التي تدعمها إيران.

وقال كلاوسون “لقد كانت ميزة حقيقية أن عبد اللهيان كان يتحدث العربية.. كان يختلط نوعًا ما مع زعماء الوكلاء ويتحدث معهم”، مضيفًا أن مفتاح ممارسة إيران نفوذها على الجماعات هو العلاقات التي أقامتها مع قادتهم.

وهذا الدور لعبه من قبل قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتلته الولايات المتحدة عام 2020، لكن خليفته إسماعيل قاآني أقل شهرة وأقل راحة في التحدث باللغة العربية وفقًا لبعض قادة الجماعات الذين تعاملوا معه مما وضع مهمة الحفاظ على العلاقات على عاتق عبداللهيان.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى