تونس تستعد لدق المسمار الأخير في نعش الإخوان
يتوجه التونسيون يوم الأحد المقبل لصناديق الاقتراع لدق المسمار الأخير في نعش تنظيم الإخوان، عبر التصويت في انتخابات المجلس الأعلى للجهات والأقاليم.
وينظر لتلك الانتخابات كخطوة لدحر تغلغل تنظيم الإخوان داخل الدولة التونسية. والانتخابات المحلية التي تعد تمهيداً لاختيار أعضاء مجلس الجهات والأقاليم وعددهم 77 عضواً، هي المرحلة الأخيرة من مشروع الرئيس قيس سعيّد الإصلاحي الذي انطلق في 25 يوليو/تموز 2021 بعد الإطاحة بحكم الإخوان.
ويقوم النظام النيابي الحالي في تونس، وفق دستور 2022، على غرفتين نيابيتين، عوضا عن غرفة واحدة قبل حل برلمان الإخوان السابق.
وستجري هذه الانتخابات في ظل مقاطعة جميع الأحزاب الإخوانية والأحزاب المتحالفة معها، رفضا للمسار الإصلاحي للرئيس قيس سعيد. ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن الرئيس سعيد من خلال مشروعه الإصلاحي يسعى إلى تطهير البلاد من فساد الإخوان الذي استشرى منذ سنة 2011، وإلغاء أي تفاوت بين المحافظات الساحلية والغربية، في مستوى التنمية.
وتشهد تونس تفاوتا في مستوى التنمية والاستثمار، ويتطلب بناء المشاريع التنموية الكثير من الوقت خصوصا في الجهات الداخلية. وسبق أن كشف وزير الشؤون الاجتماعية التونسي مالك الزاهي، عن أن 963 ألف عائلة تضم نحو 4 ملايين تونسي يعانون من الفقر، من حوالي 12 مليونا إجمالي سكان البلاد.
وأعلن المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) في وقت سابق عن ارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير في الوسط الغربي من البلاد الذي يضم 3 محافظات هي القيروان والقصرين وسيدي بوزيد، إضافة لمحافظات الشمال الغربي التي تضم محافظات سليانة والكاف وباجة وجندوبة.
ويوم الجمعة الماضي، أكد قيس سعيّد أن “الأقاليم ليست تقسيما للدولة بل جاءت لتحقيق الاندماج وإيجاد التوازن”. وقال قيس سعيّد “إن التقسيم الأفقي يندرج في إطار التوازن بين الجهات مثل أفراد العائلة الواحدة”، موضحا أن “فكرة وجود مجلس الجهات والأقاليم تنبع من أن المهمش يمكن أن يكون صانعا للقرار” .
وأشار إلى أنه تمت تهيئة كل الظروف حتى يعبر الشعب عن إرادته في انتخابات المجالس المحلية يوم الأحد المقبل. وأكد أن “هناك أطرافا داخل الإدارة تترقب موعد انتخابات مجلس الجهات والأقاليم وذلك خدمة لحسابات سياسية”، في إشارة للإخوان وحلفائهم.
الديمقراطية الحقيقة
من جهته، قال الناشط السياسي التونسي وعضو الحملة التفسيرية لمشروع قيس سعيد، أحمد شفتر، إنه سيتم انتخاب مجلس الجهات والأقاليم انطلاقا من أضيق الدوائر وهي العمادات.
وأضاف شفتر إنه “تنطلق انتخابات الجهات والأقاليم من “العمادات” التي هي أصغر نقطة ترابية في البلاد، وهنا يكمن الفرق بين الديمقراطية الحقيقية التي يمكن أن تخلق الرفاه وهي التي تدفع في اتجاه الشراكة مع المواطن في كل المناطق، وبين الديمقراطية الشكلية التي تبنى بطريقة فوقية باعتماد الجبهات والأحزاب خاصة في دوائر واسعة”.
وأشار إلى أنه “من داخل الولاية سيتم انتخاب أعضاء لتصعيدهم إلى المجلس الوطني التشريعي بعد أن يتم تشكيل الأقاليم (5 أقاليم) التي سيكون لها تمثيل في مجلس الجهات والأقاليم (77 عضوا) بعد الانتخاب.
وقال إن هذه الانتخابات تشترط التواجد المستمر ولن يشارك فيها إلا المرشح المقيم بالجهة المعنية بالانتخابات.
وأكد أن “الرفاهية لا يمكن أن تتحقق إلا حينما يكون المواطن داخل سلطة القرار ولهذا السبب فإن الآلية القاعدية لبناء منظومة الحكم هي مسألة حتمية من أجل أن يكون الحكم فعلا بيد المواطنين وليس عند الوساطات أو اللوبيات التي تشكلت من حول الأحزاب والجبهات والتي أدارت الشأن العام على الأقل في السنوات العشر الأخيرة”.
التنمية
من جهة أخرى، قال حسن التميمي الناشط والمحلل السياسي التونسي إن انتخابات مجلس الجهات والأقاليم تعد خطوة مهمة لدعم التنمية في البلاد وخاصة في الجهات الداخلية التي تعاني التهميش والفقر وانعدام الاستثمارات.
وأكد أن هذه الانتخابات ستجعل من المواطن صاحب قرار في منطقته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق.
وأشار إلى أن الهم الوحيد للرئيس التونسي قيس سعيد بعد دحر جماعة الإخوان هو تحقيق العدالة والتنمية بين الجهات المهمشة مثل المحافظات الواقعة بالشمال الغربي والوسط الغربي.
وأكد أنه سيتم تمويل المشاريع التنموية بأموال الصلح الجزائي التي ستكون مخصصة للمناطق الأكثر فقرا.
وفي 22 مارس/آذار 2022، أعلنت تونس إقرار صلح جزائي (تسوية) تتعلق بـ”الجرائم الاقتصادية والمالية” في قضايا فساد مقابل استرداد أموال، بحسب مرسوم رئاسي.
وتقوم فكرة الصلح الجزائي على إعداد قائمة برجال الأعمال المتورطين في اختلاس الأموال العامة وتكليفهم بإنجاز مشاريع تنموية في المناطق الفقيرة.
ويُكلَّف من تصنفهم السلطات بـ”الأكثر تورطا”، وفق ترتيب عمودي، بإنشاء مشاريع تنموية غير ربحية على غرار المدارس والمستشفيات والطرقات في المناطق الأكثر فقراً.
وشجع المرسوم ذاته، الأشخاص المعنيين بالمبادرة على إرجاع أموالهم، ونص على إسقاط التتبع القضائي في حق المعنيين إذا ما تعهدوا بإنجاز مشاريع.