سياسة

الإمارات والسودان: جهود سياسية وإنسانية مستمرة لإنهاء الأزمة


خارطة طريق لإنهاء أزمة السودان تتوج جهود الإمارات المتواصلة لتجاوز الصراع الراهن منذ اندلاعه وعلى مدار عام 2024.

تلك الخارطة تضمنها بيان وزارة الخارجية الإماراتية الصادر مساء السبت 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضمن حراك سياسي وإنساني إماراتي متواصل لإنهاء تلك الأزمة.

ومنذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتّاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو أبريل/نيسان 2023 حتى اليوم، لم تتوقف جهود الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.

جهود زادت وتيرتها السياسية والدبلوماسية والإنسانية على مدار عام 2024، الذي شهد الإعلان عن مبادرات دبلوماسية عدة والدفع نحو حل سياسي لإنهائها، كان أبرزها إنشاء منصة ALPS (منصة متحالفين لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان) التي انطلقت اجتماعاتها في سويسرا أغسطس/آب الماضي بمشاركة إماراتية فاعلة.

مشاركة استبقتها الإمارات وأعقبتها بمبادرات دبلوماسية وإنسانية بارزة للتخفيف من حدة الأزمة، كان أبرزها تعهدها خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان في العاصمة الفرنسية “باريس” 17 أبريل/نيسان الماضي بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.

جهود تتواصل لتجسد حرص الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق، بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء، كما سبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

خارطة طريق شاملة

ضمن أحدث تلك الجهود أصدرت الخارجية الإماراتية بيانا، مساء السبت، أعلنت فيه ترحيب دولة الإمارات بالجهود الدبلوماسية لجمهورية تركيا لإيجاد حل للأزمة الراهنة في السودان، التي تمثل أيضا أولوية لدى دولة الإمارات.

وأكدت دولة الإمارات أنها “على أتم الاستعداد للتعاون والتنسيق مع الجهود التركية وكافة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع في السودان وإيجاد حل شامل للأزمة”.

وأكدت وزارة الخارجية، في بيانها، موقف دولة الإمارات الواضح والراسخ تجاه الأزمة، إذ إنّ تركيزها الأساسي انصبّ ولا يزال على ما يلي:

– الوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف الاقتتال الداخلي الذي يجري في جمهورية السودان بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في أسرع وقت.

– معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني الشقيق.

– العمل مع كافة الأطراف المعنية والشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل سلمي للصراع سعياً لوقف التصعيد وإطلاق النار.

– العمل على بدء الحوار السوداني-السوداني الذي يضم جميع المكونات السياسية وأطراف النزاع ليحقق للشعب السوداني تطلعاته في التنمية والأمن والازدهار.

وشددت الإمارات على أهمية احترام أطراف النزاع التزاماتهم وفق إعلان جدة ووفق آليات منصة “متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان ALPS”.

وأشارت الوزارة إلى أن غياب القوات المسلحة السودانية عن محادثات السلام الأخيرة التي شاركت فيها دولة الإمارات إلى جانب عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية عبر منصة “ALPS” في جنيف، يعد تجاهلا صارخا لمعاناة الشعب السوداني الشقيق، وعدم الرغبة في التعاون والانخراط في محادثات السلام لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام الدائم.

وشددت الإمارات على ما يلي:

– أهمية الحوار والتفاوض كسبيل وحيد لإنهاء الصراع وتأمين عملية سياسية وإجماع وطني نحو حكومة بقيادة مدنية

– دعوة كافة الأطراف المعنية للعودة إلى طاولة الحوار والمشاركة الفعالة في جهود إحلال السلام في السودان.

حراك وعراقيل

يأتي إصدار هذا البيان تتويجا لحراك الإمارات المتواصل لإنهاء الأزمة على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإنسانية ضمن رؤية إماراتية واضحة لحل أزمة السودان تدفع نحو حل سياسي عاجل يحفظ البلاد، إيمانا منها بأن “الشعب يستحق العدالة والسلام”.

جهود حاولت أحد الأطراف السودانية عرقلتها لصرف انتباه المجتمع الدولي عن أعمال العنف التي ترتكب على الأرض من قبل الأطراف المتحاربة، عبر خلق خلافات جانبية معها. بدأت بترديد أكاذيب تستهدف جهودها ووصلت إلى اعتداء جوي شنته القوات المسلحة السودانية على مقر سكن سفير دولة الإمارات في الخرطوم، في 29 من سبتمبر/أيلول الماضي، في خرقٍ صارخ للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية، وللمواثيق والأعراف الدولية.

وعقب الكشف عن تلك الجريمة أعربت نحو 100 دولة إلى جانب عدد من المنظمات الدولية في بيانات منفصلة عن إدانتها الشديدة لهذا الهجوم الجبان. وعبرت تضامنها مع دولة الإمارات في هذا الاستهداف الغاشم، في موقف يؤكد المكانة التي تحظى بها الإمارات في المجتمع الدولي. والثقة الدولية بدبلوماسيتها الداعمة للأمن والسلام في كل مكان.

وسبق أن أكدت الإمارات أن تلك المحاولات لن تثنيها “عن مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين والإقليميين لإيجاد حل سياسي عاجل يحفظ السودان ويساعد الشعب السوداني”.

وهو ما حدث بالفعل منذ اندلاع الأزمة وعلى مدار 2024، ويتواصل حتى اليوم.

ضمن تلك الجهود، شارك الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان. وزير الدولة الإماراتي، في الاجتماع الوزاري تحت شعار “متحدون من أجل السلام في السودان” الذي ضم ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأقيم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 79 سبتمبر/أيلول الماضي. حيث أكد المشاركون التزامهم بدعم مبادرات السلام. ودعوتهم إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

‎وألقى الوزير الإماراتي كلمة سلط خلالها الضوء على دعوة دولة الإمارات للأطراف المتحاربة إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الحرب. وبذل الجهود للعودة إلى مسار العملية السياسية للتوصل إلى تسوية دائمة، والسماح بوصول المساعدات دون عوائق وبشكل آمن. والامتثال بموجب القانون الإنساني الدولي.

جهود دبلوماسية متواصلة

على صعيد جهودها الدبلوماسية المتواصلة لحل الأزمة تم ما يلي أيضا:

– دعت دولة الإمارات في بيانها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها التاسعة والسبعين في سبتمبر/أيلول الماضي الأطراف المتحاربة إلى وقف القتال بشكلٍ فوريٍّ ودائم. والسماح بدخول المساعدات عبر الحدود وخطوط النزاع، بشكلٍ مستدام ودون عوائق. وأكدت العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لرفع المعاناة عن الشعب السوداني الشقيق من أجل حياة أكثر أماناً وازدهاراً.

– شاركت دولة الإمارات في المحادثات بشأن السودان التي جرت في سويسرا أغسطس/آب الماضي ضمن منصة ALPS (منصة متحالفين لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان) التي تم إنشاؤها حديثا وتضم: الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية والاتحاد السويسري والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وركزت على توسيع نطاق الوصول الإنساني في حالات الطوارئ واحترام القانون الدولي الإنساني، وقد وصل ما يقدر بنحو 3114 طناً من الإمدادات إلى ما يقرب من 300 ألف شخص في دارفور حتى نهاية سيتمبر/أيلول الماضي.

– أصدرت دولة الإمارات، و14 دولة أخرى، 17 يوليو/تموز الماضي، بيانا أعربت فيه عن بالغ قلقها بشأن الأمن الغذائي بالسودان والمخاوف بشأن خطر المجاعة.والتأثيرات الوخيمة للوضع المتدهور على سلامة المدنيين، ودعوة الأطراف المتحاربة في السودان إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية.واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

– دعت الإمارات في يونيو/حزيران الماضي، في بيان، تضمن رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل تجنب حدوث مجاعة وشيكة في السودان. وأكدت دعمها لجميع المبادرات الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار، والعودة إلى حكومة شرعية تمثل كافة أفراد الشعب السوداني.

– شاركت الإمارات في قمة دول حركة عدم الانحياز في العاصمة الأوغندية “كمبالا” يناير/كانون الثاني الماضي. وأكدت خلالها دعمها للجهود المبذولة للتهدئة وضبط النفس وخفض التصعيد والحث على العمل لإنهاء الصراع في السودان.

– أصدرت الخارجية الإماراتية أكثر من بيان على مدار 2024 أعربت فيه عن قلق دولة الإمارات العربية المتحدة البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف في السودان. وارتفاع خطر المجاعة، واستمرار تشريد الآلاف من المدنيين، ودعت الأطراف السودانية المتحاربة على العودة إلى الحوار. واحترام التزاماتهم المتعلقة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وعاجل ودون عوائق، والامتثال لالتزامات القانون الإنساني الدولي.

– تصدرت الأوضاع في السودان مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ونظرائه حول دول العالم على مدار 2024. كان أحدثها خلال مباحثاته الهاتفية مع أنتوني بلينكن، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

دعم إنساني تاريخي

ومنذ بدء العلاقات بين دولة الإمارات والسودان قبل 5 عقود وحتى اليوم. تتدفق مساعدات إماراتية إغاثية وإنسانية واقتصادية وتنموية.

مساعدات تتدفق كنهر عطاء ينبع من دار زايد لإغاثة أهل السودان، الأمر الذي يجسّد خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين من جانب. ومن جانب آخر يؤكد أن التزام الإمارات بمد يد العون والمساعدة للأشقاء في السودان، هو التزام تاريخي بدأ منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ويتواصل حتى اليوم بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

يأتي ذلك في إطار حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة. وتؤكد نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة. سواء كان بسبب كوارث طبيعية أو حروب وأزمات سياسية أو صحية.

دعم يتواصل على مر التاريخ منزه عن أي غرض، سوى حرص القيادة الإماراتية على الوقوف إلى جانب السودان.

وتزايد هذا الدعم، منذ الاشتباكات التي يخوضها الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي.

وبلغة الحقائق والأرقام:

– أعلنت الإمارات خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان التي جرت في العاصمة الفرنسية “باريس” في 17 أبريل/نيسان الماضي تعهدها بتقديم 100 مليون دولار دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.

– تنفيذا لتعهدها في مؤتمر باريس، وقعت الإمارات في يونيو/حزيران الماضي سلسلة اتفاقيات مع منظمات أممية بقيمة 70 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في السودان. بالإضافة إلى تخصيص مبلغ 30 مليون دولار من أجل دعم اللاجئين السودانيين في دول الجوار.

– أعلنت دولة الإمارات في سبتمبر/أيلول الماضي عن إطلاق مبادرات إنسانية جديدة في تشاد. وتقديم مساهمة بقيمة 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة في السودان.

– قدّمت دولة الإمارات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 30 ألف سلة غذائية لدعم اللاجئين السودانيين في مخيم كيرياندونغو بأوغندا. ضمن خطة إنسانية تستهدف تنفيذ مشاريع تنموية إضافية مثل حفر 8 آبار مياه وتشييد 16 مرفقًا صحيًا في منطقة مخيم كيرياندونغو بهدف تحسين الظروف المعيشية للاجئين السودانيين.

– أرسلت دولة الإمارات 159 طائرة لتوصيل نحو 10 آلاف طن من المساعدات إلى السودان.

– شيدت دولة الإمارات مستشفيين ميدانيّيْن في أمدجراس وأبشي التشاديّتين لدعم الأشقاء السودانيين اللاجئين. وفّرا الرعاية الصحية لما يزيد على 46 ألفاً من اللاجئين السودانيين، أحدهما تم افتتاحه خلال عام 2024.

– منذ بدء الأزمة قدمت دولة الإمارات أكثر من 230 مليون دولار. لتصل قيمة المساعدات المقدمة خلال العشر سنوات إلى أكثر من 3.5 مليار دولار.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى