سياسة

الإسلام السياسي والدولة الوطنية.. تعارض بنيوي أم أزمة تطبيق؟


في قراءة تحليلية لواقع الحركات الإسلامية السياسية، اعتبر الكاتب السعودي الدكتور ناصر البقمي أن الإسلام السياسي أثبت، عبر التجربة، عدم إيمانه الحقيقي بمفهوم الدولة الوطنية الحديثة، متهمًا إياه بخيانة هذا المفهوم لصالح مشروع أيديولوجي عابر للحدود، يجعل من الدولة مجرد وسيلة لا غاية.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة الشرق الأوسط، تحت عنوان “تناقضات الإسلام السياسي وخيانة مفهوم الدولة”، أوضح البقمي أن هذه الجماعات لطالما ادّعت السعي إلى الإصلاح، بينما كانت في الواقع تقوّض أسس الدولة من الداخل، مستندة إلى خطاب مزدوج يمارس النقد في الداخل، ويعقد التحالفات مع الخارج، ما يُبرز تناقضًا بين الشعارات المعلنة والممارسات الواقعية.

ويؤكد الكاتب أن تجربة الإخوان المسلمين، منذ تأسيسهم في مصر وحتى لحظات وصولهم للحكم بعد 2011، أظهرت أنهم لا يرون في الدولة سوى أداة لتحقيق التمكين، وأن ولاءهم الحقيقي ليس للأوطان بل للتنظيم. 

واستشهد في ذلك بمواقف عدة، من بينها انقلاب الجماعة على أنظمة سياسية احتضنتها، وتحالفها مع قوى أجنبية على حساب السيادة الوطنية.

كما يرى البقمي أن خطر الإسلام السياسي لا يكمن فقط في ممارساته، بل في فكره البنيوي الذي يرفض فكرة الدولة المدنية الحديثة، ويعمل على إعادة تعريفها وفق مفاهيم “الحاكمية” والولاء العقدي، وليس الانتماء الوطني. وهذا ما يجعل هذه الحركات تهدد استقرار الدول التي تنشط فيها، لأنها لا تؤمن بتعددية ولا بقواعد اللعبة الديمقراطية إلا كمرحلة انتقالية.

ويبرز المقال تجربة السعودية كنموذج لمواجهة هذا التحدي، من خلال مسار إصلاحي شامل قام على فصل الدين عن السياسة، وتعزيز مفهوم الدولة الجامعة القائمة على المواطنة، لا على الولاءات الضيقة. ويرى الكاتب أن هذا النهج مثّل قطيعة فكرية ضرورية مع أطروحات الإسلام السياسي، وهو ما مكّن الدولة من تحصين نفسها أمنيًا وفكريًا.

وفي ختام المقال، يطرح البقمي تساؤلًا مفتوحًا حول قدرة بقية الدول العربية على اتخاذ خطوات مماثلة، محذرًا من أن التهاون في التعامل مع الإسلام السياسي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التفكك والاضطراب، داعيًا إلى مراجعة شاملة للرهانات السابقة على هذه التيارات التي خانت فكرة الدولة، حتى في اللحظة التي وصلت فيها إلى الحكم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى