إقتصاد

“COP28” نقطة ارتكاز لعالم مستدام


بعد نحو تسع سنوات من خلاصتهم الأخيرة، قدّم خبراء المناخ التابعون للأمم المتحدة، الإثنين، أحدث تقرير علمي حول احترار المناخ.

وكذلك الاستجابة البشرية العاجلة لهذا التحدي الوجودي.

ونشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تمام الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش من الإثنين 20 مارس 2023 تقريرها السادس، وهو ملخص من أكثر من 10 آلاف صفحة من أعمال نشرتها منذ ملخصها السابق نهاية عام 2014.

وقد تضمن النص النهائي للتقرير السادس وثيقة تقنية من 70 صفحة، تشكل ملخصا لكل الأعمال: الأجزاء الرئيسية الثلاثة المنشورة في عامَي 2021 و2022 حول الأدلة المادية للاحترار وتأثيراته وتدابير خفضه، وثلاثة تقارير خاصة عن تداعيات الاحترار ب 15 درجة مئوية على المحيطات والغلاف الجليدي والكتل الأرضية.

 

ويعد الإصدار الأخير بمثابة تقرير تجميعي لسلسلة من تقارير جولة التقييم الأخيرة، والتي بدأت في عام 2015، وأعلن عن نتائجها في الفترة من أغسطس 2021 وحتى إبريل 2022.

منذ تأسيسها في عام 1988، قامت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بنشر ست مجموعات من هذه التقييمات حتى الآن. إنها أكثر الأدلة شمولية وموثوقية حول تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

كل خمس إلى سبع سنوات، تنشر IPCC سلسلة من التقارير التي تلخص أحدث المعلومات حول تغير المناخ. تأتي التقارير من عمل ثلاث مجموعات عمل مختلفة تركز على علم تغير المناخ، آثاره والحلول المحتملة.

التقرير التجميعي الصادر يوم الاثنين من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هو التقرير الأخير للدورة ويستند إلى المعلومات من التقارير الستة المنشورة حتى الآن، ويسلط الضوء على النقاط الرئيسية من مجموعات العمل الثلاثة.

تسارع الاحترار العالمي

في تسع سنوات، توصّلت الهيئة إلى أن احترار المناخ الناجم عن النشاط البشري يحدث بشكل أسرع وأقوى مما كان متوقعًا، كما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.

وسلّطت الضوء على خطر الوصول إلى “نقاط حاسمة”، وهي مرادف لتأثيرات كبيرة لا رجعة فيها.

وبعد أسبوع من الاجتماعات في إنترلاكن (سويسرا)، وافق ممثلو الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الأحد على “ملخص صانعي القرار”، المؤلف من 30 صفحة والذي يلخّص حالة العلم ونظرة شاملة للحلول الممكنة في شكل يكون مفهوما للجميع.

وكان لا بد من اعتماد هذه الوثيقة من جانب مندوبي البلدان الممثلة في الهيئة والبالغ عددها 195.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة بالفيديو عند افتتاح الاجتماع في 13 آذار/مارس “نحن نقترب من نقطة اللاعودة، من تجاوز عتبة الاحترار القصوى البالغة 1,5 درجة”.

وأضاف “يحتاج القادة إلى توجيه علمي سليم وصريح ومفصل لاتخاذ القرارات الصحيحة.. وتسريع عملية التخلي عن الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات”.

 

وقال هوسونج لي، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تعقيبًا على تقرير IPCC الجديد: “إن تعميم العمل المناخي الفعال والعادل لن يقلل فقط من الخسائر والأضرار التي تلحق بالطبيعة والناس، بل سيوفر أيضًا فوائد أوسع”.

وأضاف: “يؤكد هذا التقرير التجميعي على الضرورة الملحة لاتخاذ إجراءات أكثر طموحًا ويظهر أنه إذا تحركنا الآن، فلا يزال بإمكاننا تأمين مستقبل مستدام قابل للعيش للجميع”.

ومن جانبه، قال أديتي موخيرجي، أحد المؤلفين الـ 93 لهذا التقرير التجميعي، وهو الفصل الختامي من التقييم السادس للجنة: “العدالة المناخية أمر بالغ الأهمية لأن أولئك الذين ساهموا بأقل قدر في تغير المناخ يتأثرون بشكل غير متناسب”.

وأضاف: “يعيش ما يقرب من نصف سكان العالم في مناطق معرضة بشدة لتغير المناخ. في العقد الماضي، كانت الوفيات الناجمة عن الفيضانات والجفاف والعواصف أعلى بمقدار 15 مرة في المناطق المعرضة بشدة للخطر”.

تقييم عالمي في كوب28

ومن المقرر أن يكون “ملخص صانعي القرار” نقطة ارتكاز رئيسية للمجتمع المدني الذي وضع نصب عينيه مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الثامن والعشرين (كوب28) خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 12 ديسمبر 2023 في دبي؛ حيث يتوقّع صدور أول تقييم عالمي لالتزامات البلدان لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.

ويبدو أن حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين، وإذا أمكن بـ1,5 درجة مئوية، مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعة كما ينص عليه اتفاق باريس المبرم عام 2015، بعيد المنال من دون خفض سريع في انبعاثات غازات الدفيئة بدءا بتلك الناجمة عن النفط والغاز والفحم.

ويشهد العالم الآن احترارا يبلغ 1,2 درجة مئوية فيما تتضاعف الظواهر المناخية القصوى التي توقّعها أول ملخّص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في كل القارات.

في العام 2022، أثبت تأثير تغير المناخ على شدة الظواهر المناخية القصوى وتواترها مثل الفيضانات المدمرة في باكستان ونيجيريا، أو موجة الحر الاستثنائية في الأرجنتين وتشيلي أو موجات الجفاف في أوروبا والولايات المتحدة، وفقا لشبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” العلمية.

في هذا العقد، يعد العمل السريع للتكيف مع تغير المناخ أمرًا ضروريًا لسد الفجوة بين التكيف الحالي وما هو مطلوب.

وفي الوقت نفسه، يتطلب الحفاظ على الاحترار عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة تخفيضات عميقة وسريعة ومستدامة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات.

ويجب أن تتناقص الانبعاثات الآن وسيتعين خفضها بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030، إذا كان الاحترار يقتصر على 1.5 درجة مئوية.

ورأى كريستوفر تريسوس، أحد مؤلفي التقرير: “يمكن أن تأتي المكاسب الأكبر في الرفاهية من إعطاء الأولوية للحد من مخاطر المناخ للمجتمعات منخفضة الدخل والمهمشة، بما في ذلك الأشخاص الذين يعيشون في مستوطنات عشوائية”.

وأضاف: “لن يتحقق العمل المناخي المتسارع إلا إذا كان هناك زيادة في التمويل أضعافاً مضاعفة. التمويل غير الكافي وغير المتسق يعيق التقدم”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى