متابعات إخبارية

أوروبا تدعو السوريين لتجنب الفوضى الليبية بعد سقوط الأسد


يلقي الوضع الجديد في سوريا بظلاله على المشهد الليبي، وسط توقعات بأن تكثّف روسيا مساعيها لتعزيز نفوذها في البلد لتعويض خسارتها بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، فيما حذرت تقارير السوريين من الوقوع في “الفخ الليبي”، بينما أشار مراقبون إلى تشابك ملفي ليبيا وسوريا من حيث الأبعاد العسكرية والسياسية.

وأشار موقع بوابة “الوسط الليبي” إلى أن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس حذرت السوريين من تكرار ما وصفتها بـ”السيناريوهات المرعبة” التي حدثت في ليبيا والعراق.

بدوره سلط موقع “أفريكا إنتليجنس” الاستخباراتي الفرنسي الضوء على “العلاقات الوثيقة التي أقامها نظام الأسد مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر“، مشيرا إلى أن “تحالفهما اعتمد بشكل كبير على صداقتهما المشتركة لروسيا وقد بلغت ذروته بزيارة سرية أداها ماهر الأسد شقيق بشار إلى صدام خليفة حفتر في سبتمبر/أيلول 2022″، لافتا إلى أن طياري القوات السورية تلقوا تدريبات في إطار تعاون مع نظيرتها الليبية.

وأشار “بوابة الوسط” إلى أن الزيارة التي أداها رئيس الكونغو برازافيل المكلف بملف ليبيا في الاتحاد الأفريقي إلى طرابلس وبنغازي أعادت إلى الواجهة مشاريع المصالحة الليبية ومبادرات إنهاء الأزمة السياسية.

وكانت القائمة بأعمال البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري قد حثت في كلمة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق لـ10 ديسمبر/كانون الأول جميع الأطراف الليبية على “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيا”، بينما ناقشت البعثة مسودة لقانون المصالحة قدمها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بحضور ممثلين عن المجالس الثلاثة وخبراء قانونيين، وفق المصدر نفسه.

ويحاول الاتحاد الأفريقي بث الروح في مشروع المصالحة الذي يقوده منذ سنوات بالتعاون مع المجلس الرئاسي، فيما لا تلوح في الأفق بوادر انفراج بسبب التباين في وجهات النظر بين الفرفاء السياسيين.

وكان عبدالحميد الدبيبية رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية مهامها قد أكد في وقت سابق أن “الانتخابات هي الحل الوحيد للصراع السياسي الراهن”.

وبات ملف المصالحة الليبية في قلب صراع سياسي، إذ أعلن البرلمان الليبي عزمه إصدار قانون للعدالة الانتقالية والمصالحة، في خطوة رفضها المجلس الرئاسي الذي يدير الملف منذ أعوام.

وفي المقابل التزم المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الدبيبة الصمت بعد إعلان خليفة حفتر مبادرة جديدة للمصالحة الشاملة، لم يكشف بعد تفاصيلها.

واستقبل حفتر رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو في بنغازي ونُقل عن الأخير إشادته بالمبادرة، واعتبرها من الأسس الرئيسية التي يمكن البناء عليها لتوحيد الليبيين، وتحقيق الاستقرار في ليبيا، وفق المصدر نفسه.

ويسعى نغيسو الذي التقى الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى حث الفرقاء الليبيين على ترك انقساماتهم جانبا من خلال إطلاق عملية مصالحة وطنية تؤدي إلى إجراء انتخابات.

ووجه رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد انتقادات لاذعة إلى الأطراف السياسية الدولية، مؤكدا أن “دورها لم يسفر عن أي تقدم يذكر في مسار حل الأزمة الليبية”، منتقدا تعاقب المبعوثين والممثلين الأمميين وتجاهل بعثة الأمم المتحدة جهود حكومته في توقيع ميثاق مصالحة شامل بين مكوّن التبو وأهالي مرزق، إضافة إلى مصالحة تاريخية في مدينة الكفرة.

وفي سوريا نزل عشرات الآلاف للشوارع للاحتفال بسقوط الأسد تجاوبا مع دعوة أطلقها أحمد الشرع (الجولاني) زعيم هيئة تحرير الشام والذي يقود غرفة العمليات المشتركة للقيادة الجديدة لسوريا.

وقال الشرع في كلمة “أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة وأدعوهم للنزول الى الميادين للتعبير عن فرحتهم بذلك دون إطلاق الرصاص أو ترويع الناس”، مضيفا “ثم بعد ذلك لنتجه الى بناء هذا البلد، وكما قلناها منذ البداية منصورة بعون الله”.

وتجمع آلاف الرجال والنساء والأطفال في مراكز المدن الرئيسية، في العاصمة دمشق، وحمص وحلب في الشمال، والسويداء في الجنوب.

ولوح كثيرون بالعلم ذي النجوم الثلاث الذي اعتاد المتظاهرون رفعه وتبنته السلطات الجديدة، في أجواء احتفالية ذكّرت بالاحتجاجات الضخمة عام 2011 التي أدى قمعها إلى نزاع أهلي مدمر.

وقال شرطي يبلغ 47 عاما في حلب بحماسة “الأسد الأب والابن اضطهدانا لكننا حررنا بلدنا من الظلم”، فيما بثت عبر مكبرات الصوت شعارات وأهازيج.

وهتف مصلون في الجامع الأموي في دمشق “واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد”، وألقى خطبة الجمعة في المسجد رئيس الوزراء محمد البشير المسؤول عن المرحلة الانتقالية حتى الأول من مارس/آذار.

لكن البهجة كانت مصحوبة أيضا بالألم، إذ علقت على جدران المسجد عشرات الصور لأشخاص اختفوا بعد أن اعتقلتهم أجهزة الأمن السابقة، فيما يواصل آلاف السوريين رحلة البحث عن أحبائهم المفقودين بعد عقود من القمع العنيف.

وفي مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية العديدة في بلد منقسم متعدد الأطياف والأديان، تحاول السلطات الجديدة طمأنة الناس في موازاة تحرك المجتمع الدولي.

وخلال جولته الإقليمية التي يركز فيها على ملف سوريا، كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العراق وتركيا أن واشنطن ستعمل على منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية بعد إطاحة الأسد في سوريا. وكان قد دعا أثناء زيارته الأردن إلى “انتقال جامع” في سوريا نحو حكومة “مسؤولة وتمثيلية”.

وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 عسكري في شمال شرق سوريا، وتدعم قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، وقد هزمت تنظيم التنظيم الإسلامية.

وفي الجنوب، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الجمعة أوامر للجيش “بالاستعداد للبقاء” طوال فصل الشتاء في المنطقة العازلة في هضبة الجولان الاستراتيجية المحتلة منذ عام 1967.

ونفذت إسرائيل مئات الضربات في سوريا في الأيام الأخيرة ضد مواقع عسكرية استراتيجية لمنع وقوع معدات الجيش السوري في “الأيدي الخطأ”، وفق ما قال بلينكن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى