سياسة

الموقف الأميركي: الكرة الآن في ملعب حزب الله


تسلم لبنان الخميس مسودة مقترح هدنة ما يشير لتقدم في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى ضمان وقف إطلاق النار رغم استمرار إسرائيل في قصف معاقل جماعة حزب الله خاصة في الضاحية الجنوبية حيث باتت الكرة في ملعب حزب الله للوصول الى تسوية تجنب اللبنانيين ويلات الحرب فيما تحدثت مصادر عن مباحثات لبنانية ايرانية بشأن المقترح.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته المقاتلة استهدفت مستودعات أسلحة ومقرا عسكريا ومنشآت بنية تحتية أخرى تستخدمها جماعة حزب الله بينما قالت السلطات والوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية إن الغارات الإسرائيلية على مدينة بعلبك بشرق لبنان أسفرت عن مقتل 20 شخصا على الأقل، كما قُتل 11 في قصف جوي إسرائيلي على بلدات في جنوب لبنان.
وفي مؤشر قد يبعث على التفاؤل، قال مصدران سياسيان لبنانيان كبيران إن السفيرة الأميركية لدى لبنان قدمت الخميس مسودة مقترح لهدنة إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، دون الكشف عن تفاصيل لكن ذلك يشير الى ان الجماعة اللبنانية المدعومة من ايران باتت تحت الضغط للموافقة على المقترح وبالتالي تجنيب البلاد مزيدا من الدمار.
وأوضح المصدران أن المسودة هي أول مقترح مكتوب من واشنطن لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله منذ عدة أسابيع على الأقل.

وكان الامين العام الجديد لحزب الله نعيم قاسم قد تخلى عن شرط وقف الحرب على غزة لانهاء القتال ما يعني امكانية حصول اتفاق تحت وقع الخسائر الكبيرة التي تلقاها الحزب وكذلك نزعة طهران نحو التوصل لتسوية مع صعود الرئيس دونالد ترامب للسلطة في الولايات المتحدة.
وقال أحد المصادر إن هدف المسودة هو الحصول على ملاحظات من الجانب اللبناني. وعندما سُئل متحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت عن المسودة، قال “الجهود مستمرة من أجل التوصل لاتفاق دبلوماسي”.
وتعززت الآمال من قبل لا سيما في أواخر الشهر الماضي عندما عبر رئيس الوزراء اللبناني عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
وفي ذلك الوقت قالت مصادر إن الجهود تشمل هدنة مبدئية من 60 يوما مع قيام إسرائيل بسحب قواتها من لبنان في الأسبوع الأول، على أن يتبع ذلك وقف دائم لإطلاق النار على أساس تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

وعلى ضوء هذه التطورات قال علي لاريجاني المستشار البارز للزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي اليوم الجمعة إن إيران ستدعم أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية و”المقاومة” خلال محادثات وقف إطلاق النار الحالية في الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله.

وأضاف لاريجاني بعد اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي وبري “لا نسعى إلى تخريب أي شيء. نسعى إلى حل المشاكل”. وفي إشارة إلى جماعة حزب الله اللبنانية، قال إن إيران ستدعم “المقاومة” في كل الظروف.

وفي إسرائيل، قال إيلي كوهين وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الأمني الخميس إن آفاق وقف إطلاق النار صارت واعدة أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الصراع.
وقال “أعتقد أننا في مرحلة نحن أقرب فيها من أي وقت مضى منذ بداية الحرب إلى التوصل لترتيب”.

وأطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مسعى جديدا من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال الفترة المتبقية قبل أن يتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني.

وقال موقع يانيت العبري نقلا عن صحيفة وول ستريت جورنال ان الرئيس الأميركي المنتخب يأمل في أن يتم تنفيذ الاتفاق قبل توليه منصبه وان المسؤولين الاميركيين والإسرائيليين ينتظرون الرد من الجانب اللبناني.
وشددت الصحيفة الأميركية ان الرئيس المنتخب قدم موافقته على الخطوط العريضة للاتفاق الذي يجري التفاوض عليه من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر قدم الخطوط العريضة للاتفاق إلى ترامب في اجتماعهما الأسبوع الماضي الذي أعرب عن أمله في أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ قبل توليه منصبه.
وفي هذه الأثناء، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسارع من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار في لبنان بهدف تحقيق نصر مبكر في السياسة الخارجية لترامب الذي من المتوقع أن يكون مؤيدا بقوة لإسرائيل.
وفشلت حتى الآن الجهود الأميركية المستمرة منذ أشهر في التوسط في اتفاق بين إسرائيل وحزب الله. وأطلقت إسرائيل حملة جوية وبرية مكثفة على لبنان في أواخر سبتمبر/أيلول، بعد نحو عام من الاشتباكات عبر الحدود بالتوازي مع حرب غزة.
وفي مؤشر آخر قد يكون واعدا، أشار مسؤول لبناني كبير إلى أن جماعة حزب الله سوف تسحب قواتها بعيدا عن الحدود بين لبنان وإسرائيل بموجب أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقال علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني بري في تصريحات لشبكة الجزيرة في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء إن لبنان مستعد للتطبيق “الحرفي” لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي أنهى حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وأضاف أن المفاوضين اللبنانيين توافقوا مع المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين على تصور معين لوقف إطلاق النار خلال زيارته الأخيرة لبيروت في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
وشدد على أن هذا التصور تم تقديمه إلى الجانب الإسرائيلي عن طريق هوكستين، وأن لبنان لم يتلق أي رد أو تعديل من إسرائيل على هذا المقترح حتى الآن. وقال “نحن نتوقع أن يتم التوصل لاتفاق في هذا الأمر قريبا”.

الجيش الاسرائيلي صعد من هجماته لممارسة ضغوط على لبنان للقبول بالمقترح الاميركي
الجيش الاسرائيلي صعد من هجماته لممارسة ضغوط على لبنان للقبول بالمقترح الاميركي

وذكرت صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله الخميس أن بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفضا مطالب إسرائيل بالحرية في العمل في لبنان إذا تم خرق الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه وعودة حزب الله إلى جنوب لبنان أو إعادة بناء قدراته العسكرية.
وقال كوهين إن إحدى نقاط الخلاف الرئيسية بالنسبة لإسرائيل هي ضمان احتفاظها بحرية تنفيذ العمليات إذا عاد حزب الله إلى المناطق الحدودية التي قد يشكل فيها تهديدا للبلدات الإسرائيلية. ورفض خليل هذا المطلب.
وردا على سؤال حول ما إذا كان حزب الله أبلغه بالاستعداد للانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، قال خليل، الحليف الوثيق للجماعة، إن حزب الله أعلن التزامه بالقرار 1701.
وقال “حزب الله سيقبل بكل ما يتم الاتفاق عليه من جانب بري… الحديث عن رفض حزب الله للانسحاب لما وراء الليطاني -كجزء من القرار-ليس إلا محاولة لخدمة إسرائيل”.
ويُلزم القرار حزب الله بسحب المقاتلين والأسلحة لما وراء نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومترا عن الحدود الجنوبية للبنان.
وتقول الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى إن وقف إطلاق النار يجب أن يكون قائما على قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وتشتكي إسرائيل منذ عام 2006 من عدم تنفيذ القرار وتتحدث عن وجود أسلحة ومقاتلين لحزب الله على الحدود. وفي المقابل يتهم لبنان إسرائيل بانتهاك القرار إذ تنتهك طائرات حربية إسرائيلية المجال الجوي اللبناني بشكل متكرر.
وقال جان بيير لاكروا مسؤول عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الخميس إن الأمم المتحدة ستعزز مهمتها لحفظ السلام في لبنان لدعم الجيش اللبناني خلال أي هدنة لكنها لن تتولى مسؤولية فرض وقف إطلاق النار بشكل مباشر.
وذكر خليل أن لبنان ليس لديه اعتراض على مشاركة الولايات المتحدة أو فرنسا في الإشراف على الالتزام بوقف إطلاق النار.
وقدر تقرير للبنك الدولي تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الصراع في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وهو ثمن باهظ للغاية بالنسبة لبلد لا يزال يعاني من آثار الانهيار المالي الذي شهده قبل خمس سنوات.
وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، تسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل ما لا يقل عن 3386 شخصا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الأربعاء.
وأدت هجمات حزب الله إلى مقتل نحو 100 مدني وجندي في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وجنوب لبنان خلال العام الماضي، بحسب إسرائيل.

تابعونا على

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button