العلاقات التاريخية بين الإمارات والمغرب: تطور مستدام يعززه الزيارات المتبادلة
علاقات أخوية تاريخية متنامية بين الإمارات والمغرب، تتوج بزيارة ملكية إلى أبوظبي تلبية لدعوة من القيادة الإماراتية.
ويبدأ عاهل المغرب الملك محمد السادس زيارة رسمية إلى أبوظبي اليوم الإثنين، بدعوة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
أهمية خاصة
زيارة تحمل أهمية خاصة كونها الأولى لعاهل المغرب للإمارات بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022.
أيضا تحمل الزيارة أهمية خاصة كونها تتزامن مع استضافة دولة الإمارات أكبر حدث دولي حول البيئة والمناخ وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) بحضور عالمي رفيع المستوى، الذي سبق وأن استضافت المغرب نسخته الـ22 عام 2016، الأمر الذي يبرز الدور الذي تقوم به الدولتان في مواجهة التغيرات المناخية التي تعد أكبر تحدٍّ يواجه البشرية في الوقت الراهن.
كذلك تأتي الزيارة بعد نحو 3 أشهر من إنجاز فريق البحث والإنقاذ الإماراتي في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي مهامه الإنسانية في المملكة المغربية، التي جاءت تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمد يد العون للأشقاء بعد الزلزال الذي ضرب مناطق عدة في البلاد في الثامن من الشهر نفسه، في مبادرة إنسانية نبيلة تبرز عمق أواصر الأخوة الراسخة التي تجمع البلدين على المستويين الرسمي والشعبي.
وتحمل الزيارة أيضا أهمية خاصة كونها تأتي في وقت يتواصل فيه التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، وهو ما يتطلب تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين من أجل التعاطي مع هذه التطورات، بما يستلزمه الأمر من تحرك منسق مبني على أساس التشبث بمبادئ السلم والأمن والاستقرار والقانون الإنساني الدولي.
وتعمل الإمارات والمغرب، بشكل دائم على تنسيق مواقفهما بخصوص القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط.
قمة تاريخية
ويرتقب خلال الزيارة عقد قمة تاريخية بين زعيمي البلدين لبحث تعزيز العلاقات الثنائية، وسبل دفع العمل المناخي، وبحث المستجدات الإقليمية والدولية في ضوء تطابق وجهات نظر البلدين تجاه مختلف القضايا، والحرص على التشاور والتباحث بين الجانبين باستمرار.
قمة تعزز الشراكة القائمة، كما تسهم مخرجاتها في رسم خارطة طريق للنهوض بتلك العلاقات خلال الفترة القليلة المقبلة.
ويأتي ذلك ترجمة لإرادة قائدي البلدين الهادفة إلى جعل الشراكة بين المغرب والإمارات نموذجا يحتذى في العمل العربي المشترك.
زيارة تاريخية تأتي ضمن زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة بين مسؤولي البلدين تعكس قوة ومتانة العلاقات الإماراتية المغربية والنقلات والتطورات النوعية التي شهدتها في مختلف المجالات وحرصهما على التنسيق المتواصل والتواصل الدائم.
من أبرز تلك الزيارات، الزيارة التي قام بها العاهل المغربي للإمارات عام 2018، والزيارة التي قام بها في مايو/أيار 2015، التي قام خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقليد عاهل المغرب “وسام زايد”، تعبيرا عن متانة وعمق العلاقات الأخوية التي تربط الإمارات والمغرب، وتقديرا لجهوده في تعزيز ودعم العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين.
وفي إطار العلاقات الأخوية بين زعيمي البلدين، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة أخوية للمغرب خلال شهر رمضان (أبريل/نيسان 2022)، حضر خلالها مأدبة إفطار أقامها في الرباط الملك محمد السادس.
وتبادل الجانبان حينها الأحاديث الأخوية الودية التي تعبر عن عمق العلاقات التي تجمع دولة الإمارات والمملكة المغربية الشقيقة، متمنيين للبلدين دوام التقدم والرفعة والازدهار.
الأبناء على درب الآباء
وتتميز العلاقات الإماراتية المغربية باستنادها إلى ميراث من الاحترام والتقدير وضع أسسه كل من المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الراحل الحسن الثاني.
ويسير على نفس النهج في تطوير العلاقات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعاهل المغرب الملك محمد السادس، اللذان يعملان على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية إلى مراحل متقدمة تعزز من مصالح الشعبين وتعزز التضامن العربي والإسلامي والإنساني.
وفي خطوة هامة على طريق تعزيز العلاقات بين البلدين، تم استحداث اللجنة المشتركة الإماراتية المغربية في 16 مايو/أيار 1985 بالرباط، وعقدت اللجنة المشتركة دورتها الأولى في أبوظبي نوفمبر/تشرين الثاني 1988، ثم عقدت الدورة الثانية بالرباط يونيو/حزيران 2001 ، والثالثة بأبوظبي فبراير/شباط 2004.
أما الدورة الرابعة فقد عقدت بالدار البيضاء يوليو/تموز 2006، فيما عقدت الدورة الخامسة في أبوظبي مايو/أيار 2018.
أول قنصلية عربية
وتأكيدا لموقف دولة الإمارات الثابت في دعم المملكة المغربية، وتجسيدا لموقفها الثابت في الوقوف مع المغرب في قضاياه العادلة في المحافل الإقليمية والدولية، افتتحت الإمارات في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قنصليتها في مدينة العيون جنوب المغرب ، بحضور لفيف دبلوماسي رفيع المستوى.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، في كلمته التي ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي بهذه المناسبة أن هذه الخطوة “تعد ترجمةً لعلاقات إماراتية مغربية تاريخية راسخة ولشراكة استراتيجية تقوم على أعلى المستويات”.
وكانت الإمارات قد أعلنت عن قرارها فتح قنصليتها في مدينة العيون، وذلك في اتصال هاتفي جرى بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل المغربي الملك محمد السادس في أكتوبر / تشرين الأول من العام نفسه.
وأكد الديوان الملكي المغربي في بيان له آنذاك، أن الإمارات بهذه الخطوة التاريخية ستكون أول دولة عربية تفتح قُنصلية لها بمدينة العيون.
وعبّر العاهل المغربي الملك محمد السادس عن شكره الجزيل وتقديره الكبير للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على “هذا القرار التاريخي المهم الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية على هذا الجزء من ترابه خاصة أن الإمارات شاركت في المسيرة الخضراء المظفرة.
القرار جاء في إطار علاقات التعاون المثمر والتضامن الفعال بين البلدين، وجسد موقف الإمارات الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل المحلية والدولية.
مضاعفة التبادل التجاري
وفي إطار حرص قيادتي البلدين على تعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية والتجارية والارتقاء بها إلى مستويات جديدة من النمو والازدهار، شهد شهر إبريل/ نيسان 2023 عقد الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة المغربية-الإماراتية .
وتم خلالها الاتفاق على مضاعفة حجم التبادل التجاري والاستثماري خلال السبع سنوات المقبلة، وتعزيز التعاون المشترك في القطاعات ذات الأولوية على الأجندة الاقتصادية للبلدين.
وتعد الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب والثاني عالمياً بقيمة استثمارات تبلغ أكثر من 50 مليار درهم وبنسبة مساهمة 21% في رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب مع نهاية 2021.
كما تعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري عربي للمغرب خلال عام 2021، وبلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال 2022 نحو 3.6 مليار درهم بنسبة نمو 16%.
وتتواصل مسيرة التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة بدعم وتوجيهات قيادات البلدين.