سياسة

التدقيق الجنائي المالي يزيد من مأزق رياض سلامة


 تشهد قضية الفساد المالي المرتبطة بإدارة مصرف لبنان وحاكمه السابق رياض سلامة تطورات. لافتة تزيد خناق المتابعات القضائية بحق الأخير وتضعه في مأزق لا طالما حاول الخروج منه بالدفع ببراءته وبالقول إنه كبش فداء للأزمة الطاحنة.

لكن تقرير أولي لشركة تدقيق جنائي في حسابات البنك المركزي في لبنان أظهر “سوء إدارة”. وثغرات جذرية في آلية عمل المصرف طوال الخمس سنوات الأخيرة المرتبطة بشكل أساسي بحاكمه السابق.

ويأتي هذا التطور بعد يوم واحد من فرض الولايات المتحدة بالتنسيق مع بريطانيا وكندا عقوبات على رياض سلامة وشقيقه رجاء ومساعدته وأفراد من عائلته. ما يشير إلى أن الالتفاتة الأميركية ودخول واشنطن على خط الأزمة. بعد فترة قصيرة من انتهاء ولاية الحاكم السابق كانت مدروسة وأعطت دفعا لعملية الملاحقة القضائية.

وبررت وزارة الخزانة الأميركية حزمة العقوبات على سلامة وشركاءه المفترضين. بوجود شبهة الإثراء الذاتي غير المشروع “من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية لاستثمارها في قطاع العقارات الأوروبي”.

وأورد تقرير شركة “ألفاريز ومارسال”، المؤلف من 332 صفحة “الوضع المالي للمصرف المركزي تدهور بسرعة” بين العامين 2015 و2020.

التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان يعد خطوة أساسية كونه أحد الشروط. التي حددها المجتمع الدولي وصندوق النقد لمساعدة لبنان على الخروج من الانهيار الاقتصادي

إلا أنه “لم يتم إظهار هذا التدهور في الميزانية العمومية للمصرف المركزي التي تصدر ضمن بياناته المالية السنوية. والتي تم إعدادها وفق سياسات حسابية غير تقليدية”، ما أتاح له المبالغة في الإعلان عن الأصول والأرباح وعدم إظهار الخسائر.

ويُعد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان خطوة أساسية كونه أحد الشروط التي حددها المجتمع الدولي. وصندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد.

وانتهت الشهر الماضي ولاية سلامة (73 عاما) الذي ترأس البنك المركزي لثلاثة عقود، من دون تعيين خلف له بسبب انقسامات بين القوى السياسية في البلاد.

وكان يُعتبر مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق منذ 2019، حمّل كثر أركان الطبقة الحاكمة، بينهم سلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة. وانتقدوا بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها حاكم مصرف لبنان السابق، باعتبار أنها راكمت الديون.

التدقيق الجنائي المالي يعمق مأزق رياض سلامة | MEO

واعتبرت شركة “ألفاريز ومارسال” أن الهندسات المالية كانت “مكلفة”. وأوردت أن سلطة سلامة، صاحب القرار الرئيسي، لم تخضع لـ”رقابة” كافية.

ودعت إلى اتخاذ خطوات سريعة “لزيادة الحوكمة وتدابير الرقابة والتدقيق للتخفيف من أي مخاطر أخرى ناشئة عن سوء الإدارة”.

ومنذ عامين، يُشكّل سلامة محور تحقيقات أوروبية تشتبه بأنه راكم أصولا عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة. وبناء عليه، أصدرت قاضية فرنسية في باريس ومدعية عامة في ميونيخ مذكرتي توقيف في حق سلامة عُمما عبر الانتربول. كما بدأ القضاء اللبناني قبل عامين تحقيقا محليا.

وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشييتس” المسجّلة في الجزر العذراء والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم السابق رجا سلامة. ويعتقد أنه جرى عبرها “اختلاس أموال عامة بقيمة أكثر من 330 مليون دولار” بين 2002 و2015.

وبيّن تقرير الشركة “وجود دليل على حصول دفعة عمولات غير شرعية بقيمة 111 مليون دولار”، مضيفا “يبدو أن ذلك يشكل استمرارا لمخطط العمولات قيد التحقيق” في لبنان ودول أخرى.

وبعدما كانت علقت عملها حوالي عام بعدما رفض مصرف لبنان تزويدها بكافة المستندات المطلوبة بحجة السرية المصرفية، استأنفت شركة “ألفاريز ومارسال” عملها في اكتوبر 2021.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى