رغم “القمع”.. كيف استمرت احتجاجات إيران
بعقول الشباب وحماسهم، استطاع الشباب المحتجون الاستمرار في الاحتجاجات عبر تكتيكات جريئة ومفاجئة للنظام الإيراني.
حيث جعلته غير قادر هذه المرة على وأد الاحتجاجات في مهدها أو إخماد جذوتها، رغم القمع الشديد للمحتجين، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 122 شخصا.
حيث اندلعت الاحتجاجات على خلفية وفاة الفتاة مهسا أميني عن عمر يناهز 22 عاما، بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق بحجة “عدم تقيدها بقواعد اللباس الصارمة” في إيران.
طرق مبتكرة للاحتجاج
كانت من بين الطرق المبتكرة التي استخدمها المحتجون الشباب “تجمعات خاطفة”، و”صور كبيرة على جدران البنايات السكنية”، و”نوافير مصبوغة بلون الدم”، لإبقاء المظاهرات مستمرة والإفلات من الأمن الذي يبطش بهم.
حيث استطاع الشباب الإفلات في أحيان كثيرة من القيود على الإنترنت، وإخراج مقاطع فيديو تصور احتجاجاتهم.
بينما كانت طرق النساء في الاحتجاج ملهمة لباقي النساء حول العالم، اللاتي تضامن معهن. وشملت قص شعرهن، وخلع الحجاب وإشعال النار فيه.
إضافة إلى هتاف “المرأة، الحياة، الحرية” الذي تحول لشعار يطبع على القمصان والملابس باللغة الفارسية وعدة لغات لدعم المظاهرات في مختلف أنحاء العالم. وكانت دوقة ساسكس الممثلة الأمريكية ميجان ماركل، أبرز المشاركين في تلك الحملة عبر قميص يحمل تلك الكلمات.
أما السائقون فقد شاركوا بدورهم في تلك الاحتجاجات بطرق ذكية، تشبه لعبة المطاردة، فيعمد السائقون إلى إطلاق أبواق سياراتهم دعما للمتظاهرين، وبعدها يغلقون الطرق بسياراتهم لإبطاء قوات الأمن، وآخرون يعرقلون حركة السير في الشوارع عبر قلب صناديق القمامة وإشعال النيران فيها.
أما الفنانون والطلاب فقد حولوا مياه النوافير في طهران إلى لون الدم بعد صبغها باللون الأحمر لتعكس القمع. فيما صور طلاب الفنون في إحدى جامعات طهران مقطع فيديو يظهر أيديهم مغطاة بطلاء أحمر كلون الدم، ومرفوعة في الهواء.
كما تمكن نشطاء من مجموعة “عدالة” من اختراق بث إخباري مباشر بالتلفزيون الحكومي، وركبوا صورة لألسنة لهب فوق صورة المرشد الإيراني علي خامنئي.
لعبة المطاردة.. الفعل ورد الفعل
وحاولت قوات الأمن الإيرانية قمع ومواكبة تكتيكات المتظاهرين، فعمدت إلى استخدام الدراجات النارية لتسهل حركة القوات. وأظهرت مقاطع فيديو الشرطة وهي تنزع لوحات سيارات المحتجين للتعرف عليهم لاحقا واعتقالهم.
كما لجأت الشرطة كذلك لاستخدام بنادق لإطلاق كرات من الطلاء على المحتجين لتعقبهم. لكن الشباب تغلبوا على تلك الطرق الأمنية الجديدة، عبر حمل ملابس إضافية، يستبدلونها مكان الملطخة بالطلاء.
كما يعمد الشباب كذلك إلى لبس اللثام وتشغيل هواتفهم على “وضع الطيران” لتجنب تحديد أماكنهم، ونزع كاميرا المراقبة من الطرق.
فرص للتوسع
حيث أكد هنري رومي، الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد واشنطن. أن المظاهرات الحالية مستمرة لبعض الوقت ولن تتوقف الآن.
ولفت إلى أن العامل الرئيسي في استمرارها يتوقف على “قدرتهم على التنظيم والتنسيق، فكلما زادت ازدادت معها فرصة توسيع قاعدة دعمهم وشكلت تحديا واضحا للنظام على مدى قريب”.
لكن استدرك بأن المخاوف تكمن في “قدرة جهاز أمن الدولة على قمع المحتجين بأدوات متقنة للعنف والاعتقالات والترهيب”.
وأشار إلى أنه حاليا فإن السلطات والمحتجين هم في حالة توازن غير مستقر. فلا يستطيع أحدهما التغلب على الآخر، ما يشير إلى استمرار حركة الاحتجاجات والعنف لفترة طويلة.