سياسة

الإخوان والموت “الإكلينكي”

ذكرى تأسيس الإخوان .. نهاية تبدد أحلام العودة


جاءت الذكرى التأسيسية للإخوان في وقت دخل فيه التنظيم الإرهابي مرحلة موت “إكلينكي” يقطع طريق العودة.

حفل “حاشد” بالذكرى الـ94 لتأسيسها الأول، تحت شعار “أصالة واستمرارية وسط انقسامات غير مسبوقة في قمة رأس التنظيم، تنظم الجماعة (جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة) الجمعة، “.

وفيما تعقد “جبهة حسين” برئاسة محمود حسين، الاحتفال بذكرى التأسيس في قاعة بلدية “زيتون برونو” في إسطنبول، تحتفل في المقابل جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد في لندن، على نطاق ضيق تحت شعار “اعتزاز بالمنهج وتجديد للعهد”.

ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان (جبهة حسين) تسعى من خلال احتفالها “الحاشد” بالذكرى الـ 94 لتأسيس الجماعة لتحقيق هدفين. الأوّل العمل على حسم الصراع المحتدم بينها وبين جبهة لندن. سواء بالتلميح أو التصريح خلال كلمات الحضور، والثاني. بمحاولة إحياء التنظيم من جديد وبعث رسالة للصف الإخواني وللخارج بأن الجماعة ما زالت حاضرة ولم تنته. 

وقبل 94 عاما، أسس حسن البنا في مدينة الإسماعيلية (شرق القاهرة) جماعة الإخوان التي سرعان ما انتقلت إلى العاصمة القاهرة. لتبدأ رحلة تخللتها محطات صراع دام لتنظيم طالما لجأ للعنف والإرهاب لحسم تناقضاته الداخلية أو في علاقته مع السلطات. 

وهدف الإخوان بـ”إحياء الجماعة من جديد” يتعارض مع واقعها المأزوم، والظروف الإقليمية والدولية، وفقا لخبراء ومراقبين. 

ويرى المفكر الدكتور هاني نسيرة، الأكاديمي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن محاولة إحياء الجماعة محكوم عليها بالفشل، معتبرا أنها في “مرحلة موت إكلينكي”. 

ويقول نسيرة، إن “الجماعة نفسها لديها -بعيدا عن أزماتها الواقعية وانقسامها وعلاقاتها المتدهورة مع الأنظمة والشعوب- أزمة بنيوية فى الفكر والإبداع والتطور الفكري؛ لأنها جماعة طاردة للاختلاف، ولم تتطور منذ وفاة مؤسسها عام 1949“. 

وأضاف: “تعاني الجماعة من غطرسة فكرية، فلا تمارس نقدا ذاتيا بل ترفضه حتى من عناصرها؛ لذلك فهي أعجز من أن تطور نفسها، بسبب افتقادها لشجاعة المراجعة والنقد“. 

وبحسب الخبير المصري، فإن “الإخوان حال مارسوا مراجعات جذرية فهذا يعني هدم ما بناه مؤسسها حسن البنا، فالأخير لدى الجماعة هو المقدس والمرجعية”، مشيرا إلى أن “الجماعة ثقيلة نظريا بالمعنى الفكري والجماهيري، لذلك تتحرك ببطء دائما ولا تمارس جسارة النقد الذاتي، والاعتذار عن كثير من أخطائها التي أضرب بالأوطان والمواطنين”. 

ومع عدم امتلاك الإخوان شجاعة النقد الذاتي والمراجعة، أبرز نسيرة امتلاكها فقط القدرة على توظيف شبابها في معاركها مع الأنظمة. 

رهان على الفشل 

وإزاء هذا الطرح، أكد نسيرة أن “محاولة إحياء الجماعة تظل مأزومة، لكن رهانها دائما على فشل التجارب المعارضة لها، وأيضا في اصطياد أزمات الآخرين واقتناص فرصة العودة، وليس فى إعادة الطرح من جديد”.

اقتناص فرص العودة، أمر يحذر منه أيضا هشام النجار المحلل السياسي والخبير في شؤون الحركات الإسلامية. 

وقال النجار ، إن “الجماعة تسعى لترتيب أوراقها. والعودة مجددا من خلال تغيير جلدها مؤقتا، وخداع البعض حتى تستعيد قوتها وحضورها لتعود مجددا لسيرتها الأولى“. 

وحذر من أن الجماعة “تمتلك خبرة في التعامل مع الأزمات، حيث تتلون وتناور لحين إعادة التموقع واستعادة القوة”. 

وفي هذا الصدد، أوضح أنه “تكرر هذا الأمر تاريخيا في أزمات الجماعة خلال الستينيات. بعد أن عادت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي أخذ عليها العهود. لكنها انقلبت عليه رغم فضله الكبير عليها وذلك عندما استعادت قوتها. وتوغلت في المجتمع، وعقدت تحالفات مع السلفية الجهادية“. 

وبحسب الخبير، فإن الإخوان “شحنت ضد السادات وحرضت عليه وصولا لاغتياله. وقبلها أعلن في خطاب شهير أنه كان مخطئا لأنه وثق في تلك الجماعة وأخرج قادتها وعناصرها من السجن“. 

ونبه إلى عامل هام آخر يتمثل في استمرار وجود قوى دولية وإقليمية تقوم بتوظيف الإخوان لتحقيق أهداف استراتيجية. وابتزاز بعض الأنظمة، والضغط عليها واختراق بعض المجتمعات“. 

وبالنسبة له، “لا تزال الجماعة تعول على احتياج قوي لخدماتها في تحريك كيانات مؤدلجة ضد منافسيها وخصومها“. 

وتشهد الجماعة القادمة من قرن مضى تحولات جوهرية الم تعرفها على مدار تاريخها مع اقتراب ذكرى تأسيسها في 22 مارس الجاري. 

فواقع الإخوان المحتشد بصدامات مع السلطة عرف للمرة الأولى صداما مع القاعدة الجماهيرية. التي تسعى لاستقطابها بعد أن خرج المصريون في 30 يونيو 2013 في مظاهرات حاشدة تطالب بإنهاء تجربة الإخوان في الحكم. 

بدأت الجماعة رحلة تيه منذ ذلك الحين قادتها إلى أعمق انقسام تشهده، فضلا عن تصدع يضرب كل تيار على حدة، ويبشر بقرب نهاية تلوح في الأفق.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى