سياسة

ثروة الغنوشي…كيف جمع رجل لم يعرف له يوما نشاط اقتصادي هذا المبلغ؟


مليار دولار؛ رقم معروف عن ثروة زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، لكن الجديد هو كيف جمع رجل لم يعرف له يوما نشاط اقتصادي هذا المبلغ؟

الإجابة قدمتها صحيفة تونسية، استعرضت -استنادا لبيانات موثوقة- تفاصيل صادمة عن مصادر ثروة الغنوشي؛ نقطة الجدل التي لطالما فجرت المشهد في تونس، وتسببت حتى في نزيف انشقاقات داخل حركة “النهضة” الإخوانية التي يحتكر قيادتها منذ تأسيسها.

وساطة في تهريب الأسلحة والإرهابيين إلى ليبيا، هو النشاط الذي يبدو أنه أمن للغنوشي عائدات خيالية، نظرا لـ”ازدهاره” منذ عودته إلى تونس في 2011، ليتوغل في مفاصل الدولة ويلغمها بعناصره، قبل أن يفتح أبوابها لجميع الأنشطة المحظورة.

الغنوشي يدير أيضا تجارة رابحة في مجال جوازات السفر، وهو “النشاط” الذي أمن له الجزء الأكبر من ثروته.

وسيط الموت

في تحقيق نشرته صحيفة “الأنوار” التونسية تحت عنوان “الأنوار تفتح ملف ثروة الغنوشي”، بلغت ثروة زعيم الإخوان بالبلاد نحو مليار دولار، في شكل ودائع بنكية موجودة أساسا في سويسرا، وحصص في شركات خارج تونس، بينها 3 شركات في فرنسا.

وقالت الصحيفة إن هذه الثروة الضخمة يديرها عدد محدود من أقارب الغنوشي بينهم نجلاه معاذ وسهيل، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبدالسلام.

وبخصوص مصادر هذه الثروة الخيالية، أوضحت الصحيفة أن الوساطة في تهريب الأسلحة إلى ليبيا تمثل أبرز روافدها، حيث سهل مرور أكثر من 20 شحنة أسلحة إلى ليبيا مقابل عمولات بلغت 30 مليون دولار.

وأشارت إلى أن الغنوشي حصل من خلال عملية تهريب المقاتلين على عائدات خيالية، موضحة أنه يحتكر وظيفتين أساسيتين، هما المال والعلاقات الدولية.

“وظيفتان” تناقضان مزاعم الرجل كلما طفا موضوع ثروته إلى الواجهة، بأنه يحصل على مرابيح بيع كتبه، مع أن إجمالي مبيعات مؤلفاته لا يساوي نسبة ضئيلة من ثروته الخيالية، وهو الذي قضى حياته لاجئا في بريطانيا لا يحصل سوى على منحة لجوء من لندن.

لكن فجأة، بات الرجل على قائمة أثرى التونسيين برقم ضخم لطالما فجر الجدل حتى بصفوف قواعد حركته الإخوانية، وهو نفس السبب الذي دفع بالعديد من قيادات الحركة وأعضائها للاستقالة، فيما تتحدث تقارير أن مصادر ثروته كانت معروفة -في جزء منها على الأقل- من قبل عدد ممن كانوا بدائرته الضيقة قبل الانشقاق.

جوازات السفر

الصحيفة نفسها ذكرت أن الغنوشي كون جزءا كبيرا من ثروته بفضل تجارة جوازات السفر التي يشرف عليها كاتب الدولة السابق للهجرة (مسؤول رفيع بدرجة وزير) حسين الجزيري.

 وتحقق هذه التجارة سنويا رقم معاملات بقيمة نحو 220 مليون دولار، فضلا عن التهريب الذي يشرف عليه القيادي بالحركة والنائب الحالي في البرلمان السيد الفرجاني، وفق الصحيفة.

نشاط متنوع يستثمر فيه الغنوشي علاقاته ومنصبه، حيث يقول خبراء إن الرجل يسيطر على معظم مفاصل الدولة التونسية، بما فيها الجيش والأمن والجمارك ومختلف المؤسسات، عبر موظفين بمختلف الرتب مزروعين عقب انتدابات ملغومة جرت في 2012.

ففي ذلك الحين، انتهزت حركة النهضة الوضع الصعب في تونس عقب احتجاجات 2011 وارتباك الدولة، لتقوم بتوظيف الآلاف -جلهم من أنصارها- في الجيش والأمن وغيرها من القطاعات الحيوية بالبلاد، ليحصل بذلك الرجل على شبكة موسعة موجودة في جميع المنافذ، وهذا ما أمن له أنشطته لاحقا.

ملفوظ 

خلافا لما يروج له البعض من أن الغنوشي يتمتع بحنكة سياسية جعلته يفلت من أكثر من عريضة لسحب الثقة منه كرئيس للبرلمان التونسي واستبعاده من رئاسة حركة النهضة، فإن محللين يؤكدون أن طوق النجاة في كل مرة كان المال وشبكة علاقاته المريبة.

ومن بعض الأدلة عما سبق، أنه كلما ضاق الخناق عليه أو على حركته، تنفجر الألغام في الجبال الغربية لتونس، أو يقع هجوم إرهابي بالعاصمة، في تكتيك يحاول عبره توجيه الأنظار عنه وتركيزها على محصلة أعماله الإرهابية.

حيثيات يدركها معظم التونسيين، ويتحفظ عن تأكيدها المطلعون عليها خوفا من حرب أهلية تطيح بأعمدة دولة هشة لا تزال تكابد من أجل العبور نحو الاستقرار.

يدير شبكة الموت بين تونس وليبيا، وصولا إلى سوريا والعراق، ويضطلع بوساطة لتأمين إرسال الإرهابيين إلى بؤر التوتر لتأجيج الفوضى فيها، تماما مثلما حصل في ليبيا؛ الجارة التي أغرقتها تركيا بسلاح يعبر في طائرات شحن عسكري، أو عبر الحدود التونسية، بأوامر من الغنوشي.

سيرة ملوثة لم يكن حتى أبناء حركة النهضة أنفسهم يعرفونها، إذ لطالما كانوا مشتتين عبر العالم، فيما كان الغنوشي رابضا في لندن، بانتظار معجزة تغير حياته، وهو ما حصل في 2011 بتونس التي طار إليها متعهدا بعدم لعب أي دور سياسي، قبل أن يتغلغل في جميع المناصب ويمارس السياسة بأبشع طريقة.

انكشفت حقيقته، فانفرط عقد القيادات المؤسسة للحركة من حوله، وباتت الانشقاقات السمة الأبرز في مسارها، وتصدر استطلاعات الرأي باعتباره الشخصية الأكثر كرها من التونسيين، والرجل الذي لا يثقون فيه أبدا.

وتحت القبة التشريعية، يواجه الرجل دعوات لإزاحته، وهو الذي حول البرلمان إلى حلقة جديدة ضمن شبكته للتوسط في تهريب السلاح والبشر، ودعم الأجندة الإخوانية في ليبيا وفي كل مكان، واتخذ منه وكرا للدبلوماسية الموازية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى