اغتيار الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي بالرصاص من طرف مجهولين
لقد كرس الخبير الأمني العراقي، والكاتب والمختص في شؤون الجماعات الإرهابية هشام الهاشمي سنوات طويلة من حياته وهو يكافح التطرف وتنظيم داعش الإرهابي، وقد وجهت له في الأسابيع الأخيرة حملة شرسة من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، ليقتل مغدورا في آخر المطاف من طرف مجهولين.
هشام الهاشمي هو الرجل الذي يملك أكثر من صفة، وتشاركت كلها في نبذ التطرف ومكافحة الإرهاب وتكريس السلام والاستقرار، وكانت تحليلاته الأمنية بمثابة استفزاز للتنظيمات المتطرفة والميليشيات الموالية لإيران، والتي يظهر بشكل واضح أنها قررت التخلص منه بنفس الطريقة التي قتل بها الكثير من العراقيين ممن شكلوا خطرا على النمط الظلامي المتطرف للإرهابيين والموالين لطهران من الرابضين بمفاصل الدولة العراقية أو على هامشها، بشكل أو بآخر.
هذا وأكد مصدر مقرب من الهاشمي، في تصريح للعين الإخبارية، اغتياله برصاص مسلحين كانوا على متن دراجتين ناريتين، حيث صوبوا النار مباشرة في اتجاهه في منطقة زيونة شرقي العاصمة بغداد، وأوضح بأن الهاشمي (الذي يبلغ من العمر 47 عاما) وافته المنية في مستشفى ابن النفيس في بغداد، تحت تأثير الإصابة.
وكان الهاشمي قد تعرض لحملة انتقادات شرسة مؤخرا من طرف حسابات إلكترونية تابعة لميليشيات إيران في العراق، إذ قامت باتهامه بمعاداة مشروعها، كما تداولت حسابات الميليشيات، قبل أيام فقط من اغتياله، مقطع فيديو يتهم الخبير الأمني بالتحول عن مذهبه الشيعي من أجل أن يصبح قياديا سنيا، وذلك في تهم حسب ما أكده مراقبون بأنها أوضحت وجود مخطط لتصفية الهاشمي.
وقبل وقت قصير من اغتياله، قال الهاشمي في تغريدة له: تأكدت الانقسامات العراقية بـ:
1-عرف المحاصصة الذي جاء به الاحتلال، شيعة، سنة، كرد، تركمان، أقليات، الذي جوهر العراق في مكونات.
2-الأحزاب المسيطرة، الشيعية، السنية، الكردية، التركمانية.. التي أرادت تأكيد مكاسبها عبر الانقسام.
3-الأحزاب الدينية التي استبدلت التنافس الحزبي بالطائفي.
إلى ذلك، فإن الهاشمي يعد ناشطا من خلال مواقع التواصل، ومدافعا شرسا عن سلطة القانون والدولة، كما أنه خبير أمني معتمد من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية وعدد من جامعات ودور البحث في العالم، بالإضافة إلى أنه أثرى عدة تقارير للعين الإخبارية بقراءاته الأمنية الدقيقة، ورؤيته للعديد من المستجدات ببلاده، فكان بذلك ملما بالخفايا والخبايا، وقادرا على تقديم تحليل مترابط ومنطقي قائم على تسلسل علمي يجمع بين المعرفة الأكاديمية والخبرة الأمنية.
وتعرض الهاشمي للكثير من التهديدات في حياته من طرف التنظيمات المتطرفة، غير أنه استطاع البقاء بعيدا عن أي استهداف حقيقي قبل أن يقتل برصاصات غادرة في أوج استهدافه من طرف ميليشيات طهران ببلاده.
الهاشمي في سطور
ولد الهاشمي العام 1973 في بغداد، ودرس في عدة أكاديمية مختلفة، إذ حصل على بكالوريوس إدارة واقتصاد، قسم الإحصاء، وهو أيضا المؤرخ والباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة، والمختص بملف تنظيم داعش وأنصارها.
وفي حياته، اكتسب خبرة واسعة في شؤون الجماعات الإسلامية العراقية، إذ تابعها منذ نحو ربع قرن، وعمل أيضا في تحقيق المخطوطات التراثية الفقهية والحديثية. وفي عهد صدام حسين، دخل السجن ثم غادر زنزانته في 2002، ليدخل، عاما بعد ذلك، عالم الصحافة وبدأ يشارك في كتابة التقارير والوثائقيات مع الصحف والقنوات الأجنبية.
اشتغل على كتابة مدونة عن خارطة الجماعات المسلحة في العراق، الأمر الذي جعله دائما مستهدفا من طرف الإرهابيين والمتطرفين، وهدفا أيضا لجميع المارقين والفاسدين ممن يخشون قراءاته وتحليلاته العميقة وتقييمه للأشياء.
كما أن التنظيمات المتطرفة والميليشيات المدعومة إيرانيا تعتبر الهاشمي مرتدا وعميلا، نظرا لمواقفه المناهضة لهم، ولأنه هو أول من كشف قيادات داعش من العراق و سوريا، وكشف عن أسماء ومعلومات تخص قيادات التنظيم وآلية عمله.
ولديه الكثير من الكتب التي ناقشت التطرف بعين خبيرة، وبدقة الباحث الأمني، فكان العدو اللدود للمتطرفين، وحسب جميع المقربين منه، فقد كان اغتياله مسألة وقت لا غير، حتى أنه كان دائما يقول لمقربيه بأنه عندما يغادر منزله، يتملكه شعور بأنه لن يعود إليه أبدا.