إيران.. ما السبب الذي جعل فيروس كورونا ينتشر بهذه السرعة؟
لقد ارتفع عدد حالات الوفاة والمصابين بفيروس كورونا الجديد في إيران، وبذلك تصبح ثاني أكبر بؤرة للتفشي بعد الصين، الأمر الذي يطرح علامة استفهام بخصوص الطريقة المفاجئة التي انتشر بها الفيروس بين الإيرانيين، وأيضا ما السبب الذي جعل الحكومة تتهاون في التعامل مع هذا الخطر.
لقد بدأ الحديث الرسمي، قبل يومين من الانتخابات البرلمانية الإيرانية، بشكل مقتضب عن فقط بعض الإصابات بفيروس كورونا في مدينة قم، جنوبي طهران، بينما تتغير الأمر تماما بعد يوم واحد من الانتخابات.
ف حين يعتقد البعض بأن تعامل النظام الإيراني المتأخر مع خطر فيروس كورونا، قد أدى إلى انتشاره ليس فقط في البلد، بل وصا إلى دول الجوار، وقد حدث ذلك لأغراض سياسية، في سبيل الحصول على قدر أكبر من الأصوات.
وعلى الرغم من تلك المحاولات، فإن الانتخابات البرلمانية قد فشلت بشكل كبير وشكلت ضربة جديدة للنظام، حيث أعلنت وزارة الداخلية بأن نسبة الإقبال على التصويت كانت 42.57 في المائة، وتعد المرة الأولى التي تقل فيها نسبة المشاركة عن 50 في المائة منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.
وفي الوقت الذي يجب فيه اتخاذ إجراءات سريعة للحد من انتشار الفيروس، وتحذير المواطنين، فقد ألقى المرشد الإيراني علي خامنئي، باللوم على أعداء إيران والذين سعوا لإثناء الناس عن التصويت في الانتخابات بالمبالغة في خطر فيروس كورونا.
كما أضاف بأن الدعاية السلبية عن الفيروس بدأت قبل شهرين وزادت بدرجة كبيرة قبل الانتخابات، الأمر الذي يوحي بأن السلطات كانت تتخوف من تأثير الأنباء بخصوص كورونا على مجرى الانتخابات.
ارتفاع مفاجئ في الإصابات والوفيات
وبعد أن انتهى التصويت يوم الجمعة، فقد تصاعدت أرقام الإصابات والوفيات في إيران بشكل ملفت، وفي مناطق عدة من البلاد، منها العاصمة طهران، بينما يقول مراقبون بأن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير.
هذا وقد وصل عدد الوفيات بالفيروس، التي تم الإعلان عنها رسميا في إيران حاليا إلى 12 شخصا، بينما أصيب 61 آخرون. وقد قال المتحدث باسم وزارة الصحة، مزاعم فرحاني، بأن السلطات تفحص حوالي 900 حالة أخرى مشتبه بها.
وحسب بيانات وزارة الصحة الإيرانية، فإن كورونا قد انتشر في البلد، بسبب أشخاص دخلوها بطريقة غير قانونية، من باكستان وأفغانستان، أو بشكل غير مباشر من الصين، لتصبح بذلك إيران ثاني أكبر موطن في عدد الوفيات بهذا الفيروس، بعد الصين.
وقد أشار من جهته مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي، إلى أنه من المؤكد أن النظام الإيراني حاول إخفاء خبر تفشي كورونا بين العشرات أو المئات من الإيرانيين، حتى لا يصيب الشارع بهلع.
وفي حديث سابق مع موقع سكاي نيوز عربية، فقد قال بأن النظام الإيراني كان هدفه من إخفاء انتشار كورونا، عدم إضافة أزمة جديدة إلى الأزمات الكبيرة التي يواجهها، ولاسيما في الانتخابات البرلمانية والتي دعت أصوات كثيرة إلى مقاطعتها، ورغم ارتفاع أرقام الإصابات، فإن أوساطا نيابية قد شككت فيها وقالت بأن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير، وقد تصل إلى 50 حالة وفاة.
ومن جانبه، فقد اتهم أحمد أمير يبادي فرحاني، النائب من مدينة قم الإيرانية، التي ينتشر فيها الفيروس بشكل كبير، السلطات بالتأخر في إعلان الإصابات، حيث وصف الوضع هناك بالسيئ، مشيرا إلى أن بعض المتخصصين في الرعاية الصحية قد غادروا المدينة.
بينما لا يرى إيرانيون أن الحكومة تنجح في السيطرة على كورونا، حيث يطالبون بفرض الحجر الصحي على قم، غير أن وزير الصحة الإيراني لا يرى أي مدعاة للأمر، بل يعتقد أن الإيرانيين متفهون ویراعون من تلقاء أنفسهم القواعد الصحیة، ويطبقون الحجر الصحي في منازلهم، في حين دعا الوزير الإيراني سكان قم إلى عدم مغادرتها، وأيضا سكان باقي المناطق الإيرانية إلى عدم زيارة المدينة.
خطر يواجه دول الجوار
إن إخفاء السلطات مدى انتشار الفيروس بين المواطنين، قد أدى إلى تحوله إلى تهديد يصل إلى دول الجوار، حيث أثار مخاوف دولية نتيجة عدم الثقة في الإجراءات التي تتخذها إيران في هذه الأزمة.
وقد أعلنت بذلك السلطات العراقية في مدينة النجف جنوبي بغداد، يومه الاثنين، عن أول إصابة بفيروس كورونا لمواطن إيراني دخل إلى البلاد، وذلك قبل قرار منع دخول الإيرانيين قبل ثلاثة أيام.
كما انتقل فيروس كورونا إلى الكويت والبحرين، يومه الاثنين، حيث أعلن عن أربع إصابات مؤكدة لأشخاص عائدين من إيران، من بينهم سائق بحريني لتوصيل طلاب، الأمر الذي دفع السلطات إلى إغلاق 3 مدارس.
وقد قالت وزارة الصحة الكويتية بأن الفحوصات الأولية التي تم إجراءها لقادمين من مدينة مشد الإيرانية قد أسفرت عن وجود ثلاث حالات تحمل نتائج مؤكدة، غذ أن الحالة الأولى هي لمواطن كويتي يبلغ من العمر 53 عاما، والثانية لسعودي (61 عاما)، والثالثة لغير محدد الجنسية (21 عاما). وقد ذكرت وزارة الصحة السعودية في بيان بأن مواطنها سيبقى في الكويت لحين شفائه.
في حين أعلنت وزارة الصحة البحرينية تسجيل أول إصابة مؤكدة بالفيروس لمواطن بحريني قادم من إيران، حيث تم الاشتباه بإصابته وظهور أعراض الفيروس عليه وتم نقله فورا للعلاج والعزل في مركز صحي.
وأعلنت أيضا سلطنة عمان تسجيل أول إصابتين بفيروس كورونا، حيث أشارت إلى تعليق الرحلات الجوية إلى إيران، إذ يوجد أكبر عدد لحالات الإصابة بالفيروس خارج الصين.
وسجلت الإمارات 13 إصابة بالفيروس، تم شفاء ثلاث منها، بينما تعود آخر حالتين لزائر ايراني يبلغ من العمر 70 عاما وحالته الصحية غير مستقرة، وزوجته البالغة من العمر 64 عاما.
إجراءات حدودية حازمة
وفي وجود هذا الخطر، فقد اتخذت دول الجوار إجراءات حازمة إذ تمثلت في إغلاق الحدود مع إيران ووقف الرحلات الجوية منها وإليها، فقد أعلنت أفغانستان وباكستان وكردستان وتركيا وأرمينيا والعراق والكويت والإمارات والسعودية وعمان، غلق المعابر الحدودية مع إيران، وأيضا وقف الرحلات الجوية، محاولة بذلك منع دخول الفيروس الفتاك إلى أراضيها.
وقد أعلنت مؤسسة الموانئ الكويتية حظرا على دخول جميع السفن من إيران، وأوقفت أيضا السلطات رحلات الطيران، باستثناء رحلات خاصة بنقل المواطنين المتواجدين في إيران، وأعلن أيضا العراق الذي يدخله ملايين الإيرانيين سنويا، منع دخول الوافدين الإيرانيين أراضيه، ما عدا الدبلوماسيين.
كما قررت وزارة الخارجية الإماراتية منع سفر مواطني الدولة، لكل من إيران وتايلاند، حاليا إلى حين إشعار آخر، وذلك حرصا على سلامة المواطنين من الإصابة بفيروس كورونا، وقالت السعودية أيضا يومه الجمعة، بأنها أوقفت سفر المواطنين والوافدين إلى إيران.